

فضح تقرير جديد للمجلس الأعلى للحسابات، فشل ”برنامج مشاتل المقاولات”، الذي خصصت له الدولة اعتمادات مالية بقيمة 160 مليون درهم، في إطار صندوق النهوض بتشغيل الشباب، والذي جرى التوقيع بشأنه على 36 اتفاقية شراكة من أجل إنجاز مشاتل في مجموع جهات المملكة، وإحداث فضاءات احتضان مؤقتة لأنشطة المقاولين.
غياب الغاية من البرنامج
أفادت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، ضمن عرض حول عمل المحاكم المالية برسم سنة 2021، تقدمت به يوم أمس الثلاثاء أمام البرلمان، أن “التقييم الذي أنجزته المجالس الجهوية للحسابات، بشراكة مع المجلس الأعلى للحسابات، خلص إلى أن جميع المشاتل المنجزة لم تراع النموذج التدبيري المرتبط بها والأهداف المسطرة لها، بشكل يتعارض مع توجهات هذا البرنامج الوطني والغاية من إقراره”.
وذكرت المسؤولة، ضمن عرضها، الذي يتوفر ”برلمان.كوم” على نسخة منه، أن هذا البرنامج لم يتمكن من إنجاز سوى 27 مشتلا فقط من أصل 36 مشروعا مبرمجا بكلفة مالية بلغت 281,85 مليون درهم، ساهم فيها صندوق النهوض بتشغيل الشباب بمبلغ 158,45 مليون درهم؛ أي بنسبة 56 في المائة، فيما تمت تعبئة المبالغ المتبقية من طرف باقي الشركاء.
وتابعت العدوي: ”وبخصوص استغلال وتشغيل المشاتل المنجزة، فإن خمسة منها أنجزت بكلفة 34.36 مليون درهم، لم يتم تشغيلها بعد، في حين أن 17 مشتلا، بلغت كلفتها 206.85 ملايين درهم تعمل بشكل جزئي بنسبة تشغيل تناهز 72 في المائة في المتوسط، مع تسجيل توقف أشغال إنجاز مشتلين آخرين، بعد صرف أكثر من 24,69 مليون درهم، وذلك بالإضافة إلى إعادة تخصيص 3 مشاتل منجزة لأنشطة أخرى”.
ضعف إحداث المقاولات وفرص الشغل
وبحسب المعطيات المقدمة من قبل العدوي، فإنه “لم يتم، فيما يهم إحداث المقاولات إنشاء سوى 87 مقاولة فقط من أصل 4 آلاف المستهدفة؛ أي بنسبة في حدود 2 في المائة”، بينما تظل مسألة خلق فرص الشغل “دون الأهداف المتوخاة ولا تتناسب مع حجم الاستثمار العمومي الذي تمت تعبئته”، حيث إن المشاتل المشغلة أحدثت 2,765 منصب شغل فقط من أصل 40 ألفا المتوقعة؛ أي بنسبة لم تتجاوز 7 في المائة.
وفي هذا الصدد، ذكرت المسؤولة، أن هذا البرنامج، حددت أهدافه في إنشاء 4 آلاف مقاولة وإحداث 40 ألف منصب شغل وتحقيق استثمارات خاصة بقيمة 2 مليار درهم، إلى جانب تقليص معدل فشل المقاولات المنشأة حديثا، مشيرة إلى أن فشل هذا البرنامج يعزى إلى عدة نقائص تتعلق بـ”التخطيط وتتبع البرنامج في شموليته كغياب دراسات الجدوى، وغياب هيئة حكامة مركزية ومحلية مكلفة بقيادته”.
ووفقا للعدوي، فإن ذلك يعزى أيضا إلى “النقائص التي شابت اتفاقيات الشراكة على مستوى المؤشرات والأهداف الخاصة بكل مشروع، وإلى غياب آليات لتتبع ومواكبة المستفيدين، فضلا عن إسناد أدوار أساسية للجماعات دون استحضار محدودية قدراتها وإمكانياتها”.
الخصوصيات الترابية ومسؤولية الجماعات
ومن أهم العوامل التي لم تساعد على تحقيق الأهداف المتوخاة، تضيف المسؤولة، ضمن عرضها المقدم أمام البرلمان، “تلك المرتبطة بعدم استحضار الخصوصيات الترابية عند مرحلتي التخطيط وتنفيذ البرنامج، وغياب آليات تضمن نناسق الأنشطة المستهدفة من طرف المشاتل مع طبيعة النشاط الاقتصادي السائد بالجماعات المعنية، فضلا عن اختيار مواقع غير ملائمة للرفع من جاذبية الفضاءات”.
ولفتت المسؤولة أيضا، إلى أن الجماعات التي أسندت إليها مهمة تدبير المشاتل المنجزة “لم تعمل على إحداث الحسابات الخصوصية المنصوص عليها في اتفاقيات الشراكة، وذلك بهدف دعم تدبير ميزانيات هذه المنشئات العمومية”، مضيفة: ”ولم تبادر هاته الجماعات، أيضا، إلى إحداث وحدات للتتبع والاستشارة وتنظيم دورات تكوينية لفائدة المستفيدين، الأمر الذي أدى إلى غياب خدمات المواكبة والدعم”.
توصيات المجلس
بشأن فشل هذا البرنامج في تحقيق أهدافه، أوصى المجلس الأعلى للحسابات، بـ”مراجعة صياغة البرنامج الوطني لمشاتل المقاولات قصد إدماجه ضمن مختلف الاستراتيجية الحكومية المتعلقة بتحفيز إنشاء المقاولات وإنعاش الشغل”.
وبالموازاة مع ذلك، كشفت العدوي، أن المجالس الجهوية للحسابات، أوصت كافة المتدخلين بما في ذلك الجماعات، بـ”حصر مشاتل المقاولات ذات الإمكانات العالية للنجاح وتدبيرها وفقا للمبادئ والمعايير المنظمة لفضاءات الاحتضان المؤقت للمقاولات”.
كما أوصى المجلس أيضا، بـ ”إعادة تخصيص مشاتل المقاولات التي تبين عدم إمكانية أدائها لوظائفها لأنواع أخرى من الأنشطة، مع تفعيل آليات حكامة المشاتل، إلى جانب إشراك الهيئات العمومية والخاصة المعنية بهذا النوع من المشاريع”.