

أثيرت في الشهور الأخيرة لسنة 2022 مسألة تمديد ولاية مكتب المجلس الوطني للصحافة، وما رافقها من نقاش تميز في غالبيته برفض هذا التمديد، والمطالبة بتطبيق المرجعية القانونية التي تؤطر انتخاب هذا لمجلس مع ضرورة احترام مسطرة تكوين مكتبه.
ولعل النقاش الذي أثاره هذا القرار لا يجب أن يكون بمثابة الشجرة التي قد تخفي عن أعيننا الغابة بكاملها، فالمشهد الإعلامي المغربي في حاجة ماسة إلى ديمقراطية شفافة تعطي المثال لباقي الهيئات. إذ العيب كل العيب أن تكون الصحافة في مقدمة المنتقدين للاختلالات والانحرافات الهيكلية والمؤسساتية، بينما تعاني هياكلها المسيرة، ومكاتب جمعياتها المنتخبة، من سوء انتخاب وتسيير وتدبير، ومن نقص حاد في تمثيلياتها التي يجب ان تضم كل المنابر الإلكترونية والمكتوبة والتلفزية والاذاعية، بل ويلاحظ أيضا أنه يتم الالتفاف على مسطرة تجديدها.
وانطلاقا من غيرة الصحفي على مهنته، وعلى مؤسساته، فإن المطالب التي رفعت بخصوص احترام مسطرة تكوين مكتب المجلس الوطني للصحافة تبدو موضوعية ومعقولة، كي لا تذهب الرياح العاصفة في بداية 2023، بكل ما جنته نضالات المهنيين، الذين منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، على أن “لا يبدلوا تبديلا”، وأن تظل الآمال مفتوحة في المرحلة المقبلة على ضرورة إقرار إصلاح جاد وجدي، للهيئات المنظمة للعمل الصحفي.
نعم، فالاهتمام بديمقراطية المشهد الصحفي لا يجب أن ينسينا حكامته وضرورة تخليقه، وهنا تجدر الاشارة بأن النقاش المثار حاليا قد يخفي عن الاعين عدة ممارسات تسيئ للمهنة. فالمؤسسات التي تؤطر العمل الصحفي، مهما كانت تنتمي للقطاع الملقب بـ”السلطة الرابعة” لا يجب أن ترمي برماد هذا الانتساب على أعين الفحص والرقابة، تهربا من كل تحقيق أو تدقيق، إذ أن فحص مالية كل الجهات التي تستفيد من تمويل أو دعم من الدولة أصبح استعجاليا، ولا يجب التأخر عنه قيد أنملة.