بوغطاط المغربي | بالوثائق.. المعطي منجب كذَّاب أَشِر وهذه الحيثيات القانونية لمنعه من السفر وتوقيعه على محضر الإبلاغ دون اعتراض أو تحفظ.. وتساؤلات حول مسؤولية دفاعه في حملة التضليل

لم يعد مقبولا أبدا أن يواصل المعطي منجب إصراره الممنهج على الكذب والتضليل في قضيته، وخاصة حين يتعلق الأمر بالإجراءات القضائية التي طالتُه وعلى رأسها قرار منعه من السفر، والذي يحاول عبثًا نفي علمه به أو الطعن في قانونيته، رغم توقيعه على محاضر رسمية تؤكد تبليغه وتنفيذه بدقة…والأسوأ أنه يُقحم فصولا لا علاقة لها بوضعه القانوني ويخوض في تأويلات قانونية مغلوطة، وكأن لا محامٍ لديه ليرشده أو ليطعن في القرار وفقا للمساطر القانونية، وهي النقطة التي تدفعنا إلى التساؤل حول مسؤولية دفاع منجب عن خطاب موكله المضلل، كما سنعود إليها لاحقا في هذا الرد.
بداية لا بد من التطرق إلى مسألة منع المعطي منجب من السفر، وهي النقطة التي حاول من خلالها تضليل الرأي العام وتقديم نفسه كضحية قرار تعسفي خارج القانون، بينما الوقائع القانونية والوثائق القضائية تثبت عكس ذلك.
قرار المنع من السفر الذي طال المعطي منجب صدر عن قاضي التحقيق بتاريخ 23 مارس 2021، متزامنا مع منحه السراح المؤقت، واستند إلى مقتضيات المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية. وقد تم تبليغ القرار إلى المعني بالأمر فور صدوره داخل المؤسسة السجنية، ووقع على المحضر بحضوره، كما تم تنفيذ الأمر القضائي بسحب جوازي سفره (المغربي والفرنسي) في اليوم نفسه، وتسليمه وصلا قانونيا بذلك وقد سبق لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط أن كشف في مناسبة سابقة هذه المعطيات في بلاغ بتاريخ 15 أكتوبر 2021 كرد على خرجة مماثلة من الأكاذيب، قام بها المعطي منجب ومن يدافعون عنه.




المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية، التي تم الاستناد إليها، تنص في فقرتها الثانية على أنه يمكن “لضرورة البحث الأمر بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر لضمان عدم فرار المتهم طيلة فترة البحث”، وذلك خلافا لما يتم ترويجه من معلومات مغلوطة حول الأساس القانوني لمنع المعني بالأمر من السفر، إذ أن المادة المذكورة تمنح لقاضي التحقيق إمكانية إصدار الأمر المذكور طيلة مرحلة التحقيق الإعدادي دون أن يكون مقرونا بأي أجل قانوني أو محصورا في مدة زمنية معينة، ودون أن يُلزم القانون القاضي بالتبليغ في جلسة علنية، بل يكفي التبليغ الشفوي والفوري، وهو ما تم فعلا.
وادعاء المعطي منجب أنه لم يُبلغ بأي قرار، لا شفويا ولا كتابيا، مردود عليه بوجود محاضر رسمية، بل وتوقيعه عليها، دون أن يبدي أي احتجاج أو تحفظ عليه، ما يجعل هذا الادعاء كاذبا وموثقا بكذبه.



أما ما يروج له من أن قرار منعه من السفر غير قانوني لأنه تجاوز سنة واحدة، فهذا خلط متعمد بين مقتضيات المادة 142، والمادة 160 (الخاصة بالمراقبة القضائية). فالمادة 160 تنص على أن المراقبة القضائية لا يمكن أن تتجاوز شهرين قابلة للتجديد خمس مرات كحد أقصى، أي سنة واحدة، لكن هذه المدة لا تنطبق على حالة منجب، لأنه لا يخضع للمادة 160، بل للمادة 142 التي لا تضع سقفًا زمنيًا للمنع.
كما أن المادة 161 تنص على أن من بين تدابير المراقبة القضائية الممكن اتخاذها إغلاق الحدود وسحب جواز السفر، لكن هذه التدابير يمكن أيضا اتخاذها في إطار الإفراج المؤقت وفق المادة 142، دون أن تُعتبر تلقائيا خضوعا للمراقبة القضائية.
يضاف إلى ذلك أن المادة 182 من قانون المسطرة الجنائية تُجيز صراحة للهيئة التي أصدرت قرار الإفراج المؤقت غير مقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية (وهي حالة المعطي منجب) أن تُبقي على إغلاق الحدود وسحب جواز السفر طالما لم يصدر قرار نهائي في الموضوع، وأن خرق هذا القرار يُعرض صاحبه لعقوبة حبسية. كما تنص ذات المادة على أن القرار الصادر في شأن التدابير المنصوص عليها في الفقرات السابقة منها غير قابل للطعن بالنقض.
بناء على ذلك، فإن قرار المنع من السفر في حالة المعطي منجب قانوني، مؤسس على مقتضيات صريحة في قانون المسطرة الجنائية، وتم تبليغه وتنفيذه وفق الشكل الذي ينص عليه القانون، ولا علاقة له بأي تجاوز أو شطط كما يدعي.
ننتقل الآن إلى جوهر القضية المتعلقة بتهمة غسل الأموال، والتي يروج منجب ومن معه أنها مجرد محاولة لتكميم الأفواه وضرب حرية التعبير. لكن الواقع أن المتابعة قائمة على أساس قانوني دقيق، ومبنية على تحريات مالية عميقة، ومعززة بمحاضر ووثائق وأرقام لا تقبل التأويل.
الوقائع تشير إلى أن المعطي منجب، خلال إشرافه على مركز ابن رشد، تلقى أموالا أجنبية من منظمات دولية مثل Free Press Unlimited وNational Endowment تجاوزت أربعة ملايين درهم، دون أن يصرح بها لدى الأمانة العامة للحكومة، كما يقتضيه القانون في إطار التصريح البعدي.
لكن الأخطر أن هذه الأموال لم تُصرف في الأغراض المصرح بها، بل حُولت إلى حسابات منجب الشخصية، ثم إلى حسابات زوجته وشقيقته، واستُخدمت في شراء عقارات وتوظيفات مالية في ودائع لأجل، مما شكل إثراء غير مبرر وتحايلا واضحا على الغرض من التمويل.
التحقيقات كشفت امتلاكه لثمانية حسابات بنكية، وقيام شقيقته فاطمة، التي تظهر في الوثائق كمديرة شكلية للمركز، بفتح خمسة حسابات أخرى سجلت بدورها تحويلات بملايين الدراهم، دون أي مبرر يتناسب مع دخلها الهزيل كموظفة بسيطة.
كل هذه المعطيات دفعت وحدة معالجة المعلومات المالية (UTRF) إلى إحالة الملف على النيابة العامة، التي بدورها أمرت بفتح تحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. التحقيق شمل الحسابات البنكية والتحويلات والعقارات، وكشف عن تضخم غير مبرر في الذمة المالية.
الفصل 574-2 من القانون الجنائي ينص صراحة على أن خيانة الأمانة، واختلاس الأموال الخاصة، واستعمالها لأغراض غير مشروعة، تُعد جرائم أصلية تؤسس لجريمة غسل الأموال. وهذا ينطبق بشكل مباشر على وقائع قضية منجب.
كما أن متابعة المعطي منجب بتهمة غسل الأموال لا تقتضي بالضرورة صدور حكم نهائي في الجريمة الأصلية. يكفي أن تتوفر قرائن قوية على أن الأموال متحصلة من نشاط غير مشروع، وهو ما أثبتته الوثائق المحاسبية والبنكية.
في هذا الإطار، فإن مجرد عدم التصريح بالتمويل الأجنبي ليس جريمة أصلية، لكنه يصبح كذلك حين يُستخدم كغطاء لتحويل المال إلى الحسابات الخاصة، دون تبرير الصرف أو تقديم فواتير، وهو ما يدخل في نطاق خيانة الأمانة والاختلاس.وقد أثبتت المحاضر أن المعطي منجب لم يقدم أي حجج قانونية تبرر مشترياته العقارية، كما لم يصرح بأصوله الأجنبية، في مخالفة للقوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات وتحويل العملات. كل هذا يُشكل بنية قانونية كافية لمتابعته.
إذن، نحن لسنا أمام متابعة بسبب الرأي أو التعبير، بل أمام ملف مالي شائك، أبطاله ليسوا فقط منجب، بل أيضا أقاربه الذين استفادوا من عمليات تحويل مشبوهة، وشاركوا في إخفاء أصل الأموال.إن القانون لا يميز بين الحقوقي والمقاول ورجل السلطة حين يتعلق الأمر بغسل الأموال أو الاختلاس. ومن يصرخ في وجه الدولة مطالبا بالشفافية، يجب أن يُحاسب أولًا على شفافية موارده وممتلكاته.
وفي سياق متصل، فإنه لا يمكن الحديث عن الممارسات الإعلامية المضللة التي صاحبت ملف المعطي منجب، خصوصا بعد توالي خرجاته هذه الأيام، دون التوقف عند مسؤولية الدفاع الذي يمثل موكله، خصوصا حين تتخذ التصريحات منحى هجوميا على القضاء وتمس بمؤسسات الدولة وهيئات التحقيق.
فالقانون المنظم لمهنة المحاماة، خصوصا المادة 12، لا يترك مجالا للبس في هذا الإطار، حيث يُلزم المحامي بالتحلي بالاستقامة والنزاهة، وبالتقيد بواجبات التحفظ واحترام المؤسسات، وخاصة السلطة القضائية. وعليه، فإن صمت المحامي عن تصريحات موكله المسيئة، رغم علمه بها، لا يُعتبر موقفا محايدا، بل قد يُؤول إلى تقصير مهني جسيم أو حتى تواطؤ ضمني، خصوصا إذا تحولت تلك التصريحات إلى حملة تشهير علنية ضد قضاة التحقيق أو النيابة العامة أو المحكمة التي تنظر في الملف.
في مثل هذه الحالات، يكون امتناع المحامي عن التدخل أو التوضيح، أو حتى عدم تنبيهه موكله إلى خطورة المساس بالثقة في العدالة، إخلالا صريحا بواجباته المهنية ، كما يشكل تهديدا جديا لسير العدالة.هذا الإخلال، قد يُعرّض المحامي للمساءلة التأديبية، إذ ينص القانون المنظم للمهنة على أن كل محامٍ يرتكب، داخل أو خارج ممارسة المهنة، أفعالا تمس بالشرف أو الكرامة أو تتعارض مع القواعد المهنية، يعاقب تأديبيا. وهذا يشمل كل تواطؤ أو تهاون يضر بثقة المواطن في القضاء أو يُحرّض الرأي العام ضد مؤسسات الدولة تحت غطاء الدفاع.