

تُظهر الضجة الإعلامية في فرنسا بخصوص قضية الفنان المغربي سعد المجرد، المتهم أمام محكمة الجنايات في باريس بتعنيف شابة فرنسية في أكتوبر 2016، والتي قضى فيها القضاء الفرنسي ابتدائيا بست سنوات سجنا في حق الفنان المغربي، (تظهر) حجم تناقض ونفاق فرنسا وتعاملها بسياسة الكيل بمكيالين مع مثل هاته القضايا المتعلقة بقضايا تعنيف النساء أو الاعتداء عليهن، بحسب مكان وصفة المتهمين في هذه القضايا.
ففرنسا التي يتابع قضاؤها الفنان سعد لمجرد بتهم نفاها هو ودفاعه، بدلت عبر قضائها وصحافتها كل ما تستطيع لحماية حقوق الضحية الفرنسية المفترضة. لكن هذه الدولة نفسها هي من تنصب نفسها اليوم، وبنفس الصحف للأسف، للنيل من حقوق ضحايا التعنيف والاغتصاب في المغرب، والمطالبة بتسريح المتهمين في هذه القضايا عبر الانتقاص من نزاهة القضاء المغربي.
ومن أجل الوصول إلى مبتغاها وتحقيق مآربها، توظف الدولة العميقة في فرنسا كل أجهزتها ومنظماتها وصحفها وحلفائها في البرلمان الأوروبي للتشهير بالدولة المغربية، والافتراء عليها جهرا أمام أنظار العالم وضدا على الحقيقة.
ولقد أظهرت فرنسا من خلال الطريقة التي تعاملت بها مع ملفات صحافيين مغاربة تورطوا في جرائم الحق العام، أنها ليست ضد جرائم الاغتصاب وهتك العرض، ولكنها ضد المؤسسات والمصالح المغربية مهما كان نوعها.
فلا حرج تشعر به فرنسا الحديثة في الدفاع عن مرتكبي الاعتداءات الجنسية مادامت خارج حدودها، خصوصا إذا ما تبين لها أن هذه الملفات قابلة للتحول إلى اتهامات موجهة للدولة المغربية بخصوص احترام حقوق الصحافة وحرية التعبير، وبالتالي فهذه الملفات تشكل قنطرة للوصول إلى أهدافها ومصالحها وإن على حساب ضحايا تعرضوا للعنف والاغتصاب، ولازالوا إلى الآن يعانون نفسيا واجتماعيا من تبعات ما لحقهم من اعتداءات.
وانطلاقا من هذه الزاوية، يمكن لكل متتبع لهذه الملفات أن يطرح سؤالا منطقيا: لماذا لم تخرج منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن سعد لمجرد، بدعوى أنه يتعرض لمؤامرة بحكم شهرته العالمية وتأثيره في الساحة الفنية؟. ثم إن الضحية التي صاحبت الفنان ليلا إلى فندقه أشرت بشكل مسبق على مبدإ الرضى والقبول، فلماذا لا يتم استحضار نظرية المؤامرة ولو تجاوزا، وبالتالي فلا يمكن استبعاد أن تكون التهمة ملفقة؟، وتبقى هذه الأسئلة مجرد احتمالات، لا يمكن تأكيدها ولا نفيها في إطار الدفاع عن حق المتهم والضحية معا.
لكن الحقيقة التي لا يمكن التشطيب عليها هي أن قضية الفنان سعد لمجرد، كشفت الوجه الحقيقي لفرنسا ولمجموعة من المنظمات والصحف التي تدعي اهتمامها بحقوق الإنسان، هذه المنابر والمؤسسات التي كثفت من حملاتها تجاه المغرب في الآونة الأخيرة بأوامر وتعليمات من الأجهزة الفرنسية، من أجل ابتزاز المغرب وإجباره على التراجع عن المسار التنموي الذي سار فيه منذ سنوات مادام يعتمد عل قدراته وموارده وسواعده.