نشر موقع “العربي الجديد”، مقالا لعبد الحميد الجماهري، مدير تحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي، تحدث فيه عن التوثر العسكري بين الرباط ومدريد والجزائر، وأيضا عن المناورات العسكرية المشتركة، التي تشرف عليها الولايات المتحدة والمغرب، المعروفة باسم “الأسد الإفريقي”.
وأكد عبد الحميد الجماهري في مقاله، أنه على الرغم من أن هذه التدريبات التي تعد من التمرينات الأقوى في العالم، بدأت منذ 200، فإن إجراءها هذه السنة يكتسي دلالة خاصة، جيو- استراتيجياً وإقليمياً، تتشابك رسائله، سواء على مستوى غرب المتوسط، أو في العلاقات بين الجارين المتتاليين للمغرب، إسبانيا شمالا والجزائر شرقا.
وأوضح الجماهري، أنه كان لافتا أن المنطقة التدريبية تشمل منطقة المحبس على الحدود الجزائرية، القريبة من تندوف، معكسر “البوليساريو”، وهي التي تعتبرها الجبهة الانفصالية “منطقة محررة”، ومنها تطلق “هجماتها المتكرّرة” على الجيش المغربي، منذ تطهير منطقة الكركرات في منتصف نونبر الماضي، كما أن الرسالة كانت واضحة لدولة الجوار الشرقي، الجزائر أولا، فهي قد صفَّقت لخبر إلغاء التداريب في منطقة المحبس، الشهيرة، كما سبق لها أن أجرت مناوراتٍ عسكريةً جويةً وبريةً تحت عنوان “الحزم 2021” في تندوف عند الحدود مع المغرب، المحتضنة لمعسكرات “بوليساريو”، بإشراف رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة.
وأضاف المحلل السياسي، أنه في سياق القراءة الموجهة شرقا، فقد تزامن انطلاق التدريبات مع إطلالات إعلامية للرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وإن استمرت في إطار التوتر، إلا أنها رفعت من درجة الهجومية على المغرب، ففي حوار مع الأسبوعية الفرنسية، “لوبوان”، نشرته الأسبوع الذي ودعناه، قال الرئيس إن “القطيعة مع المغرب بدأت منذ فترة طويلة حتى أنها صارت عادية”، ولمَّح إلى احتمال وجود هجوم بالقول “سنرد إذا هوجمنا، وأشك بأن المغرب سيحاول ذلك، بالنظر إلى موازين القوى، وما هي عليه الآن”.
وأشار الجماهري إلى أن الواضح، أن القيادة الجزائرية، وهي تعيش وضعا داخليا ملتهبا، قد رأت في التوتر المغربي الإسباني، فرصةً لكي تقدم مقترحاتها عن الهجوم. وكما قال أحد المعلقين “لقد وجهت لنفسها دعوة لحضور حفلة التوتر الإسباني المغربي، من بوابة الحدود والانفصال”، وكان الصمت المغربي إزاء مواقف الرئيس تبون لافتا، خصوصا أن الرجل جعل من زيارته لزعيم “بوليساريو”، إبراهيم غالي، العائد من إسبانيا، والذي تسبّب في أزمة غير مسبوقة بين مدريد والرباط، فرصةً لإعلان الاصطفاف مع المواقف الإسبانية. وكان الصمت المغربي مزدوجا، لكن الرسائل كانت عديدة من خلال المناورات.
وكتب الجماهري في مقاله، “مما زاد من دلالة بيان الجيش المغربي في شأن المناورات أن الحليف الإسباني نفسه لم يتم استدعاؤه، على الرغم من وصفه بـ”الحليف القوي”. وقد قدم الإسبان قراءتهم لهذه التدريبات أيضا من زوايا مختلفة”. وكشفت مقالة في صحيفة “إل اسبانيول” جزءا من تفكير إسبانيا في المناورات ومواقف أميركا، فقد كتبت أن “الولايات المتحدة تريد مغربا قويا من أجل ضمان استقرار المنطقة”.
وأردف الجماهري، أن مناورات “الأسد الإفريقي” كانت موجودة منذ ما قبل التوترات الحالية، لكن السياق أعطاها معنى لم يكن واردا في البداية، وبالرغم من أن المغرب مازال في مستوى التفاعل الدبلوماسي، فإن جاريه الشرقي والشمالي، لا يتورّعان، كما ثبت أعلاه عن النزوع نحو شبكة القراءة العسكرية في معالجة الوضع.