
أشاد البنك الدولي بالاستراتيجية المتقدمة التي يتبعها المغرب لمواجهة أزمة المياه، في ظل تنامي الضغوط الناتجة عن التغير المناخي والنمو السكاني واتساع الرقعة الزراعية، وذلك حسب ما جاء في تقرير حديث، مشيرا إلى أن المغرب تبنّى نموذجا متنوع المصادر لإدارة موارده المائية، يجمع بين تحلية مياه البحر، مراقبة استغلال المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها.
وفي هذا السياق، سلط التقرير الضوء على إقليم شتوكة الواقع على الساحل الأطلسي، كنموذج رائد لهذا التحول، إذ تنتج المنطقة نحو 95% من الطماطم المغربية وأكثر من 85% من صادرات الخضروات، غير أن هذا الإنجاز الزراعي رافقه استنزاف مقلق للمياه الجوفية، فيما قد دفع هذا الوضع السلطات إلى اتخاذ إجراءات صارمة، من بينها حظر الضخ الإضافي وإنشاء محطة لتحلية المياه يخصص نصف إنتاجها لري الأراضي الزراعية.
وأكد التقرير، الذي يحمل عنوان “الماء من أجل الغذاء: تحسين الحوكمة والبنية التحتية لدعم الزراعة والمدن الخضراء”, أن آلاف الفلاحين في شتوكة يستفيدون من مشروع “المياه القادرة على الصمود والمستدامة في الزراعة”، ويشمل هذا المشروع تحديث شبكات الري، تركيب عدادات لمراقبة استهلاك الآبار، وتوفير استشارات تقنية حول أساليب الري الحديثة، بهدف تقليص الضغط على الموارد الجوفية وتعزيز استخدام مصادر مائية أكثر استدامة.
وفي هذا السياق، قالت المهندسة كنزة لوهابي، بحسب ما أورده التقرير، إن “منطقة شتوكة تُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي في المغرب، لكنها تواجه أزمة مائية متفاقمة”، مضيفة أن “الاعتماد على المياه غير التقليدية كالمحلاة والمعالجة لم يعد خيارًا بل ضرورة”. ووصفت المشروع بأنه “نموذج مبتكر لإدارة الموارد المائية المشتركة، يجمع بين المياه المحلاة، السطحية، والجوفية”.
وأشار التقرير أيضا إلى البرنامج الوطني الشامل “الأمن المائي والقدرة على الصمود”، الذي يغطي ستة أحواض مائية تمثل 75% من الناتج المحلي الإجمالي، ويهدف البرنامج إلى تأمين 20 مليون متر مكعب من مياه الشرب و52 مليون متر مكعب من المياه المعالجة سنويا بحلول عام 2030، مع التركيز على تحسين الحوكمة المائية وكفاءة الاستخدام ودمج الموارد غير التقليدية.