
يكتسي التعليم في المغرب والعالم بصفة عامة، أهمية كبيرة حيث لا يمكن إنجاج أي تحول ديموقراطي حقيقي أو رقي بالذوق العام للمجتمع أو بناء نظام اقتصادي تنافسي قادر على انتاج الثروة… بدونه، لكن ما يلاحظ أن التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب يعيش أزمة حقيقية مردها تعثر مسلسل الإصلاح وغياب الوسائل الكفيلة بتنفيذه، فالتعليم العالي لا يحتاج إلى مخططات استعجالية فارغة من المحتوى، ولا فرص أمامها للنجاح، بقدر ما يحتاج إلى تعبئة وطنية شاملة لكل مكونات الوطن، كون التعليم العالي والبحث العلمي أحد المؤشرات الأساسية التي تقيس مدى تقدم المجتمعات ونجاعة السياسات المتبعة التي تؤثر على نواحي الحياة المختلفة.
رئيس جمعية الخدمات الإجتماعية للتعليم العالي وتكوين الأطر، والكاتب العام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي، محمد الدرويش، في حوار أجراه معه برلمان.كوم، تحسر على تحول مؤسسات التعليم العالي إلى ادارات محلية و إقليمية و جهوية في صورها السيئة، بسبب تخليها عن رسائلها الاساس و المتمثلة في اعداد الاطر و تكوينهم و تأهيلهم لتحمل المسؤوليات كيف ما كانت و ايا كانت اطر مواطنة تنطلق من الوطن و تنتهي اليه اطر متشبعة بقضايا المواطنات و المواطنين اطر تؤمن بثقافة الاختلاف و التعايش و تشجع على العطاء و التطوع و الايثار.
وأضاف الدرويش، أن واقع التعليم العالي اليوم يسائلنا جميعا واقع مؤلم ينم عن انكسار و تشتت في الادوار و العلاقات فالرئيس غالبا ما صار مقاولا مشرفا على الصفقات و البناء ات و التشييدات و متتبعا لها في احسن الاحوال و العميد تحول الى ضابط نظام و ايقاع دخول و خروج الاساتذة و الطلاب و الموظفين و موزع بالعدل او بدونه لما يتوصل به من اعتمادات من الرئاسة في احسن الاحوال و الاساتذة صار اغلبهم منفذين لالتزام إداري تدريسا و حضورا للاجتماعات و بذلك تغيب او تكاد الجوانب الاخرى التربوية و الاخلاقية و العلمية و الطلاب اغلبهم صار باحثا عن الشهادة و هم يعيشون ظروفا مزرية في حياتهم الجامعية سواء في تنقلهم و مأكلهم و مشربهم غياب للأنشطة الموازية و التكوينية و الاحياء الجامعية في احسن احوالها امكنة للأكل و الشرب و المبيت.
هذا وأكد الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي، أن مظاهر الخلل الكثيرة في المنظومة التعليمية، تمس طرق لتدبير والتسيير والتواصل وتهم أساسا غياب الحكامة في اغلب الجوانب ، و هي تعرف عدة اختلالات و إكراهات ومعيقات منها ما هو بنيوي ومنها ما هو قانوني ومنها ما هو تدبيري ومنها ما هو بيداغوجي، حددها في النقط التالية: مشاكل بالجملة في الهندسة البيداغوجية، وضعف التأطير البيداغوجي والإداري في المؤسسات الجامعية، بالإضافة إلى عدم انخراط كل الأساتذة الباحثين في المشروع المجتمعي للجامعة.
وفيما يخص تصوره للنهوض بقطاع التعليم العالي في المغرب وتجاوز أزماته، بدء الدرويش، حديثه بالتأكيد أن اشكال المنظومة لا يرتبط اساسا بالجوانب المالية، مشددة على أن الأهمية تكمن في وضع نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين حتى نتمكن من القطع مع التشتت الحاصل في جسم الأساتذة الباحثين و تحفيزهم على البحث و التأطير و التسيير و الإدارة ، نظام أساسي يقوم على أربعة أزمنة، زمن التدريس ، و زمن التأطير و زمن البحث و زمن الخبرة و الاستشارة ، نظام أساسي جديد بإطارين أستاذ محاضر وأستاذ التعليم العالي مع فتح المجال في إطار عقود للشباب الحاصل على الدكتوراه للاشتغال في مؤسسات التعليم العالي بمنحة شهرية تبلغ 7000.00 مع وعد بالتوظيف ، إن توفرت الشروط كاملة ، و خلق إطار أستاذ فخري لدى الجامعات في إطار عقود يمنح بشروط.
وشدد رئيس جمعية الخدمات الاجتماعية للتعليم العالي و تكوين الاطر، على ضرورة جعة القانون 01.00 بما يتماشى مع الوضعيات الجديدة لمؤسسات التعليم العالي خصوصا ما يهم تركيبة المجالس وأدوارها ومهامها ورئاسة الجامعة والعمادة وباختصار الأمر يتعلق بما يقارب 35 مادة و ملاءمته مع القانون الإطار الذي ستصادق عليه الحكومة، بالإضافة للتنفيذ الفعلي لمفهوم استقلالية الجامعة و الابتعاد عن مركزة القرارات مع التفكير العميف في تقوية ادوار و مهام العمداء و المدراء و اعطاء المؤسسات الاستقلالية، و عدم التسرع في اتخاذ القرارات الارتجالية من مثل قرار إنشاء مجموعات تيك و ذلك بتجميع مؤسسات ENSA و EST و FST بسبب ما ترتب عنه من مشاكل هيكلية و تدبيرية و انعكاساته على وضعية الطلاب و الاساتذة بهاته المؤسسات و قرار إلغاء مادة الشفوي في امتحانات ولوج الماستر و الذي عرف تناقضا صارخا في تطبيقه.
هذا ولم يفوت الدرويش الفرصة، للتذكير بضرورة ملاءمة المنظومة مع نظام الجهوية المعتمدة اليوم بما يناسب المعطيات الاقتصادية والاجتماعية وتطورها السريع وطنيا ، إقليميا و دوليا مع إعادة تنظيم التعليم العالي في أقطاب متكاملة يستجيب كل منها للمعطى الجهوي والوطني وكذا الإقليمي و الدولي ، نظام يبقي على تكوين الأطر و النخب وكذا يهيء الطاقات الواعدة لسد الخصاص في مجموعة من المهن والمجالات.
واختتم الحوار الذي جمعه بـبرلمان.كوم، مشيرا إلى أنه يجب اتخاذ قرارات قوية في مجموعة من القضايا. بالمنطق البراكماتي اللازم و بالأخلاق العالية المستندة أساسا الى خصال القدرة على الإنصات و الحوار و الإقناع و عدم التسرع في اتخاذ القرارات و استخلاص النتائج من كل ذلك حتى يتم التمكن من ان نجعل من التعليم العالي و البحث العلمي القاطرة الحقيقية للتنمية المنشودة ببلدنا و ان نجعل من الثلاثي المكون للمنظومة طرفا اساسا فيها اقصد الاساتذة الباحثين و الطلاب و الموظفين اذ لا يمكن بغياب احد هاته الاطراف ان تبلغ المنظومة مبتغانا جميعا.






لقد عهدناك مدافعا عن الاساتذة الذين وظفوا قبل 97 حتى و إن لم تكن لهم دبلوم دكتوراه حيث استفادوا من 9 سنوات اعتبارية خلافا لزملاؤهم الذين وظفوا مند 98 و الذين يقومون بنفس المسؤوليات. انت سبب التشردم الحاصل في الجسم الاساتذة الباحثين. إذا أردت أن تقترح اطارين فإياك و ظلمنا مرة أخرى