

يعيد اليوم العالمي لحقوق المرأة، الذي يخلده العالم يومه الأربعاء 8 مارس الجاري، إلى الواجهة الوضع الحقوقي للمرأة المغربية وأدوارها ومدى مشاركتها في صنع القرار السياسي، وإنصافها، كما تقضي بذلك مبادئ دستور المملكة والمواثيق الدولية المصادق عليها.
ويأتي تخليد يوم المرأة العالمي لهذا العام، بعد مرور أزيد من 11 سنة على وضع الدستور المغربي سنة 2011، والذي ينص ضمن الفصل 19 منه، على أنه ”يمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”، مؤكدا أن الدولة ”تسعى إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء”.
وبعد وضع مدونة الأسرة سنة 2004، التي خولت للمرأة مجموعة من الحقوق والامتيازات غير المسبوقة، واكب المشرع المغربي مقتضيات دستور 2011، بمجموعة من النصوص القانونية لصالحها، بينها القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الصادر سنة 2018.
حصيلة مهمة ومكتسبات حقيقية
وبشأن الحصيلة التشريعية والحقوقية والسياسية لوضعية المرأة بالمغرب، قالت فاتن الوزاني الشاهدي، أستاذة القانون الخاص بكلية الحقوق أكدال بالرباط، إن الحماية القانونية للنساء بالمملكة وصلت إلى المستوى الذي كنا نطمح لبلوغه، على الرغم من المطالب الحالية بإجراء تعديلات تشريعية على بعض النصوص القانونية.
وذكرت الوزاني، ضمن تصريح لـ”برلمان.كوم’‘، أن مد نون النسوة عبر العالم وصل صداه إلى بلادنا منذ سنوات، مشيرة إلى مصادقة المغرب على عدد من المواثيق الدولية وإصداره لمدونة الأسرة، إلى جانب تعزيز الترسانة التشريعية للنساء بنصوص متطورة.
واعتبرت المتحدثة، أن قانون محاربة العنف ضد النساء على سبيل المثال، كرس مظاهر كثيرة لحماية المرأة المغربية، هذا إلى جانب تعديل نصوص القانون الجنائي لتجريم بعض السلوكيات، بينها العقاب على التحرش الجنسي داخل الوسط المهني، وإحداث آليات ومؤسسات تخدم قضايا المرأة.
وفي هذا الصدد، أشارت أستاذة القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أن المغرب أحدث قبل سنوات خلايا للتكفل بالنساء ضحايا العنف، فضلا عن إجراءات أخرى لمواكبة وضعية المرأة المعنفة، وغيرها من الآليات.
وتنص المادة العاشرة من القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، على أنه “تحدث خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف وبالمصالح المركزية واللاممركزة للقطاعات المكلفة بالصحة وبالشباب وبالمرأة وكذا للمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي”.
وأكدت المتحدثة، أن هذه النصوص مكتسبات حقيقية، لا يمكن الاستهانة بها، في أفق توفير الحماية الشاملة للمرأة المغربية، مذكرة في هذا السياق بالنقاش الدائر حول تعزيز المساواة بين المرأة والرجل، في بعض القضايا الأخرى.
قصور تشريعي
الوزيرة السابقة ورئيسة ”منتدى المناصفة والمساواة”، شرفات أفيلال، أشادت من جهتها بالتقدم الذي أحرزته النساء المغربيات في مختلف مناحي الحياة، مشيرة إلى أن المرأة حققت على مستوى المشاركة السياسية قفزة نوعية خلال العشرية الأخيرة بالمملكة.
وبالمقابل، أفادت أفيلال، ضمن تصريح للموقع، أن هناك قصورا تشريعيا، وفرقا شاسعا بين المقتضيات الدستورية والقوانين الوطنية، التي أضحت اليوم غير متناغمة مع النص الدستوري لسنة 2011.
وعلاقة بذلك، ذكرت المتحدثة، أن عددا من القوانين، بينها مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون الجنسية وغيرها، تتطلب التعديل والمراجعة بالنظر إلى عدم تناغمها مع الدستور، مؤكدة أنه ”بعد 19 سنة من الممارسة، أظهرت المدونة أنها تحتوي على اختلالات ونقائص فيها يهم مبدأ المساواة ومسألة زواج القاصرات والتحايل على التعدد وإثبات النسب”.
وكان الملك محمد السادس، قد دعا في خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لعيد العرش، إلى مراجعة مدونة الأسرة، قائلا: ”إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها، ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لا سيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة، ما زالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء”.
وفي سياق ثان، قالت أفيلال، إن المشاركة السياسية للمرأة المغربية بعيدة عن تحقيق المشاركة المراد بلوغها، منبهة إلى أن ولوج النساء أقارب زعماء الأحزاب الأحزاب ”شوه المشاركة السياسية للمرأة”، وهو ما يتطلب التصدي له، وفقا لتعبير المتحدثة.