

مع حلول الشهر الفضيل، يستعرض موقع “برلمان.كوم” لقرائه الأعزاء أشهر الأحداث التاريخية التي وقعت خلال شهر رمضان الأبرك، وبقيت راسخة في الأذهان، وذلك عبر سلسلة تحمل اسم “أحداث وقعت في رمضان”.
وسنتطرق خلال السلسلة الرمضانية، كل يومي الأحد والثلاثاء، لأبرز الأحداث التارخية التي جرت خلال شهر رمضان المبارك، وكان تأثيرها كبير على الإسلام والمسلمين.
وتتطرق الحلقة الأولى من سلسلة “أحداث وقعت في رمضان” لذكرى نزول القرآن الكريم، حلقة الوصل بين العباد وخالقهم، نزل به الروح الأمين، على قلب رسوله الكريم بالحق ليكون للعالمين نذيراً، وهادياً ونصيراً، قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا} (النساء: 174).
مراحل نزول القرآن الكريم
القرآن الكريم آخر الكُتُب السماويّة التي أنزلها الله على رُسُله؛ لتكون حُجّةً على الناس، ودليلاً على صِدق أنبيائه، ورُسُله؛ قال -تعالى- في وَصف القرآن الكريم: (إِنَّ هـذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا)، وقد كان نزول القرآن الكريم على مرحلَتين، هما:
المرحلة الأولى: نزول القرآن الكريم كاملاً إلى بيت العزّة في السماء الدُّنيا؛ وقد دلّ على ذلك النزول قَوْله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، إذ نزل القرآن الكريم في المرحلة الأولى في شهر رمضان المبارك، وتحديداً في ليلة القَدْر؛ قال -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
المرحلة الثانية: نزول القرآن الكريم مُفرَّقاً عن طريق أمين الوَحي؛ جبريل -عليه السلام-، على قلب الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ ودلّ على ذلك قَوْله -تعالى-: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا).
أسباب نزول القرآن الكريم
يُعرّف سبب نزول القرآن الكريم بأنَّه: ما نزل من الآيات الكريمة المرتبطة بحدثٍ معيّن أو سبب خاصّ، أي إنّ هذه الآيات جاءت لتجيب عن تساؤلات الحادثة الواقعة، أو الأسئلة الموجّهة للرسول -صلى الله عليه وسلّم-. وبمعنىً آخر يُقصد بسبب النزول: العلم الذي يُعنى بالبحث عن مكان أو زمان وقوع حادثة تحدَّثت عنها آية أو سورة؛ كحدوث خطأ ما، أو وقوع خصومة ما، أو سؤالٍ حصل في الماضي أو سيحصل في المستقبل.
إجابة على سؤال
إنّ من صور أسباب نزول القرآن الكريم الإجابة على السؤال، فالكثير من الأسئلة التي كانت تُوجّه للرّسول -عليه الصلاة السلام- في أمرٍ معيّن، وكان يُنَزلُ الوحي لجبريل -عليه السلام- بالآيات التي تجيب عن هذه الأسئلة، وتبدأ غالباً بـِ: “يسألونك عن”، ومن الأمثلة على ذلك السؤال عن أحكام الحيض، والأحكام المتعلقة بشارب الخمر، وغيرها من الأمثلة التي نزل فيها القرآن بالإجابة عليها.
كيفية نزول القرآن
من الأمور التي تستوقف المؤمن وتلح عليه بالسؤال، كيف نزل القرآن الكريم، وما هي المراحل التي استغرقها نزوله، وهل نزل جملة واحدة، على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم نزل على فترات متباعدة؟.
وبحسب ما ذكر أهل العلم، فنزول القرآن الكريم من عند الله سبحانه وتعالى على قلب رسوله كان على فترات متقطعة، ولم ينزل عليه جملة واحدة. وقد كان كفار قريش يتشوقون إلى نزوله جملة واحدة، كما أخبر عنهم الله تعالى، فقال: {وقال الذين كفروا لولا نزِّل عليه القرآن جملة واحدة} (الفرقان:32)، إلا أن الله سبحانه -وهو أعلم بما هو أوفق لرسالته وأصلح لعباده- أراد أن ينـزل القرآن مفرقاً؛ وذلك لحِكَم متعددة، منها ما ذكره سبحانه في الآية نفسها، فقال: {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً} (الفرقان:32)، فتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم كان حكمة بالغة من الحِكَم الذي نزل لأجلها القرآن مفرقاً.
ومن الآيات التي تبين أن القرآن نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم مفرقاً – إضافة للآية السابقة – قوله تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} (الإسراء:106) وفي هذه الآية حكمة أخرى من نزول القرآن مفرقاً، وهي نزوله على تمهل؛ ليكون ذلك أدعى إلى فهم من يسمعه ويستمع إليه.
أما عن القدر الذي كان ينزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصحيح الذي دلت عليه الأحاديث أنه كان ينزل على حسب الحاجة أو الواقعة، فقد كان ينـزل عليه خمس آيات أو عشر أو أكثر من ذلك أو أقل، وربما نزل عليه آية واحدة أو بعض آية. وقد صح في الحديث المتفق عليه نزول آيات قصة الإفك جملة واحدة، وهي عشر آيات من قوله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك} إلى قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمة وأن الله رؤوف رحيم} (النور:11-20).