النيجر.. الإرهاب يضرب الاقتصاد والجيش عاجز عن المواجهة

يواجه المجلس العسكري النيجري، الذي جعل من التحدي الأمني ركيزة خطابه السياسي وأداته الدعائية الأبرز، أزمة تهدد استمراره، حيث تتفاقم حالة الفوضى الأمنية بوتيرة غير مسبوقة، ما قد يؤدي إلى انهياره في وقت أقرب مما كان متوقعًا. ولم يعد النيجر بلدًا مستقرًا للحكم أو حتى للزيارة، إذ أصبح مسرحًا لهجمات إرهابية عنيفة تنفذها جماعات مسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وكشفت الأحداث الأخيرة عجز القوات المسلحة عن احتواء تصاعد نفوذ هذه الجماعات، وفشلها في حماية أرواح المدنيين وتأمين الحدود، حيث شهدت بلدة فامبيتا يوم 21 مارس 2025 واحدة من أكثر المجازر دموية، إذ قُتل 44 شخصًا خلال هجوم إرهابي أثناء صلاة الجمعة.
ومن جهتها، تجاهلت القوات العسكرية نداءات الاستغاثة، ما جعل السكان هدفًا سهلًا للمهاجمين، خاصة أن الهجوم تزامن مع السوق الأسبوعي الذي يشهد تجمعًا كبيرًا للمدنيين. ولم تكن هذه الحادثة معزولة، بل جاءت ضمن سلسلة هجمات دموية ضربت عدة مناطق في البلاد، من بينها إعدام جندي نيجري على يد تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا في ولاية بورنو، وهجوم على نقطة تحويل أموال في دوسو، فضلًا عن تفجير انتحاري أسفر عن مقتل 15 جنديًا نيجريًا في ديفا.
وعلى المستوى العسكري، تواصل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تكثيف عملياتها الهجومية، حيث استهدفت مواقع عسكرية بقذائف هاون في كل من ماكالوندي وكانتشاري وموسيباغا، ما يعكس تنامي قدراتها الهجومية، وسط تقارير تشير إلى استعدادات لعمليات أوسع نطاقًا ضد قواعد عسكرية استراتيجية. في المقابل، لا يزال الجيش النيجري عاجزًا عن المواجهة، بل انسحب من عدة مناطق، تاركًا القرى المجاورة لمصيرها أمام المسلحين، ما أدى إلى نزوح جماعي للسكان، لا سيما في ماكالوندي، حيث فرّ المئات إلى تورودي بحثًا عن الأمان.
ولم تقتصر التهديدات على الهجمات المسلحة فحسب، بل امتدت إلى البنية التحتية الاقتصادية، حيث استهدف هجوم إرهابي، يوم 21 مارس، أنبوب النفط قرب مونتسيكا، ما يعكس انتقال الجماعات الإرهابية إلى ضرب الاقتصاد الوطني، في خطوة تزيد من تعقيد الأزمة الأمنية. وبينما تعاني البلاد من تصاعد غير مسبوق للعنف، يواصل الجيش التركيز على الاعتقالات التعسفية والانتهاكات ضد المدنيين بدلًا من محاربة الإرهاب، ما يعمّق مشاعر العداء تجاه الدولة ويفاقم الأزمة.
وتشير كل المعطيات إلى أن النيجر تقف على حافة الانهيار، حيث تتسع رقعة الفوضى الأمنية، في ظل عجز الحكومة العسكرية عن فرض الاستقرار. واستمرار هذا الوضع دون تدخل حاسم قد يدفع البلاد نحو مرحلة أكثر خطورة، يتحول فيها النيجر إلى دولة منهارة بين قبضة الانقلابيين من جهة، والجماعات الإرهابية من جهة أخرى، ما قد يؤدي إلى كارثة أمنية وإنسانية تهدد المنطقة بأسرها.