الأخبارسياسةغير مصنفمستجدات

عودة المغرب للاتحاد الافريقي، انتصار لاستراتيجية افريقية يقودها الملك بحنكة وتبصر – شهادة الكاتب و الصحفي السينغالي أداما غاي

الخط :
إستمع للمقال

كل المؤشرات تؤكد أن القمة الافريقية الـ28 التي ستنعقد بأديس أبابا يومي 30 و31 يناير الجاري، ستتبنى طلب المغرب العودة إلى الاتحاد الافريقي، خاصة بعد أن اكتملت العناصر الداعمة للمبادرة المغربية، وفي مقدمتها مساندة الأغلبية الساحقة للدول الافريقية لهذا الطلب ومصادقة البرلمان المغربي بغرفتيه على الميثاق التأسيسي للمنظمة القارية.

والواقع أن تحقيق هذا الهدف هو تتويج لاستراتيجية إفريقية محكمة ومفكر فيها، نهجها المغرب في علاقاته مع الدول الافريقية منذ عدة سنوات وسهر على تنفيذ مراحلها الملك محمد السادس. وتعود الخطوى الأولى في هذه المبادرة إلى شهر يوليوز 2016، عندما وجه العاهل المغربي رسالة إلى القمة الافريقية (27) المجتمعة من 17 إلى 18 يوليوز بالعاصمة الرواندية كيغالي، يعلن فيها قرار المغرب العودة إلى الاتحاد الافريقي.

ومن تداعيات هذه الخطوة توالي تأييد غالبية الدول الافريقية للطلب المغربي، على الرغم من الضغوط والعراقيل التي حاولت الجزائر ورئيسة مفوضية الاتحاد وضعها للحيلولة دون أن يأخذ هذا الطلب مجراه الطبيعي.

Adama Gaye : المغرب يثأر لنفسه

من بين كتاب الرأي الذين اهتموا بعودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي، الكاتب الصحافي السينغالي أداما غاي (Adama Gaye)، أحد المحللين السياسيين المرموقين على الساحتين السينغالية والافريقية، الذي تناول هذا الموضوع في مقال نشره بعد قمة كيغالي في يوليوز الماضي، أبرز فيه أن المغرب بعد 32 سنة من انسحابه من منظمة الوحدة الافريقية في ظروف معاكسة لتطلعاته آن ذلك ، ها هو اليوم “يثأر لنفسه” ويعود إلى الاتحاد الافريقي.

وقال الكاتب في هذا المقال الذي حمل عنوان:” ثأر المغرب” (La revanche du Maroc)، إن القمة الافريقية السابعة والعشرين بكيغالي (17-18 يوليوز2016)  ساهمت على الأقل في إظهار إلى أي مدى أصبحت خطوط المعركة الأيديولوجية تتحرك في القارة الافريقية، وهو ما أكده المغرب خلال هذه القمة.

وبعد أن أشار الكاتب إلى أنه ليس هناك من كان يستهين بإرادة المغرب في العودة إلى المنظمة القارية لاستعادة مقعده، بعد انسحابه منها سنة 1984 عندما بدا أن إفريقيا قد تبنت قضية “الجمهورية الصحراوية”، أوضح أنه بعد جدل حاد مالت القارة في ذلك الوقت لصالح “تقرير مصير الشعب الصحراوي”، الأمر الذي مثل انتصارا لجبهة “البوليساريو”، التي انتصرت في المعركة الديبلوماسية ضد المملكة المغربية، التي كان البعض آن ذلك يتهمها بانتهاك حقوق الانسان وبتقربها في ظروف مشبوهة من الاتحاد الأوروبي.

هزيمة المغرب سنة 1984 تركت شعورا بالألم لدلى الأفارقة الذين يدركون ما قامت به الرباط من أجل استقلال افريقيا.

وأضاف أداما غاي أن “إهانة المغرب” جعلت العديد من الأفارقة يشعرون بالألم، خاصة أولئك الذين كانوا يدركون الدور الذي لعبته الرباط في بناء المجموعة الافريقية وتبنيها لحركات الاستقلال في القارة مع مجموعة الدار البيضاء، التي ساهم المغرب في إنشائها من أجل المطالبة بسرعة تحقيق وحدة إفريقية.

و”على العكس من ذلك، يقول غاي، كان أنصار الاندماج الافريقي المتدرج المجتمعون في معسكر غير التقدميين تحت اسم مجموعة مونروفيا، الحلفاء غير الطبيعيين بمعية القوى التقدمية، كانوا مرتاحين للهزيمة التي لحقت بأمة (المغرب) يعتبرون أنها لا تنتمي سوى جغرافيا إلى إفريقيا، لأن لها تطلعات ثقافية عربية وجيوسياسية نحو أوروبا”.

وتابع الصحفي السينغالي أن هزيمة المغرب آن ذاك كانت “أكثر مرارة، لأنها تعني انتصار خصمه، الجزائر، القوية بمواردها الطاقية التي كانت تباع بأسعار جد مرتفعة، وكذا بدبلوماسيتها الثورية التي قادها باقتدار لمدة طويلة أحد الوجوه التي خاضت في أواسط السبعينات النضال من أجل نظام اقتصادي عالمي جديد، وهو ليس سوى عبد العزيز بوتفليقة وزير خارجية الجزائر في ذلك الوقت”.

المغرب ينتصر في كيغالي وبوتفليقة المريض فوق كرسيه المتحرك صار رمزا كاريكاتوريا سيئا لما آلت إليه بلاده

ويستطرد الكاتب الصحفي السينغالي أن انتصار المغرب في قمة كيغالي، جاء في وقت “وجدت فيه الجزائر نفسها مكبلة بسبب تهاوي أسعار البترول والغاز ولم تعد نتيجة لذلك إلا كظل نفسها، كما أن وزيرها المشهور في الماضي، أصبح الآن الرئيس بوتفليقة، لكنه تحول إلى رجل فوق كرسي متحرك، وهو بذلك يجسد رمزا كاريكاتوريا سيئا لوضع بلاده.

بالإضافة إلى ذلك فإن خطاب اليسار الذي كانت تجسده الجزائر في السابق، صار بمرور الوقت يتحول إلى خطاب ليبرالي، وهو ذات الخطاب الذي يتم ترديده في حكامة الدول.

وتابع الكاتب أن المغرب ركب هذه الموجة، فقدم نفسه كمدافع عن نوع من الليبرالية الدينامية المتحركة، مبرزا أن “ديبلوماسيته الافريقية النشيطة”، التي كان من بين أهم نتائجها إنشاء المركز المالي للدار البيضاء (Casablanca City Center) الذي يعتبر أكبر مركز مالي على المستوى الافريقي، ساعدته على تحقيق تطلعاته، فكانت كفيلة بتحقيق المطلوب.

المغرب ينتصر لرؤية استراتيجية متشبعة بالروح الافريقية

وقال أداما غاي إن مؤسسات المغرب ومقاولاته الرائدة في مجال الصناعة والتجارة، اتجهت إلى غزو القارة الافريقية، بينما تعمل شركته الوطنية للطيران (الخطوط الملكية) على اختراق سموات القارة. “إنه انتصار لرؤية استراتيجية متشبعة بالروح الافريقية بما في ذلك اللجوء إلى اللقاءات الديبلوماسية التي تتمحور حول افريقيا”، يضيف غاي.

قبل أن يتابع “بل أن المغرب نجح في أن يتم اختياره ليحتضن أهم صندوق للاستثمار في إفريقيا، وهو صندوق ” Africa50″، بينما تم التخلي عن الجزائر وهي في حالة ذهول، حيث تجد صعوبة في التخلص من سمعتها السيئة كبلد داعم للإرهاب. وبينما ظلت الجزائر تنام على أمجادها الغابرة، تمكنت الرباط من الاستفادة من دروس الماضي في سبيل الاستحواذ على قلوب وعقول الافارقة”.

بفضل ذكاء وحرفية الملك محمد السادس تغير الوضع رأسا على عقب

وكتب الصحفي السينغالي أنه بفضل ذكاء وحذاقة وحرفية الملك الشاب محمد السادس، استطاع المغرب تغيير الوضع رأسا على عقب، مبرزا أن زيارات الملك المتوالية في ربوع افريقيا وخطبه وقدراته على التضحية والفداء في تجاوز بعض المآخذ على المغرب، مثلما كان قبل سنتين عندما امتنعت الرباط عن تنظيم كأس افريقيا للأمم في كرة القدم خوفا من وباء “أبولا”.

من جهة أخرى، اعتبر أداما أن هناك حدثين، كان لهما بالغ الأثر على تحول الوضع لفائدة المغرب ،أولهما صورة الثراء والغنى الفاحش التي ظهر بها هؤلاء القادة الصحراويين (البوليساريو) ، الذين أصبحوا ينعمون بالإقامة في الفنادق الفخمة في الوقت الذي فقدوا فيه مصداقيتهم .

الحكم الذاتي كما يقدمه المغرب أحسن حل لظاهرة الانفصال في افريقيا

ويتمثل الحدث الثاني ، حسب الصحفي السينغالي، في كون الحركات الافريقية ذات النزعة الانفصالية كانت تبعاتها “كارثية” على القارة ، مستدلا عي ذلك بكون آخر دولتين إفريقيتين نشأتا نتيجة الانفصال، هما جنوب السودان التي تعرف حربا أهلية،  وإرتيريا، وهي نظام مفرط في الدكتاتورية ،مبرزا أن هذين المثالين يعدان أحسن تبرير للمطالبة بأشكال فدرالية مع حكم ذاتي موسع ، مثلما يقترحه المغرب، كحل لمشكل الصحراء.

وتابع أداما قائلا، “ومن هذا المنظور فإن القوى المشبوهة أو الخفية غير مرحب بها في ظل مخاطر انتشار التهديدات الإرهابية والفوضى التي تنطوي عليها هذه الحركات. وهذه الحقائق يدركها الصحراويون ويشعرون أن الرياح لم تعد تهب في صالحهم”.

المغرب مطالب بأن يكون أكثر إقناعا في المحافل الدولية

وبعد أن تساءل الكاتب هل سيعمل المغرب على الاستفادة من هذا الوضع لصالحه، قال إن هذا الأخير مطالب بأن يكون أكثر اقناعا مما كان عليه من قبل، خاصة على مستوى الأمم المتحدة، حيث يبقى مبدأ تقرير مصير الشعوب محفور الأذهان منذ أن سجله تشورشل وروزفيلت سنة 1944 في معاهدة الأطلسي عند شواطئ كندا .

وخلص الصحفي السينغالي إلى أنه مع ذلك فإن انتصار المغرب في كيغالي يمثل علامة بارزة على أن عاهله الحالي الملك محمد السادس “يمكن أن يحلم بالانتقام لوالده الراحل الملك الحسن الثاني بعد مرور 32 سنة على الهزيمة”، في إشارة إلى خروج المغرب من منظمة الوحدة الافريقي سنة 1984 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى