في موقف غريب ومثير للتساؤلات، أقدم متزعم احتجاجات الحسيمة المعتقل ناصر الزفزافي خلال جلسة محاكمته التي عقدت أمس الثلاثاء بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، على ابتكار “أسلوب جديد” يرجو ربما من ورائه مسح أفعاله التي مازالت أيام الاحتجاجات شاهدة عليها.
وبحسب ما عاينه “برلمان.كوم” خلال جلسة محاكمة أمس، فقد تفاجأ كل الحاضرين بالجلسة، من انقلاب موقف الزفزافي تجاه قوات الأمن 180 درجة كاملة، من تحريضه إبان الاحتجاجات لكل التابعين له ودعوته لهم للاعتداء على قوات الأمن، الذين كان يصر على وصفهم في فيديوهاته الفيسبوكية بأقبح الأوصاف باللغة الريفية وأحيانا بالدارجة، تماما كما اعتاد انتقاد ومهاجمة كل مؤسسات الدولة المغربية، ليصبح اليوم وكأنه “حمل وديع” يأسف لما أصاب حوالي 700 عنصر من قوات الأمن العمومي، من إصابات خطيرة وصل بعضها حد العاهة المستديمة، وبأسلوب تضامن غير مفهوم.
عدد من المصدومين من موقف الزفزافي اعتبروا هذا الأسلوب مرفوضا ومردودا عليه من الثانية الأولى، خصوصا إذا كان الزفزافي يعتقد بنجاح هذه الطريقة، لجلب تعاطف المحكمة معه، هذا إن لم يكن الأسلوب ذاك وسيلة استهزاء بالضحايا الراقد جلهم بالمستشفيات العسكرية بالمملكة، وبعائلاتهم التي تجرعت ولازالت مرارة إصابة أبنائها الذين لبوا فقط نداء حماية الوطن من مخططات المخربين.
فإذا كان الزفزافي يعتقد اليوم أو كما أوحى له ربما بعض محاميه أو مقربيه، بأن أسلوب التعاطف المزور ذاك مع ضحايا الاحتجاجات الفوضوية من قوات الأمن، قد يجنبه مساطر القانون ومخاطر العقوبات الجاري بها العمل، فإنه فعلا واهم كل الوهم، وحالم بما لا يمكنه أن يكون حلما ورديا، ونموذجه في ذلك “الصحفي المناضل” حميد المهداوي الذي كانت تصريحاته نكتة أخرى في جلسة محاكمة أمس، عندما تدخل قائلا “حنا ماشي مساخيط الملك حنا مرضيين ديالو، وأنا ولد الملك”، وهو الذي مازالت فيديوهاته المنتقدة بحدة لشخص الملك منتشرة طولا وعرضا بـ”اليوتيوب”.
قد يكون للجبن والجبناء تعريفات كثيرة، لكن يبدو أن هؤلاء “الهؤلاء” أمعنوا بشدة وفاقوا كل أصناف الجُبن، بعدما كانوا يدّعون الشجاعة والقوة، وصاروا اليوم يطلبون من القضاء أن يمتعهم بالبراءة انطلاقا من تعاطفهم المصطنع مع الضحايا، بمنطق دموع التماسيح، متناسين بأن آخر شيء يمكن للقضاء المستقل أن يضعه في حسبانه وهو ينتزع حقوق المتضررين من المعتدين، هو العواطف والأحاسيس والتزلف والتطبيل المتأخر.