الأخبارمجتمعمستجدات

تحقيق: جولة في أخطبوط عزيز أخنوش (1)

الخط :
إستمع للمقال

في هذه السلسلة من التحقيقات الترصدية والاستقصائية، يتتبع موقع “برلمان.كوم” مجموعة من الخيوط المهيمنة على المصالح الكبرى للانتفاع السياسي والاقتصادي، غير بعيد عن محيط كبار رجال الأعمال والنفوذ في المغرب.

والهدف من هذه السلسلة هو تقديم المعطيات الضرورية التي يمكنها أن تفيد في طرح الأسئلة الحاسمة: هل نسير فعلا  في الطريق الصحيح نحو الانتقال الى نموذج تنموي جديد، ونحو بناء نهضة تنموية لمرحلة ما بعد كورونا؟ وهل نحن جادون فعلا في مواجهة الريع والفساد والزبونية وتعدد المصالح والامتيازات والمنافع، أم أن الامر يتعلق فقط بشعارات نتفنن في رفعها، استهلاكا للزمن، وترسيخا للعناد المستميت في مواجهة الإصلاحات الكبرى التي نادى بها ملك البلاد في كل خطبه واوراشه؟

والضرورة تفرض علينا أن ننطلق بمحيط الوزير عزيز أخنوش المشرف على أكبر قطاع في الهيكلة الحكومية، وهو الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والذي هو في نفس الوقت واحد من أكبر أثرياء المرحلة، لنتفحص معا محيط هذا الرجل الذي يضع اياديه في كل الاماكن، ويرمي بأطرافه في كل المؤسسات والشركات والمقاولات الضخمة بالبلاد، حيث تتعدد المنافع، وتتداخل بصورة معقدة يصعب على أي كان تفكيكها أو فك رموزها وأشفارها.

وسنبدأ بشخصية قريبة من محيط عزيز أخنوش، بل حاضرة في العديد من الشركات والمؤسسات والجمعيات حضورا تختلف صفاته و”كاسكيتاته”، لكن لا تختلف قيمته المنفعية والمصلحية أيضا.إنه السيد رشيد بنعلي، الذي يعتبر واحدا من أكبر من تشير الأصابع إليهم بالاستفادة من الريع الفلاحي في منطقة تاوجطاط، وبالاستفادة من الأراضي الممنوحة من طرف وكالة التنمية الفلاحية ADA.

ولعلها الصدفة هي التي قادتنا الى المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار، لنجد أن للشخص كرسيا سياسيا في الحزب الذي يتزعمه عزيز أخنوش، الذي هو في نفس الوقت الوزير المشرف على القطاع الفلاحي، الذي ينعم فيه السيد رشيد بنعلي بالاراضي التي ذكرناها.

وهل من العيب ان يكون بين ظهراني الزعيم، نبلاء وأعيان في قطاع الفلاحة؟ ابدا، مادام الأمر يتعلق بممارسة السياسة، اما الإدارة والتسيير العمومي، فيمكن وضعهما في الجانب الآخر، ما دام شعار الحزب واضح لا غبار عليه: أغراس أغراس، وهي التي تعني في دارجتنا المعقول ولا شئ غير المعقول.

 طيب، لنترك المجلس الوطني للحزب بعيدا عن شؤون الإدارة والحكم داخل القطاع الذي يشرف عليه زعيم الحمامة، ولنعتبر أن تواجد هذا الفلاح والمستثمر الكبير داخل الحزب مجرد صدفة لا غير، بحكم حرية الطموح لا إغراءات الطمع. ولنأخذ وجهتنا إذن، نحو العمل الجمعوي الذي يقوم به المحيط العائلي للسيد عزيز اخنوش، والذي يبدو طبعا انه عمل تطوعي، هدفه النبيل هو إسداء الحسنات والخيرات، والتضامن مع الفقراء والضعفاء. نعم سنتوجه قبلة نحو مؤسسة “جود” للتنمية والتي تنشط كثيرا في مجال البِر والاحسان والتضامن،  تبرز خلفها صورة السيدة سلوى أخنوش زوجة الوزير الملياردير عزيز اخنوش. وهنا طبعا لا يمكن لكرسي السيد رشيد بنعلي أن نجده داخل هذه الجمعية ايضا. كان هذا هو اعتقادنا، ونحن ننجز هذا التحقيق الاستقصائي، لكن خاب للأسف، وعثرنا على أثار أقدام رشيد بنعلي داخل المجلس الإداري “حثة وحدة” كما يقول المصريون. والأمر هنا لا يبدو غريبا عن فلاح معطاء من حقه الانخراط في العمل الخيري والتضامني، خاصة أن هذه الجمعية نشطت كثيرا في العمل التضامني في مجالي الفلاحة والصيد البحري معا، جازاها الله خيرا وزادها عطاء.

ولكن الرياح الغربية التي تهب من البيضاء، حيث يوجد مقر الجمعية، دفعت بنا بقوة لم نعهدها في الرياح الغربية، لنجد انفسنا بمدينة تمارة غير بعيد عن الرباط، حيث مقر الفدرالية البيمهنية لزيوت الزيتون، والتي يرأسها، منذ تأسيسها، السيد رشيد بنعلي نفسه. وقد قيل لنا ان هذه المؤسسة تقدمت بعدة مساعدات لصالح مؤسسة “جود” الجمعوية، والأمر ليس مطروحا للمن ولا للانتقاد، فالخير المشاع يساهم في بناء مجتمع متكامل ومتضامن.

 اما ما أقلق راحتنا في هذه الرحلة، دون ان نكثر فيه السؤال، فهو علاقة هذه الفدرالية بالمساعدات الكبيرة التي استفادت منها عبر المشروع الوطني الكبير “المخطط الاخضر”، المحدث من قبل جلالة الملك، والممول من طرف الدولة والشركاء… فيا إلهي كم هو صغير هذا العالم ! فقد وجدنا شخصية تحقيقنا حاضرة بقوة داخل الحزب ومن تم داخل العمل التطوعي والاحساني، وغير بعيدة عن المحيط العائلي للسيد عزيز اخنوش، كما وجدناها ايضا مسؤولة عن فدرالية “أنتروبروليف” وهي مؤسسة مهنية ضخمة لانتاج زيت الزيتون. كما وجدنا صدفة أن ما يشبه علاقة توأمة توجد بين “جود” والفدرالية المهنية المذكورة، التي تستفيد منذ مدة من المخطط الاخضر. وملخص الكلام هنا:”حرام خيرنا يديه غيرنا”. 

وللإشارة فقط، فهذه الفدرالية كانت موضوع تقرير هام صدر عن المجلس الاعلى للحسابات تضمن الإشارة إلى اختلالات كثيرة فاق حجمها 18 مليار درهم، صرفت في مشاريع وهمية وغير معللة. وهنا نؤكد مرة أخرى أننا لا نعتقد ان هذه الاختلالات هي التي تسببت في العجز الكبير والإنجازات الهزيلة التي تعرفها تنافسية المغرب في مجال انتاج زيت الزيتون.

 هل تعتقد عزيزي القارئ أننا أنهينا رحلتنا مع شخصية هذه الحلقة من محيط عزيز أخنوش؟، لا لا،أبدا، فالسيد رشيد بنعلي عضو ايضا بالمجلس الإداري  ل”سوناكوس” وهي شركة وطنية لتسويق البذور وتوجد تحت وصاية وزارة الفلاحة.

وهو ايضا عضو بالمجلس الاداري بالمؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات التي توجد هي أيضا تحت وصاية وزارة الفلاحة، وسبق لعزيز اخنوش أن عين على رأسها مديرة ديوانه عبير لمسفر. وهنا نستوضح الأمور بوضوح كبير وهو اننا نعيش فعلا في ظل المعقول ولا شئ غير أغراس أغراس.

وكما يقول المغاربة، ف”مازال العاطي يعطي”. والسيد بنعلي وجدناه يشغل أيضا نائبا لرئيس “كومادير” وهي الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية. ووجدناه عضوا للمجلس الإداري لمجلس المنافسة بدعم واقتراح من اخنوش، اثناء مرحلة العز طبعا، وقبل ان ينفلت الزمام فتسرب عن المجلس معطيات تقرير هام حول المنافسة في مجال بيع المحروقات. 

لا شماتة..هنيئا لك سيدي بكل الجهد الذي تبدله خدمة لكل هذه المصالح.. وفي التحقيق المقبل سنحط الرحال في ضيافة شخص آخر من أخطبوط وزيرنا “ولد الناس” عزيز اخنوش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى