الأخبارخارج الحدودمستجدات

“بغينا نروحو للمغرب”.. صوت العودة للوطن يعلو فوق رصاص قمع المحتجزين بمخيمات تندوف

الخط :
إستمع للمقال

الحدث الذي شهدته مخيمات تندوف، حينما انتفض محتجون ضد الجيش الجزائري، ليس مجرد هبّة غضب عابرة، بل هو تعبير صريح عن نهاية الوهم الذي بنته الجزائر لسنوات على حساب معاناة المحتجزين في المخيمات، فالأصوات التي صدحت بـ”دعيناكم لمولانا” و”بغينا نروحو للمغرب”، تلخّص اليوم، أكثر من أي وقت مضى، قناعة جماعية تتشكل في وجدان المحتجزين حقيقة مفادها أن “اللعبة انتهت”، وأن حيَل ومكر وخداع نظام العسكر الجزائري لم تعد تنطلِ عليهم.

أحد أفراد عائلة ضحايا رصاص الجيش الجزائري كان في طليعة الغاضبين، يقود المحتجين بشجاعة نادرة، وسط نساء وأمهات فَقَدنَ الثقة في كل شعارات الكفاح الكاذبة التي روّجتها ميليشيات البوليساريو طيلة عقود، حيث حاصروا سيارة للجيش، واستولوا عليها، دون أن تردعهم فوهات البنادق المرفوعة، فالخوف لم يعد قائما في تلك اللحظة، بل صار الجندي الجزائري هو من يبحث عن مخرج آمن.

هذا الغضب الشعبي تزامن مع تطورات دولية قلبت موازين الصراع جذرياً، فواشنطن أعادت تأكيد موقفها الثابت بدعم مغربية الصحراء، وهذه المرة تحت قيادة دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض برؤية واضحة أساسها “طيّ هذا الملف نهائياً على أساس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”، على اعتبار أن دعوة ترامب للأطراف المعنية بضرورة غلق هذا النزاع بشكل عاجل ليست مجرد خطاب ديبلوماسي، بل هي إعلان ضمني عن بدء العد العكسي لتفكيك آخر معاقل الانفصال.

إن من لازالوا يراهنون على مشروع البوليساريو، يتجاهلون حجم التصدع الداخلي في المخيمات، ويتغاضون عن واقع أن أكبر خطر يهدد هذا الكيان الانفصالي لم يعد يأتي من الخارج، بل من الداخل، فالغاضبون الذين هاجموا الجيش واستباحوا سيارته، لم يعبّروا فقط عن سخط، بل عن رغبة جماعية في العودة إلى الوطن الأم، المغرب.

اليوم، وبعد الدعم الأمريكي المتجدد، وتزايد الاعترافات الدولية، والعزلة الخانقة التي تعيشها الجزائر، لم تعد ميليشيات الرابوني تملك شيئاً سوى القمع، أما الحلم الذي باعوه للساكنة، فقد انتهت صلاحيته.

ويبدو أننا لسنا فقط أمام بوادر نهاية لنزاع دام لأزيد من نصف قرن، بل ربما نعيش اللحظات الأولى لانهيار المنظومة التي غذّت هذا الصراع وأدامته، نظام العسكر في الجزائر، هذا النظام لم يكن عائقاً فقط أمام تسوية ملف الصحراء المغربية، بل شكّل لعقود طويلة حجر عثرة أمام أي تقارب مغاربي حقيقي، وفرمل كل محاولات الاتحاد والتنمية المشتركة بين شعوب شمال إفريقيا، بل استثمر في الانفصال، وزرع العداء، وهدر ثروات بلده في معارك وهمية، والنتيجة اليوم أن شعوبه محرومة، ومحيطه الإقليمي بات يتحرر من قيوده الواحدة تلو الأخرى، لكنه في المقابل، بات أكثر عزلة من أي وقت مضى..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى