التسوية الطوعية للوضعية الجبائية تثير قلقاً كبيراً في صفوف المغاربة.. وخبير يكشف التفاصيل

أثارت دعوة المديرية العامة للضرائب المواطنين إلى التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية، واستغلال الفرصة لتسوية أوضاعهم قبل انتهاء المهلة المحددة في نهاية شهر دجنبر من العام الجاري، وذلك وفقا لقانون المالية لسنة 2024، تصاعدًا كبيرا في مخاوف وهلع المغاربة، حول غموض تفاصيل العملية واحتمال تعرضهم لعقوبات مالية أو إجراءات قانونية في حال عدم استجابتهم لدعوة التسوية.
وفي هذا السياق قال رشيد الساري، خبير ومحلل اقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، “يجب أولا، التأكيد على أن هذه العملية التي نتحدث عنها اليوم لا تدخل في إطارها أربع نقاط. والأمر يتعلق بالأموال المدخرة الخاصة بالأجراء الذين يشتغلون في القطاع الخاص أو العام، الأموال المتأتية من إرث، الأموال المصرحة، أموال التعويض عن حادث أو تأمين غير معينة كذلك، أموال في صندوق التوفير أو صندوق آخر لا يهم”.
وأوضح الساري بخصوص المعنيين بهذه العملية، “نتحدث عن مجموعة من النقود العينية، أو اقتناء مجموعة من العقارات والتي لم يتم التصريح بها. مثلاً، شخص كان لديه أموال في البنك ولم يتم التصريح بها، أو أنه وضعها في البيت وهذه الأموال لم تخضع لأي ضريبة”. مبرزا أنه حتى لا تكون هناك متابعة فيما بعد 31 دجنبر 2024، فالعملية سهلة، هو أن يتم التصريح برقم جوزافي، أي أنه تضريب جوزافي وهو صغير يصل إلى 5% ولا يتعداها.
وبخصوص المعنيين بالأمر، قال الساري، “نتحدث عن أشخاص ذاتيين كانت لديهم مجموعة من الأموال، لكن لم يتم تصريحها أو إيداعها وحتى إن تم إيداعها داخل البنك لم تتم أي إجراءات ضريبية”. مضيفا، “أو شخص آخر مثلاً اشترى سيارة، أو عقار واشتراه بالنقود العينية، أي أنه لم تكن هناك مسطرة عبر البنك أو عبر الشيك البنكي أو عبر الأداء الإلكتروني”. مفسرا ذلك بأنه إذا لم تتم هذه العملية وكانت العملية نقدية، في هذه الحالة يتم التصريح بما يمتلكه، كيفما كانت هذه الإقتناءات، علاوة على هذه النقود التي لم يكن يصرحوا بها.
وأضاف الساري أن السؤال المطروح، باعتبار أن الإشكال الحقيقي المطروح اليوم ليس في هذه العملية، لأن هذه العملية تبدو سهلة، لكنه في السرية التي يتخوف منها البعض.
وفي جوابه عن سؤال مدى سرية هذه العملية، أوضح الساري أنه من المؤكد أن هناك سرية لأن الأبناك لن تصرح بأسماء الأشخاص الذين قاموا بهذه العملية. مردفا، صحيح أنه ستتم عملية خسر 5% من هذه الأموال، ولكن البنك يشترط عليها أن تدفع هذه الضرائب للمديرية العامة للضرائب، في حين لا يجب عليها الإعلان عن الأشخاص الذين قاموا بهذه العملية، وبالتالي فالعملية اليوم تدخل في إطار السرية.
وتابع المحلل الاقتصادي، أنه من بين الذين يجب أن يدفعوا هذه الضريبة كذلك داخل الشركات، هو الحساب الجاري للشركاء، حيث من الممكن إذا لم يتم التصريح بهذه العملية بين هؤلاء المتعاملين بين من اقترض وبين من أقرض،
فاليوم هناك إمكانية أن يكون خصم فقط 5%.
وفي جوابه عن استفسار بخصوص إذا ما لم يتم هذا الإجراء في أفق 31 دجنبر 2024، ما الذي سيترتب عن ذلك، قال الساري أنه سوف تكون هناك تضريب أولي وهو %30، ويمكن إذا كانت المبالغ كبيرة أن تصل إلى %37. مشيرا أن %37 هي الضريبة على الدخل التي سوف يتم تطبيقها برسم قانون المالية سنة 2025، والتي سوف يتم تطبيقها ابتداء من 1 يناير 2025.
وأضاف الساري أن هناك من يقول كذلك لماذا هذه العملية هي استثنائية ولأول مرة في تاريخ المغرب. موضحا بأن هذه العملية ليست هي الأولى في تاريخ المغرب، سبقتها عملية أولية كانت سنة 2020، ولكن لظروف أنها كانت أتت بالموازاة مع الحجر الصحي وكان هناك الوباء، فهذه العملية لم يتم الاستمرار فيها ولم يكتب لها التوفيق، لأنه كانت هناك إكراهات مرتبطة بالوباء. وبالتالي فاليوم المغرب ليست هذه هي المرة الوحيدة التي قام بهذه العملية.
وشدد المحلل الاقتصادي على أن هذا الإجراء تبعاته مهمة، و “تتجلى أولا في حماية ذلك الشخص الذي لن نسائله من أين أتى له هذا، أو منبع الأموال التي يتوفر عليها، حيث يتم تضريبها فقط برقم جوزافي، والمسألة الثانية هي أن هناك مجموعة من الأموال في المغرب التي تروج اليوم نقدية ولكن للأسف لم يتم الإعلان عنها، ولم يتم التصريح بها والتي تصل إلى مبالغ كبيرة، فاليوم نتحدث على 800 مليار درهم، في حين إذا تم التصريح بها فهذا يكون أولا وقائيا لهذه الأموال وسوف تتم حمايتهم من أي متابعات أو محاسبات ضرائبية أو مراقبة ضريبية فيما بعد.
ومن جهة أخرى، أوضح الساري في تصريحه لموقع “برلمان.كوم” أن “هذه العملية سوف تمكن الاقتصاد المغربي من المساهمة في إنجاز مجموعة من المشاريع، فالتصريح بهذه الأموال يمكن أن تتحول فيما بعد إلى سندات، يمكن أن تتحول إلى استثمارات، إذن فهذه العملية هي إيجابية جدا لا داعي للهلع ولا داعي للخوف”. داعيا إلى التركيز لإسراع وإتمام هذه العملية، مشددا على أن الأموال التي تم تصرح بها اليوم وتم تطبيق 5% عليها لن تكون ضمن ذلك الإطار الذي سوف يتعرض فيما بعد للمراقبة الجبائية.