اخبار المغربمجتمعمستجدات

بوغطاط المغربي | حميد المهداوي و”تنسيقية من تحتها”

الخط :
إستمع للمقال

مبدئيا ومن باب التنويه، فإنه من منبرنا هذا، نؤكد أنه مهما اختلفنا مع أحد ومهما بلغت خطورة أفعاله وتحركاته، فإن مروءتنا وإنسانيتنا لا يمكن أن تسمح لنا بالتشفي فيه أو تمني السوء له… لكن من حقنا أن نناقش ونسلط الضوء على أمور قد تبدو للبعض تافهة أو أن لا الظرف ولا السياق يسمح بمناقشتها… لكنها أمور تستحق فعلا أن نقف عندها بتمعن، لاسيما وأنه كنا سباقين إلى التنبيه إليها ومنها.

صحيح أن حميد المهداوي قد أدين بسنة ونصف حبسا نافذا على خلفية الشكاية التي وضعها ضده وزير العدل عبد اللطيف وهبي من أجل “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص، والقذف، والسب العلني”، وحُكم عليه بأداء تعويض لفائدة المشتكي وقدره 150 مليون سنتيم، لكنه يبقى حكما ابتدائيا… وبقوة القانون، لازال حميد المهداوي يتمتع بقرينة البراءة كما هو منصوص عليها في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به… وبالتالي فالمعركة القضائية لم تحسم بعد ونؤكد من موقعنا هذا مرة أخرى أننا نؤمن كما يؤمن حميد المهداوي (أو على الأقل يدعي ذلك) بأن قضاء بلادنا في النهاية سينتصر للحق… ولا شيء غير الحق.

لكن، بعيدا عن ساحة القضاء وردهات المحاكم والمرافعات القانونية (وليس الإعلامية الشعبوية) وبعيدا عن القضية نفسها التي تخص الوزير وهبي… بعيدا عن كل هذه الأمور… هناك أشياء أخرى حدثت وتحدث أصبحت تؤكد أكثر من أي وقت مضى وجود ما يمكن أن نطلق عليه إسم “تنسيقية من تحتها”.

“تنسيقية من تحتها” التي تضم مجموعة من أشباه المعارضين في الخارج، الذين هم في الواقع لا يمكن اعتبارهم إلا مجموعة من المتآمرين على الوطن، كانوا ولازالوا يسعون بشتى الطرق إلى الإساءة إلى بلدنا واستقراره وبالخصوص، إلى محاولة زعزعة ثقة المغاربة في الدولة ومؤسساتها.

متآمرون لم يسبق لحميد المهداوي أن تبرأ منهم.. بل على العكس من ذلك تماما… كان لا يتوان عن التماس الأعذار لهم وإلقاء الورود عليهم (بشكل أو بآخر) واعتبارهم مجرد مجموعة من المغاربة في خصومة مع الدولة وأنه يجب قبول ابتزازهم للدولة والاستجابة لمطالبهم، بل وأحيانا كان يخرج لينتفض في وجه من يفضحونهم ويفضحون حقيقة خيانتهم وابتزازهم وتآمرهم… والأدهى عندما كان المهداوي يغار عليهم من أن يُنعَتوا بأوصافٍ يعتبرها قدحية في حقهم، بينما لم يكن يحرك ساكنا إطلاقا عندما ينهالون هم على الوطن ومؤسساته ومقدساته بوابل من السب والشتم وبأقذر النعوت…

فَعَلَها مع زكرياء مومني ومحمد حاجب وأمال بوسعادة وعلي المرابط وغيرهم الكثير… بل وحتى “البوليساريو”… هذه العصابة الانفصالية الإرهابية التي يعتبر المهداوي المنتسبين إليها إخوة لنا… والأدهى أنه هدد بهم الدولة وبأطروحتهم عندما انكشف أمر بناءه لفيلا بدون ترخيص.

ومن جهتهم… أي من جهة المتآمرين.. فبدورهم وبالرغم من تظاهرهم بانتقاد المهداوي، وأحيانا بشكل لاذع، بدعوى تظاهره هو الآخر بالدفاع عن المؤسسات ومبالغته في ذلك بشكل يؤكد أن الأمر لا يعدو كونها تقية ونفاقا… لكنهم لم يسبق أن قطعوا معه حبل الود على الإطلاق… بالعكس، فلطالما كانوا يخاطبونه بأدب واحترام، عكس الذين يدافعون فعلا وبصدق عن الوطن، حيث يتلقون وابلا من الهجوم والسب واصفين إياهم بـ “العياشة” و”المنبطحين” و”العملاء”… الخ… بالمقارنة مع المهداوي… ليس فقط لأن هذا الأخير لم يهاجمهم من قبل أولأنه فقط لا يتوان عن محاباتهم من حين لآخر.. بل لأن هناك تحالف موضوعي بينهم وتطابقٌ في الرؤى والأهداف مع اختلاف في أساليب العمل والتنفيذ.

وإذا كان “غرام الأفاعي” من قبل بين المهداوي ومتآمري الخارج يظهر حينا ويختفي حينا وكان أغلب الأوقات طيّ  شبه خفاءٍ و”من تحتها”… فاليوم أصبح علنيا أكثر، بل صريحا لا يقبل الشك والتأويل.

فمباشرة بعد صدور حكم الإدانة على المهداوي يوم 11 نونبر الجاري، خرج أعضاء “تنسيقية من تحتها” من متآمري الخارج تباعا وعلى نغمة واحدة وبنفس عناصر الخطاب: “حميد المهداوي عليك مغادرة المغرب فورا”… عرضٌ لم يقدموه للمهداوي لأول مرة…. فلطالما كانوا يطالبونه بأن يلتحق بهم في الخارج، لاسيما وأنهم يرون فيه كل الشروط والإمكانيات التي من شأنها أن تعزز كتيبتهم ومدفعيتهم تجاه البلد ومؤسساته، من فهلوة وتضليل وإتقان للحرب الكلامية وشعبوية وقناة مليونية…

ليس هذا وفقط… بل لأنهم يرون في المهداوي ويلمسون فيه بشكل لا يدع مجالا للشك، عقلية ثورية تآمرية لا يشق لها غبار… هم يعلمون علم اليقين -رغم تظاهرهم بالاختلاف معه- أن المهداوي يمارس التقية وأن كل ما يدعيه من تشبث بثوابت الأمة ومقدسات الوطن، لا يعدو كونها شعارات زائفة يخفي بها حقده الدفين ودوافعه الانتقامية…

أما واقعيا فهو يقود خطة ثورية من الداخل، حسب ما صرح به هو نفسه وبعظة لسانه في إحدى حلقاته بتاريخ 12 يناير 2024 التي كانت أصلا موجهة لأصدقائه المتآمرين في الخارج، حيث قال ما مفاده أن “الثورة لا تقوم بسب وقذف المسؤولين والحكام كما يعمد إلى ذلك أشباه المعارضين في الخارج، وإنما الثورة تقوم من خلال تفكيك البنية من أساسها، كما أعمد إلى ذلك أنا المهداوي في الداخل، بعد التظاهر بالإيمان بالمؤسسات واحترام مسؤوليها حتى يطمئن الناس إلي ويستمعوا إلى ما أقوله ويثيقوا في كلامي…”.

خلاصة القول وكما قلنا في بداية المقال، بعيدا عن القضية التي يتابع فيه المهداوي وحيثياتها، فإن صدور حكم الإدانة الابتدائي فيها، بقدر ما أثبت مبدئيا أن صديقنا المهداوي لا يمارس الصحافة، فقد أثبت وجود “تنسيقية من تحتها” التي لطالما تطرقنا إليها في عدة مقالات كانت تثير سعارهم ومظلوميتهم بدعوى التعرض للتشهير، لكن دون أن يلجئوا إلى القضاء… لأنه ببساطة يعلمون أن ما نقوله حقيقة…

حكم الإدانة الابتدائي الذي يكشف اليوم بالملموس وجود مساعي حثيثة ليس من أجل استقطاب المهداوي، لأنه أساسا عنصر ناشط معهم… بل من أجل استغناءه عن غطاء الوطنية المزيفة والخروج من المنطقة الرمادية التي لم تعد تعطي أكلها بالنسبة لهم… لهذا سمعنا يوم أمس “خونة” الخارج ورأيناهم يقفون وقفة رجل واحد يطالبون المهداوي بمغاردة المغرب وطلب اللجوء في الخارج مؤكدين له أنهم سيساعدونه في كل المراحل وبأنهم سيوفرون له كل الضمانات من أجل أن يكون المهداوي مهداويا حقيقيا كما عرفوه من قبل ويعرفون أنه كذلك اليوم وسيظل دائما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى