الأخبارسياسةمستجدات

مصدر أمني: مغالطات وتناقضات خطيرة تضمنها تقرير الائتلاف المغربي حول الحسيمة

الخط :
إستمع للمقال

في تطور لحراك الريف تم التحضير له مسبقا، انتقلت تظاهرات ساكنة الريف من أجل مطالب اقتصادية و اجتماعية إلى الجانب الحقوقي حيث أصدرت عدة جمعيات تقريرا يكاد القارئ يعتقد أنه يخص جمهورية الشيلي أيام الجنيرال پينوشي.

الجمعيات التي أطلقت على نفسها اسم “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان” أصدرت تقريرا اعتبره مراقبون مجرد محاولة ضغط يائسة من أجل الضغط على السلطات و تصفية حسابات مع الدولة بالركوب على مطالب الريفيين المشروعة.

ففي سياق “موضة” التقارير الحقوقية التي دأبت على القفز بين الفينة والأخرى من جهات وإطارات تحمل لواء الدفاع عن الحقوق والحريات في ظاهرها، وتتضمن في باطنها أسلوب التحامل وتهويل الأحداث بحثا عن موطئ قدم في كل حدث يظهر ولو على صغره، أصدر “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان” تقريرا حول أحداث الحسيمة، ضمنه الكثير من المغالطات والشحن والتناقضات التي لا تفيد في شيء غير تأجيج الوضع المستقر في ظل كل ما يكفله القانون.

مصدر أمني علق  على مضامين التقرير حول مباشرة “القوات العمومية اعتقالات عشوائية وخارج إطار القانون، في الصباح الباكر وخارج الساعات القانونية”، بأنه خلط واضح وعدم تمييز بين إجراءات الضبط والتوقيف من جهة، وإجراءات تفتيش المنازل من جهة ثانية.. إذ أن توقيف الأشخاص المشتبه فيهم، من الناحية القانونية، غير مقيّد بالمعيار الوقتي أو الزمني، خلافا لإجراءات تفتيش المنازل التي أوجد لها المشرع المغربي، كقاعدة عامة، حيزا زمنيا محددا مع وجود عدة استثناءات يمكن فيها التفتيش خارج الساعات القانونية.. كما أن الحديث أيضا عن اعتقالات عشوائية، هو كلام عام وفاقد للدقة والموضوعية، بدليل أن جميع الأشخاص الموقوفين تم التصريح بضبطهم فورا بموجب بلاغات رسمية للنيابة العامة، وتم إشعار عائلاتهم، كما أن معظمهم استفادوا من حصص المخابرة مع محاميهم، ومن الاتصال الهاتفي مع ذويهم، وهذه كلّها وقائع موثقة بمحاضر قانونية وإجراءات قضائية.

المصدر الأمني استغرب كذلك عدم تضمن “التقرير إشارة إلى عدد المحامين الذين زاروا الموقوفين خلال فترة الحراسة النظرية؟ والإغفال عن استعراض ظروف وكيفيات إجراء هذه المخابرة؟ ولماذا تغاضى متعمدا عن الخبرة الطبية المنجزة على حالات التعذيب المزعومة؟ مع العلم أن هذه المعطيات الجوهرية كلها تندرج في إطار ضمانات المحاكمة العادلة.

المصدر تطرق لما قال عن التقرير أنه “إفادات وشهادات تزعم أن عددا من المعتقلين تم نزع ملابسهم داخل سيارات الشرطة، والسماح لمرافقيهم بالاطلاع على عوراتهم، كما تم تجريدهم من نقودهم.. وهي اتهامات نابعة، وتتماهى، مع الصور المفبركة التي صدرت في بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لضحايا في سوريا وفلسطين وتم تقديمهم على أنهم من نشطاء الحسيمة”.

ويفيد المصدر الأمني بأن “الذين أشرفوا على إجراءات التوقيف هم ضباط للشرطة القضائية تتوافر فيهم الصفة الضبطية، ويخضعون لسلطة النيابة العامة في جميع الإجراءات القضائية التي يباشرونها، وهو ما يجعل الحديث عن “الطابع الانتقامي للتوقيفات” الذي تحدث عنه “التقرير” مجرد مزاعم بعيدة عن الواقع.. بالإضافة لمزاعم اتهامات مفادها تسجيل حالات مزعومة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو الحاطة من الكرامة في صفوف المعتقلين.. رغم أن خبرة طبية أجريت على جل الموقوفين، سواء بطلب منهم أو من محاميهم أو تلقائيا من طرف قاضي التحقيق.. والتي ستكون نتائجها، بعد رفع سرية التحقيق عنها، حاسمة بخصوص مزاعم التعذيب”.

ويتابع المصدر أنه “وبالرجوع إلى التصريحات الإعلامية التي أدلى بها عدد من ممثلو الدفاع عن ناصر الزفزافي ومن معه، خلال الأيام السابقة، نجد أنهم أكدوا بأن موكليهم تلقوا معاملة قانونية خلال فترة الوضع تحت الحراسة النظرية، خاصة لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهو ما يؤكد بأن التعذيب غير قائم بالمفهوم القانوني.. وهو ما تؤكده صياغة ملغومة تفتح الباب أمام جملة من التأويلات المغرضة عندما قدّم عدة روايات متناقضة لواقعة اندلاع الحريق في بناية مخصصة لإيواء عناصر الشرطة، بشكل يحمل على الاعتقاد بأن مسؤولية نشطاء الحراك غير قائمة خلف هذه الأحداث الإجرامية.. إضافة لزعم الائتلاف أن هناك روايات عديدة تؤكد أن “أحداث إمزورن هي من صنع وتدبير الجهات الأمنية وأنه يجب فتح تحقيق لتحديد المسؤولين عنها”، وهذه سابقة حقوقية خطيرة، كونها تنطوي على تشكيك صريح في عمل أجهزة العدالة الجنائية، واستهداف واضح لمشروعية المساطر القضائية المنجزة في تلك الأحداث”.

مزاعم التقرير أيضا بخصوص ما أسماها “انتهاك حرمة المؤسسات التعليمية”، والتي قال فيها أنه توصل بشهادات تفيد استغلال مؤسسات تعليمية لإيواء القوات العمومية.. اعتبره المصدر الامني تناقضا كبيرا ومسألة غير سليمة في صياغة التقارير الحقوقية، فضلا عن تضمن البند اتهامات باطلة على اعتبار أن قوات حفظ النظام لم يتم إيواؤها في أية مؤسسة تعليمية بالحسيمة، لسبب بديهي وهو أن الاحتجاجات تزامنت مع فترة الدراسة التي كانت فيها المدارس تعمل بشكل اعتيادي، باستثناء مرفق إداري واحد هو الذي تم استغلاله بعدما أصبح شاغرا، بسبب نقل نيابة التعليم التي كانت به في السابق إلى مقر جديد.

ولم يفت المصدر أيضا التنبيه على أن تجريح “تقرير الائتلاف” في صحة المؤشرات الرقمية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية بخصوص عدد المصابين في صفوف عناصر الأمن، عبر الإدلاء بأرقام منخفضة لعدد الضحايا.. يؤشر على أن “الائتلاف ينظر إلى هؤلاء الضحايا كأرقام وبيانات إحصائية وليس كأشخاص جديرين بالحماية الحقوقية” في تخلّ جلي عن قواعد الحيادية والتجرد.. بالإضافة لمزاعم تقول بأن السلطات العمومية لجأت إلى الاستعمال المفرط للعنف لفض “تجمعات سلمية”، مستعملة القنابل المسيلة للدموع وشاحنات ضخ المياه والعصي، لكن تعذر عليها تقدير عدد المصابين، وهو كلام مردود عليه، على اعتبار أن معظم الإصابات المسجلة كانت في صفوف عناصر القوة العمومية، وهذا بشهادة أعضاء الائتلاف أنفسهم الذين صرحوا للإعلام بإصابة أكثر من 90 أمنيا، وإن كان هذا الرقم قد طاله تبخيس كبير جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى