بيدرو ألتاميرانو لـ"برلمان.كوم": موقف إسبانيا تاريخي ومنصف وحكومة سانشيز كفرت عن خطئها – برلمان.كوم

استمعوا لبرلمان راديو

12:41 - 15 أبريل 2022

بيدرو ألتاميرانو لـ”برلمان.كوم”: موقف إسبانيا تاريخي ومنصف وحكومة سانشيز كفرت عن خطئها

برلمان.كوم - خالد أنبيري

أكد الخبير السياسي الإسباني ورئيس منظمة التعاون الاسباني المغربي طارق بن زياد، بيدرو إغناسيو ألتاميرانو، في حوار أجراه معه موقع “برلمان.كوم“، أن الموقف الإسباني الأخير بخصوص قضية الصحراء المغربية ودعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 واعتباره الأساس الجدي والواقعي لإنهاء هذا النزاع المفتعل، يعتبر قرارا تاريخيا منصفا، وأن ما فعلته إسبانيا هو دفاع عن شرعية اتفاقية مدريد وبالتالي الاعتراف بسيادة المملكة المغربية على أراضيها بالمناطق الجنوبية.

وأضاف ذات الخبير أيضا، أن ما قامت به حكومة سانشيز هو التكفير عن خطئها من خلال استضافتها لزعيم ميليشيات البوليساريو بن بطوش المتهم في قضايا عديدة، وبالتالي خيانة المغرب، الشيء الذي تسبب حسب ذات المتحدث في أكبر أزمة دبلوماسية بين بلدين منذ حادثة جزيرة ليلى، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة بدل المزيد من الجهود والانفتاح على المجتمع المدني الإسباني من أجل تضييق الخناق على جبهة البوليساريو وإظهار حقيقتها للإسبان، خصوصا لأولائك الذين يدعمونها ويقدمون لها المساعدات التي تستولي عليها قيادات الجبهة.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية شكرا لك السيد بيدور موقع “برلمان.كوم” يشكرك على قبول الدعوة لإجراء هذا الحوار.. وكسؤال أول، كيف ترى موقف مدريد الأخير من قضية الصحراء المغربية؟

موقف إسبانيا الأخير قرار تاريخي منصف، ليس فقط كما يعتقد الكثيرون مع المملكة المغربية وهو أمر محسوم، ولكن مع القبائل الأصلية في جنوب المغرب، حيث تم الاعتراف أخيرًا بإرادتهم السيادية عبر قرون من البيعة والولاء لسلاطين وملوك المغرب. فالحكم الخاطئ الصادر عن محكمة لاهاي، والذي جاء قبل البيان الصادر عن المغرب الذي أتبث فيه وجود روابط قانونية لتلك المنطقة مع المملكة والجماعة الموريتانية، ويدعي فيه أيضا استمداد السيادة من “الحيازة القديمة وممارسة السلطة دون انقطاع، ,متحججا بدليل طاعة شيوخ الصحراويين للسلطان والسيادة المعترف بها في المعاهدات الثنائية الموقعة مع دول أخرى “. وبما أن المحكمة تعترف بصراحة «بالتزامات الطاعة القبلية للسلطان»، وهو في الواقع اعتراف ضمني بالأطروحات المغربية.

وهذا يؤكد، في رأيي المتواضع، أن ما تم توقيعه والاتفاق عليه في اتفاقية مدريد الثلاثية يتفق مع القانون، ويحترم مواثيق الأمم المتحدة واتفاقية منظمة العمل الدولية فيما يتعلق بحقوق القبائل الأصلية. ولذلك، فإن إسبانيا لا تدافع مرة أخرى إلا عن شرعية اتفاقية مدريد، وبالتالي عن سيادة المملكة المغربية على أراضيها الجنوبية، وعن حق القبائل الأصلية في الحكم الذاتي.

هل في نظرك حكومة سانشيز أصلحت ما أفسدته الحكومات السابقة في علاقاتها مع المغرب بعد إعلانها بشكل صريح دعم مخطط الحكم الذاتي كحل واقعي وجدي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية؟

لا.، حاولت حكومة بيدرو سانشيز تدارك خطئها من خلال استضافتها بشكل غير منتظم لزعيم عصابة البوليساريو المسلحة المتورطة في الإبادة الجماعية المزعومة، المعروف باسم إبراهيم غالي، والتي تسببت في أكبر أزمة دبلوماسية ثنائية بين البلدين منذ حادثة جزيرة بريجيل أو ليلى. لقد تسبب هذا الخطأ في تغيير الحكومة الإسبانية، وأن ما يسمى بـ “قضية غالي” في أيدي العدالة الإسبانية التي تحاول بشكل مستقل إثبات المسؤولية الجنائية للمسؤولين عن دخول غالي غير النظامي إلى إسبانيا. وقد كان رد فعل المغرب دفاعا عن كرامته ومصالحه. وهنا يجب أن نستحضر ونتذكر كلمات صاحب الجلالة الملك محمد السادس التي أشار فيها إلى أنه لا يقبل أصحاب المواقف المزدوجة، فإما أن تكون مع المغرب ومع سلامته الوطنية أم لا. وهنا كان لزاما على إسبانيا أن تقرر مع من تريد أن تكون.

ومع وصول وزير خارجية إسبانيا الجديد خوسيه مانويل ألباريس، الخبير الكبير في العلاقات مع المغرب، بدأ العمل بأقصى قدر من التقدير والجدية وطرح الواقع على الطاولة، وسرعان ما ستنتصر الحقيقة والمنطق. فقررت إسبانيا أنه يتعين عليها الاعتراف بالواقع التاريخي للأقاليم الجنوبية للمغرب، والمراهنة على العلاقات الثنائية على أي اعتبار آخر. ليتمكن بيدرو سانشيز من تحويل خطأ جسيم إلى تغيير تاريخي لصالح العلاقات الثنائية المستقبلية.

هل موقف حكومة سانشيز الجديد من قضية الصحراء المغربية هو تجسيد لموقف دولة إسبانيا والمجتمع الإسباني؟

هذه هي المشكلة التي يجب حلها الآن. تحركت جبهة البوليساريو بحرية كاملة في إسبانيا، ولهذا السبب تمكنت من نسج شبكة كبيرة من الجمعيات، والتي عملت تحت الكذبة الكبيرة المتمثلة في جمع المساعدات الإنسانية التي لم تصل إلى مخيمات تندوف أبدًا، ثم بعد ذلك إنشاء صندوق حقيقي للتجارة والذي تمكن من خلاله قادة البوليساريو من إثراء أنفسهم على حساب معاناة المحتجزين في المخيمات.

وهذا يعني أن المجتمع الإسباني لديه نظرة مغايرة للغاية لواقع وحقيقة عصابة البوليساريو، والتي يجب ألا ننسى أنها هاجمت أكثر من 300 إسباني، وأنها اليوم تواصل تهديد أولائك الذين يحاولون كشف أكاذيبها. يجب أن نتذكر أن مجلس النواب قد صوت ضد قرار سانشيز بشأن الصحراء. هذه مجرد شهادة في الوقت الحالي، لكن من المهم جدًا أن لا تظل الأحزاب السياسية قريبة من البوليساريو.

يجب الآن مضاعفة الجهود لتعميق العلاقات الثنائية، وخاصة مع المجتمع المدني الإسباني الأكثر إطلاعًا على الواقع، لضمان أن تشق الحقيقة طريقها عبره ككل ولوقف دعم العصابة المسلحة التي تسبب الكثير من المعاناة لمجموعة من الأبرياء، والتي لا يمكن لمجتمع حديث وديمقراطي مثل الإسبان أن يطيقها. إذن فالعلاقات الجديدة بين المغرب وإسبانيا ليست نهاية عمل، إنها مجرد بداية.

رأينا معارضة قوية من بعض الأحزاب الداعمة للانفصال في إسبانيا لهذا الموقف، هل هذا يعني أن هذه الأحزاب لو قادت الحكومة مستقبلا ستتراجع عن هذا الموقف؟

هذا ما أشرت له في جوابي على السؤال السابق. في ظل قرار المعارضة داخل مجلس النواب للموقف الجديد لحكومة سانشيز، أصر على الحاجة العاجلة لتعميق كل ما هو ممكن بين البلدين، تعميق العلاقات الثنائية في جميع المجالات الممكنة الاقتصاد والثقافة، التعاون الاجتماعي والسياسي، ولكن قبل كل شيء التعاون بين المجتمع المدني، حيث تنبع منه جميع سلطات الدولة.

بعد الموقف الإسباني الذي يعتبر حاسما باعتبار أن إسبانيا كانت هي المستعمر للصحراء المغربية، هل يمكننا القول أن نهاية جبهة البوليساريو وأطروحتها الإنفصالية باتت قريبة؟

بالفعل. إسبانيا ليست طرفًا ثانويًا في هذا المطلب المغربي التاريخي والشرعي لأراضيه بالصحراء، إنها القوة السابقة التي كانت تدير هذا الإقليم، لذلك فإن هذا القرار الإسباني مهم جدا وقد سبقته إليه دول أخرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وألمانيا، لذلك فقد تسبب بالفعل في مشاكل خطيرة لجبهة البوليساريو التي كما نعلم جيدًا، حركت جميع وسائل الإعلام المضللة من خلال الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الإسبانية ذات الصلة لمحاولة عكس الوضع. وهم يدركون أن موقف الحكومة الإسبانية هذا هو بلا شك بداية نهاية للعصابة المسلحة.

لهذا السبب، أصر كثيرًا على هذه النقطة، يجب أن نعمل بجد لهزيمتهم على الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام لتحقيق تعطيلهم الاجتماعي التام في إسبانيا، وهو السبيل الوحيد لهزيمتهم تمامًا. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

كسؤال أخير.. هل في نظرك سيكون لهذا الموقف انعكاس على أرض الواقع بإسبانيا، خصوصا وأننا نعلم بأنها تحتضن الآلاف من الإنفصاليين التابعين للبوليساريو على آراضيها؟ وهل من الممكن تحريك الدعاوى القضائية الكثيرة ضد زعيم الانفصاليين ابراهيم غالي المتهم في قضايا تعذيب واغتصاب؟

إذا تمكنا من إبلاغ المجتمع الإسباني ككل بأن جبهة البوليساريو ليست رابطة أصدقاء لبعض المحتجزين الفقراء في مخيمات تندوف، ولكن عصابة مسلحة حقيقية تقوم بقتل النساء واغتصابهن واستخدام الأطفال في الحرب والحصول على المال للمنظمة، سيتغير الوضع في إسبانيا، وإلا فسيكون الأمر معقدًا للغاية.

وإذا تمكنا أيضا من تعطيل شبكة أتباع عصابة البوليساريو في إسبانيا، فسيكون من السهل بكثير للعدالة أن تبدأ، بصدق وجدية في الحكم على جميع جرائم البوليساريو ضد البضائع والأشخاص التي ارتكبت على مدى عقود ، لأن الجرائم ضد الإنسانية لا يتم الحديث عنها أبدًا. ومما لا شك فيه فهذه الجرائم هي تلك التي ارتكبتها العصابة بأوامر من غالي خدمة لمصالح النظام العسكري الجزائري. لذلك يجب أن تمر قيادة البوليساريو برمتها وعلى رأسها زعيمها الملقب إبراهيم غالي بالمحاكم الإسبانية، ثم عبر المحاكم الدولية، حتى تتم محاسبتهم أمام العدالة الدولية على جميع جرائمهم.

اترك تعليقا :
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *