المهداوي .. انا أو الطوفان

حميد المهداوي خرج علينا بخرافة جديدة لا يصدقها حتى محترفو التأليف السينمائي. البهلوان الذي لم يتعلم بعد أن الهروب إلى الأمام ليس استراتيجية، قرر هذه المرة أن يرفع التحدي إلى مستوى العبث المطلق: مساءلته أمام لجنة أخلاقيات المهنة ليست بسبب مخالفاته المهنية، ولا بسبب الشكايات ضده، بل لأن “إسرائيل تحاربه”!
منذ متى أصبح المجلس الوطني للصحافة ذراعًا للموساد؟ متى أصبحت الشكايات المهنية مخططات استخباراتية دولية؟ وكيف تحول المهداوي، الذي يقضي وقته في بث “اللايفات” على يوتيوب، إلى عدوّ استراتيجي لإسرائيل؟ وحده المهداوي يعرف الإجابة، أو ربما لا يعرف، لكنه يدرك جيدًا أن الضجيج الإعلامي هو رأسماله الوحيد.
منذ خرج من السجن، وهو يركب على أي موجة تضمن له المشاهدات والإيرادات. كلما شعر أن الأضواء بدأت تخفت عنه، اخترع مظلومية جديدة. اليوم إسرائيل، وغدًا ربما وكالة ناسا، وبعد غدٍ البنك الدولي. المهم هو الإثارة، والهدف هو مال الأدسنس.
المهداوي يريد أن يوهم متابعيه أن المؤسسات المغربية مخترقة، وأن الصحافة الجادة مجرد واجهة لجهات خفية تحاربه. لكن الحقيقة أن المؤسسات تشتغل وفق القانون، والمهداوي مجرد شخص يرفض الاعتراف أنه مجرد عميل لجهات خارجية. يريد أن يتحول إلى “قضية رأي عام” بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب مصداقية المهنة، وحتى لو كان الثمن هو بيع الوهم لمتابعيه.
في النهاية، الكرة في ملعب المجلس الوطني للصحافة، ليس للرد على هذه السخافات، بل لحماية المهنة من أن تتحول إلى سوق للخرافات والتهييج الإعلامي الرخيص. الصحافة ليست “لايفات”، وليست مسرحًا للبحث عن البطولة الوهمية. الصحافة مسؤولية، ومن لم يفهم ذلك، فمكانه ليس أمام الميكروفون، بل أمام المرآة، ليسأل نفسه: متى أصبح الضحك على العقول مهنة؟