
في تحول دبلوماسي هام، أكدت فرنسا اعترافها بمغربية الصحراء، مما يعزز موقف المغرب في هذا النزاع الإقليمي المفتعل، هذا الاعتراف الفرنسي يعد بمثابة دعم قوي للمغرب على الساحة الدولية، خاصة وأن فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تمتلك حق الفيتو، مما يجعل لهذا الموقف المتقدم تأثيرا كبيرا في القرارات المستقبلية المتعلقة بهذا الملف.
من جهة أخرى، تواصل الجزائر تكبد هزائم دبلوماسية مدوية، حيث تجد نفسها معزولة بسبب موقفها المعادي للمغرب ودعمها لجبهة البوليساريو، في ظل الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء من قبل دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا ودول أخرى.
وقد عملت الدبلوماسية المغربية في عهد الملك محمد السادس، وفقا لتصريح مراد أحتي لموقع “برلمان.كوم” على نهج أسلوب جديد في السياسة الخارجية والدولية يعتمد على مقاربة رابح رابح، أي أن المغرب لا ولن يقدم على أي خطوة في أي مجال اقتصادي وسياسي ودبلوماسي، إلا مقابل تحقيق أرباح وعوائد لصالح البلاد، وهي الفلسفة الجديدة الناتجة عن التطور الذي عرفه المغرب في شتى المجالات، والذي أهله إلى القدرة على التعامل مع كل الدول إقليميا وقاريا ودوليا ببراغماتية مطلقة مبنية على سياسة الند للند.
فالمغرب، الذي شكل وجهة رئيسية لعدة دول من أجل الاستثمار والدخول إلى الاقتصاد الإفريقي بدون أي عراقيل، وبفضل الظروف المتميزة التي يتوفر عليها من استقرار اقتصادي، ناتج عن الاستقرار السياسي والأمني الذي لم تزعزعه أي موجات سياسية وثورية أو متطرفة بالعالم العربي. حسب قول الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض.
وأضاف أحتي أن هذا ما صرح به الملك محمد السادس، الذي أكد أن المغرب لم يعد يقبل المواقف الضبابية لدى بعض الدول تجاه الصحراء المغربية، وهذه الأخيرة التي تعتبر حسب قوله النظارة التي ينظر بها المغرب نحو العالم، وهو توجيه واضح لكل المنتظم الدولي لا سيما فرنسا التي حافظت على ضبابية وغموض موقفها لفترة طويلة، مشيرا إلى أن المغرب يحدد ويقيم طبيعة العلاقات بينه وبين البلدان من خلال موقفها من وحدته الترابية.
هذا الأسلوب الدبلوماسي الجديد، وفقا للمحلل السياسي، كانت له ردة فعل من مجموعة من الدول الأوربية منذ الإرهاصات الأولى لاعتماده، بدءا بألمانيا وإسبانيا ثم فرنسا، لكن وبفضل الخصائص التي تتميز بها الأمة المغربية من اتحاد وتلاحم وتماسك اجتماعي وتشبث حد النخاع بالمؤسسة الملكية المتجذرة المشروعية طوال قرون، مكنت المغرب من مواصلة الطريق وعدم التأثر.
وأكثر من ذلك، فقد شهد العالم تصعيدا دبلوماسيا مغربيا غير مسبوق، سببه أولا مشروعية القضية وعدالتها المتجسدة في أن “المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها”، وثانيا رغبة المؤسسة الملكية في حسم الملف بمجلس الأمن في أقرب الآجال دون مزيد من الهضر الزمني، مع كشف الجزائر وتحركاتها المعادية للمغرب باعتباره الطرف الوحيد في النزاع في ملف مفبرك ومصطنع.
ومن هذا المنطلق، فكل الدول التي تربطها علاقة وطيدة بالمغرب وبملفاته، باتت تعترف بمغربية الصحراء وتركت خلفها الجزائر عالقة ومتورطة مع ميليشيات مسلحة في تندوف، تكلفها ملايير الدولارات منذ سنوات طويلة لم تجدي أي نفع، في الوقت الذي يحتاج شعبها إلى تنمية حقيقية وإلى اهتمام بالسياسة الداخلية بدل إقحام نفسها في شؤون المغرب.
وقال أحتي إن “فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ليست دولة عادية وإنما الأمر يتعلق بدولة تمتلك حق الفيتو، الأمر الذي ستكون له آثار هامة جدا في قرار مجلس الأمن المقبل، هذا الأخير الذي سبق وأن اعتبر الحكم الذاتي الحل السياسي الواقعي الأمثل لحل هذا الملف”.
إذن، فملف الصحراء المغربية من الناحية القانونية الدولية، يتعلق بتكييف قانوني آخر مرتبط بمنظمة إرهابية تدعى “جبهة البوليساريو” تحت رعاية العسكر الجزائري وبعض الدول المعادية للمغرب والتي ليس لها وزن أو تقدير في المنتظم الدولي أصلا. وفقا لتصريح المحلل السياسي والخبير في القانون العام.
وأوضح مراد أحتي أن الدول المعترفة هي الدول الكبرى في العالم والتي لها صوت مسموع، كما أن لها تأثير واضح دوليا، يتعلق الأمر بدول مؤسساتية حقيقية كالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا والدول العربية الخليجية الشقيقة، ناهيك عن الدول الإفريقية التي تربطها بالمغرب علاقات أمنية عسكرية واقتصادية وسياسية متعمقة جدا.





