بوغطاط المغربي | إلى هشام جيراندو وأمثاله ومن يدعمونه.. شكرا جزيلا على حسن تعاونكم !

في مشهد أصبح يبعث على الشفقة أكثر مما يثير الاستغراب، تواصل ما يسمى بـ”المعارضة المغربية في الخارج” تقديم عروضها المجانية في الانحدار، وسط احتضان مثير للسخرية لنماذج لا تجمعها بالسياسة ولا بالنضال سوى معجم السب والشتم والتخوين.
وسط هذا العرض البائس، يبرز اسم هشام جيراندو كنموذج فاضح، لا فقط لانحطاط فردي، بل لانكشاف جماعي .فالرجل أو بالأحرى “شبه الرجل” الذي لا يتقن غير الهذيان والافتراء والمستوى “الزنقاوي”، تحول بقدرة داعميه إلى “صوت معارض”، إلى “صحافي مستقل”، بل إلى “ضمير الأمة” في نظر زمرة من المتآكلين فكريا وأخلاقيا الذين ما فتئوا يقدمون أنفسهم كنخبة معارضة ومرجع أخلاقي.
لكن الحقيقة البسيطة، التي لا تغطيها لا شهادات جامعية مستهلكة ولا مهن إعلامية بالية، ولا نشاطات حقوقية زائفة، أن هذه “النخبة” لم تكن يوما سوى ظاهرة صوتية تافهة، كان يغلفها فقط بعض اللمعان الاجتماعي الظاهري الذي لم يصمد طويلا أمام أول امتحان للنقاش أو الرأي أو الموقف.
ومع الزمن، ومع مزيد من الاحتكاك بأدنى المستويات وأحط النماذج، أمثال هشام جيراندو وزكرياء مومني ومحمد حاجب ودنيا فيلالي وادريس فرحان وحميد المهداوي، أصبح الجميع يغوص في الوحل نفسه، بلا تمييز ولا فواصل.صاروا جميعا على قلب رجل واحد: رجل لا يعرف سوى السباب والابتزاز والرداءة.
حين يصبح كل خطاب سياسي أو حقوقي هو مجرد مزيج من الشتائم الرخيصة، والنظريات العبثية عن “المؤامرات الكبرى”، والقصص الركيكة عن “الصراعات السرية”، وحملات من الأخبار الزائفة أو المضللة، فلا جدوى من التفريق بين جيراندو ومن يحتضنه.كلهم صاروا نسخة واحدة من الرداءة: نفس الخفة، نفس الابتذال، نفس الانفصال عن الواقع.
وبالمناسبة، لم يكن ظهور أمثال جيراندو ليشكل أي فرق نوعي. فالفرق الوحيد الذي أحدثه هو أنه أسقط القناع بشكل فاقع. أما السقوط الحقيقي فكان حاصلا منذ زمن بعيد، منذ أن كشفت الوقائع أن هؤلاء الذين يزعمون النضال ليسوا سوى مبتزين فاشلين، هاربين من العدالة، أو مغرورين متورطين في قضايا فساد بجميع أنواعه، الأخلاقي والمالي وغيره.
ما يبعث على السخرية حقا أن نفس هذه “النخبة” لا تتوقف عن اتهام “المخزن” بمحاولة تشويههم وضرب مصداقيتهم.بينما الحقيقة الجلية التي يراها كل ذي عينين هي أنهم، بأنفسهم، يسدون أفضل خدمة لمن يفترضونه خصما: كل بث مباشر من جيراندو وأمثاله، كل تدوينة، كل تسريب مزعوم، هو سهم إضافي في نعش مصداقيتهم الهشة أصلا.
وإذا سلمنا جدلا بصحة فرضياتهم، بأن “المخزن” يسعى إلى تشويههم،فإن ما كان سيشنه من حملات ضدهم لم تكن لتحلم بمثل هذا الكم الهائل من “التشويه الذاتي” الذي يقدمونه بأيديهم.
لم يكن ولن يكون أحد بحاجة لأن يشوههم: هم كفوا ووفوا.شكراً… شكراً جزيلاً!
شكرا لأنكم تؤكدون كل يوم أن ما يسمى بالمعارضة لم يعد فيه من رصيد إلا حفنة من الفارغين والسفهاء الذين لا يملكون لا مشروعا سياسيا ولا فكريا ولا حتى قدرة على احترام الحد الأدنى من الكرامة… أما المصداقية فقد ماتت ودفنت منذ سنوات طويلة.
شكرا لأن هشام جيراندو وأمثاله يقدمون لنا الدليل الحي على أن السفاهة صارت عملة معتمدة لديكم جميعا، وأن مستواكم لم يكن يوما سوى انعكاس حقيقي لما أنتم عليه.
شكرا لأنكم، مع كل محاولة جديدة لـ”فضح الفساد” أو “تعرية الواقع”، لا تفعلون سوى أن تفضحوا أنفسكم وتعروا واقعكم المهترئ.
شكرا لأنكم بفضل سلوكياتكم اليومية، صرتم أنتم أنفسكم أهم الأدلة على انحطاطكم وفسادكم وفشلكم في أي شيء وكل شيء… واصلوا… رجاءً واصلوا… لا تتوقفوا.
استمروا في تعرية أنفسكم بأنفسكم.
استمروا في تصعيد المزيد من جيراندوهات ومومنيهات وحاجبات ومهداويات وفيلاليات جدد.
استمروا في الغرق أكثر، فنحن – وكل من يحمل ذرة وعي – نراكم ونراقب تهاويكم المستمر من قاع الى قاع تحته.فأنتم، وبكل صدق، تقدمون خدمة لا تقدر بثمن لكل من يريد أن يرى حقيقة ما تسمونه “النضال” و”الصحافة المستقلة” و”المعارضة الشريفة”.
ومرة أخرى… شكرا على حسن تعاونكم… ولا تحرمونا من المزيد!