الأخبارسياسةمستجدات

مهاجر مغربي بكندا يرصد تمايز قوات الأمن المغربية عن شرطة نيويورك

الخط :
إستمع للمقال

“كيف ترون أنفسكم رجال شرطة بمدينة نيويورك؟” هذا هو السؤال الودي الذي طرحناه على مجموعة من رجال الشرطة المكلفين بحماية الأمن العام للمدينة العملاقة. وما جعل السؤال وديا هو طلبنا أن يتفادى الرد الشعارات الكبرى من قبيل “من أجل الخدمة والحماية” “To Protect and To Serve” التي ترصع سيارات الشرطة.

إجابة أحدهم كانت سريعة ودون تردد: “أن أبقى حيا” “To Survive”. لم يكن الرد مفاجئا بقدر ما كان يرسخ فرضية تأثير البيئة على نمط التفكير، في مدينة المتناقضات: مدينة الجريمة والعنف، مدينة الحي المالي العالمي في ملتقى شارع “وول ستريت” بمنهاتن، قرب مرفأ المدينة العملاق، مدينة الفقر والثراء، مدينة النار والثلج كما وصفها متيمون آخرون، مدينة تعج بالفئران وأكوام “الأزبال” كل مساء، مدينة الشارع الخامس حيث نجوم السينما والفن.

“من حق المغاربة، بل من واجبهم أن يفتخروا بأمنهم بدون تردد أو مركب نقص”.

لا نملك في هذه المرحلة سوى دقة الملاحظة التي ترجع بنا للوراء حينما كان يردد بعض رجالات الأمن الشرفاء في بلدتي عين بني مطهر -نواحي وجدة- نفس الجواب ولكن بصيغة أخرى.

لم يكن هاجس “أن أبقى حيا” يشكل ذلك المبتغى المنشود، بل كان هؤلاء يرددون عبارة أخرى أكثر “روحانية” وبعد أخذ نفس طويل يصرحون “اللهم أكمل واجبي بخير حتى أذهب لبيتي مرتاح البال لأنني لم أظلم أحدا ولم أحتقر الفقراء..”.

نعم إنه “البقاء حيا” بصيغة أكثر روحانية، بقاء الضمير حيا، هكذا كان هؤلاء وغيرهم من الشرفاء الذين توكل لهم مسؤولية حفظ الأمن وتسيير شأن المدينة، يخشون لحظة الخلوة مع ذواتهم حينما تطرق أدمغتهم معاول التأنيب والندم.

إن الحديث عن المسؤولية هو حديث بالدرجة الأولى عن رجال ونساء يؤمنون بأمل التغيير ويعيشون معانيه حتى وإن عانوا في بداياتهم لأنهم يباشرون التغيير في ذواتهم أولا. بمعنى آخر أن تكون مسؤولا هي عقلية عفوية ساكنة في جينات البشر متأصلة في التكوين الأسري العفيف. أن تكون مسؤولا ليست وصفة يمكن استيرادها أو فرضها أو استنباتها.

السؤال الودي لشرطة نيويورك يحيلنا على أن نتأمل صفة “الأمانة” في العمل. لا فرق بين شرطي في نيويورك وشرطي آخر في عين بني مطهر، في مديونة  أو السمارة. يحق لكل مغربي كما جاء في خطاب العرش الأخير “بل من واجبهم أن يفتخروا بأمنهم بدون تردد أو مركب نقص”. يحق لأطفالنا في المدرسة المغربية الافتخار لكي يحلم أن يكون رجل شرطة في المستقبل.

“أن أبقى حيا” تعبير عن خوض “حرب” في ضل تشنج العلاقة بين شرطة نيويورك والمتظاهرين الذين ينتفضون بين الفينة  والأخرى ضد المعاملة “العنيفة” اتجاه داكني اللون وارتفاع وثيرة التمييز فيما بات معروف بظاهرة التنميط العرقي Racial Profilling.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى