
في اعتراف مثير يطرح أكثر من علامة استفهام، قال علي المرابط في فيديو بثه على قناته في “اليوتيوب” بتاريخ 27 يوليوز 2024، إنه على تواصل مع أحمد ويحمان، رئيس ما يسمى بـ “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع”، وأنه أدلى له منذ حوالي 4 أو 5 أشهر بشهادة، زعم فيها بأنه استُدعي من طرف المديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED) وأنه قابل مدريها العام محمد ياسين المنصوري، وذلك على إثر احتجاجه على مشكل إداري يخصه، دون توضيح طبيعته وعلاقته بالجهاز الاستخباراتي المذكور.
وبغض النظر عن صحة ما قاله المرابط من عدمه، والأرجح أنها رواية مشكوك فيها لأسباب متعددة، خصوصا وأنه ليس هناك ما قد يجمع بين ويحمان والمسؤول الاستخباراتي السامي… وبغض النظر عن خرق أحمد ويحمان لمبدأ “المجالس أمانات” في حالة ما إذا صح ما ادعاه المرابط… فإن الشيء المؤكد في ما قاله هذا الأخير هو أنه على تواصل مع أحمد ويحمان وهذا ما يطرح أكثر من علامة استفهام ويثير أيضا بعض الشكوك حول الخلفيات المشبوهة لهذا التواصل باعتبار المرابط صاحب مواقف معادية للمغرب ولوحدته الترابية، لطالما عبر عنها ولازال، بشكل صريح ومستفز، وباعتبار ويحمان بدوره صاحب شبكة علاقات مشبوهة مع جهات معروفة بعدائها للوحدة الترابية للمملكة.
ولعل هذا ما يجمع اثنان يُفترض أن يفرقهما أكثر مما يجمعهما…
“بوغطاط المغربي” يستغرب كثيرا من تواصل أحمد ويحمان -الذي لطالما صدع رؤوسنا بمناهضته للتطبيع- (تواصله) مع علي المرابط، الذي يُعد أشهر “صحفي” مغربي مطبع مع إسرائيل. والأدهى أن المرابط كان هو صاحب المبادرة، بل صاحب فكرة محاورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سنة 1998 عندما كان يشتغل في جريدة “لوجورنال”.
والأكثر من هذا كله، أنه حتى السياق الذي بادر خلاله علي المرابط إلى محاورة نتنياهو، لم يكن بريئا، حيث تزامن مع موعد الانتخابات الإسرائيلية آنذاك وكان نتنياهو يبحث عن استمالة اليهود من أصول مغربية للتصويت عليه، كما كان يسعى بالخصوص إلى توجيه رسالة إلى العالم مفادها أنه بالرغم من سياسة القبضة الحديدية التي ينتهجها تجاه الفلسطينيين، فإن الصحافة العربية تتحدث إليه، وهو ما تأتى له على يد علي المرابط الذي كان أصلا المبادر إلى إجراء ذلك الحوار، والذي ساهم من خلاله في تبييض وجه نتنياهو في عز الحصار على الفلسطينيين.
فحقا غريب جدا ألاّ يجد ويحمان الذي يتظاهر بتشدده في مناهضة كل أشكال وأفعال التطبيع ولو كانت بسيطة، بل حتى لو كانت تعود إلى أزيد من ربع قرن من الزمن… غريب ألا يجد أي حرج في التواصل، بل و”التخابر” مع واحد ممن بادروا إلى تبييض وجه نتنياهو في عز نبذه من طرف الإعلام ونهجه لسياسة حصار متشددة ضد الفلسطينيين.
وبنفس القدر الذي يستغرب به “بوغطاط المغربي” من تطبيع ويحمان مع المطبع علي المرابط الذي وإلى حدود الساعة لازال يعرب عن استعداده لمحاورة المسؤولين الإسرائيليين، فإنه يستغرب كذلك من عدم إيجاد ويحمان -الذي صدع رؤوسنا أيضا بوجود مؤامرات تهدف إلى إشاعة المثلية في المغرب- (عدم إيجاده) لأي حرج في أن يتواصل مع المرابط الذي دعا في أكثر من مناسبة إلى إلغاء تجريم المثلية بالمغرب والذي كان يدافع عن حقوق “المثليين المغاربة” عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي… وقد تحدثت عن هذا الأمر في أكثر من مقال.
فحقيقةً، أستغرب كثيرا من أن يجتمع اثنان (أحمد ويحمان وعلي المرابط)، يُفترض أن ما يفرقهما أكثر مما يجمعها… فهل هو مجرد نفاق كباقي أشكال النفاق المعروفة والمعهودة عند “المتأسلمين” و”القومجيين” بكل تلاوينهم وانتماءاتهم؟ أم هو نفاق يخفي تلاقي مصالح مشبوهة وخبيثة عنوانها “التآمر” على الوطن” ؟… لاشك في أن الاحتمال الثاني هو الأقرب إلى الحقيقة مادام الإثنان يدوران في فلك المتربصين بالوحدة الترابية للمغرب، بل وتجدهما دائما ينتصران لأطروحات الغير على حساب الوطن.