ارتفاع البطالة يسائل برامج الحكومة قبل سنة من نهاية الولاية الانتخابية

في ظل استمرار أزمة ارتفاع الأسعار والبطالة وتوالي سنوات الجفاف التي يعاني منها المغرب، تؤكد الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، مجددا فشل الحكومة في معالجة مشكل البطالة، حيث ارتفع معدل العاطلين عن العمل ليصل إلى 13.3% في عام 2024، مما يبرز غياب أي رؤية أو سياسة ناجعة للتخفيف من حدة هذه الظاهرة، فمنذ تعيينها في 2021، لم تقدم هذه الحكومة سوى وعودا جوفاء دون أي إنجازات ملموسة على أرض الواقع، بل على العكس، تفاقمت الأوضاع وأصبح الشباب المغربي يواجه مصيرا غامضا في ظل انسداد الآفاق وغياب فرص العمل.
الأرقام التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط، تفضح عجز الحكومة عن إيجاد حلول حقيقية لمعضلة البطالة، حيث لم تستطع حتى الحفاظ على الوضع القائم، بل ساهمت سياساتها الارتجالية في زيادة أعداد العاطلين بواقع 58 ألف شخص خلال سنة واحدة، وهذا الفشل لا يمكن تبريره بالأزمات الخارجية فقط، بل هو نتيجة مباشرة لغياب استراتيجية حكومية واضحة، وانشغال الحكومة بمصالح نخبة رجال الأعمال بدل التركيز على خلق فرص عمل وتحقيق التنمية الاقتصادية العادلة.
وحكومة أخنوش، التي جاءت بشعارات “الدولة الاجتماعية”، أثبتت أنها بعيدة كل البعد عن تحقيق أدنى تطلعات المغاربة، ففي الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة، لا تزال الحكومة عاجزة عن اتخاذ تدابير ملموسة لإنعاش سوق الشغل، بل تستمر في سياسات ترقيعية تزيد من معاناة المواطنين، واستمرار هذا النهج، يعني أن البطالة لن تكون سوى جزءا من أزمة أشمل، في ظل غياب الإرادة الحقيقية للإصلاح والاعتماد على حلول سطحية لا تلامس جوهر المشكل.
وفي هذا السياق، أوضح المحلل الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق في تصريح لموقع “برلمان.كوم” أن الحكومة المغربية لم تتمكن من تحقيق أي تقدم ملموس في خفض معدلات البطالة، رغم الجهود المبذولة ورفع ميزانية التشغيل في قانون المالية لعام 2025، وأكد الأزرق أن البطالة لم تشهد انخفاضا بل زادت لتصل إلى 13.3% خلال عام 2024، مقارنة بنسبة 12.3% عند بداية حكومة عزيز أخنوش، مما يعكس فشلا واضحا في السياسات التنموية والتشغيلية التي تنتهجها الحكومة الحالية.
وأشار المحلل إلى أن الحكومة تواجه إشكالات هيكلية، من بينها مشكلات القطاع الفلاحي المتأثرة بالجفاف، وهي معطيات يجب الاعتراف بها، إلا أنه بدلا من تقديم برامج إصلاحية جذرية، استمر المسؤولون في تقديم أعذار متكررة لتبرير الإخفاق في معالجة مشكلات البطالة. وطرح الأزرق تساؤلات حادة حول برامج التشغيل القائمة مثل “أوراش 1” و”أوراش 2″، منتقدا عدم بُعدها التكويني واعتمادها على أشكال عمل روتينية لا ترتكز على تطوير الكفاءة والمهارات اللازمة لسوق الشغل العصري.
وأشار المحلل إلى أن الفشل في توفير فرص العمل ليس مقتصرا على سياسات الحكومة فحسب، بل يمتد إلى القطاع الخاص الذي يبدو غير قادر على استيعاب الزيادة في معدلات البطالة، وطرح تساؤلا أساسيا حول طبيعة البطالة في المغرب، حيث دعا إلى تحليل نوعي يميز بين البطالة الناتجة عن ضعف التكوين والشهادات العليا، وبين البطالة العادية أو تلك الناتجة عن التراكم السكاني في المناطق القروية التي تواجه تحديات في نقل العمالة إلى المدن.
وأكد بدر الزاهر الأزرق أن المندوبية تقدم الأرقام دون تحليل معمق، مما يترك الحكومة تتحمل مسؤولية تقديم الحلول والتفاعل بإيجابية مع تقارير ودراسات دقيقة من المؤسسات الدولية الدستورية، داعيا إلى ضرورة الإصلاح الفوري في آليات التشغيل وتوجيه أموال قانون المالية نحو برامج تخلق فرص عمل حقيقية، مشدداً على أن تأخر الإصلاح أو الاعتماد على الأعذار لن يخدم السلم الاجتماعي أو يحقق التنمية المستدامة.
وخلص بدر الزاهر الأزرق إلى التأكيد على أن السنة الحالية هي لتدارس حصيلة الحكومة الحالية، وليس بداية لمسار إصلاحي جديد، مما يستدعي تدخلا عاجلا لتدارك الوضع وإعادة هيكلة السياسات الاقتصادية بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل والواقع الاقتصادي المغربي المتغير.