

دائما ما تحاول فرنسا في العديد من المحافل الدولية إظهار نفسها وكأنها تحمي حليفها التقليدي المغرب وبأنها دولة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن في حقيقة الأمر وإذا محصنا قليلا في التاريخ، سنجد أن جرائمها ضد المغرب والمغاربة سواء في عهد الحماية أو قبلها وحتى في بداية عهد الاستقلال، وإن كانت بطرق أخرى لا تعد ولا تحصى، وسنجد أن ما تظهره فرنسا ماهو إلا محاولة لإبقاء المغرب تابع لها رغم أنها تعرف جيدا أن المملكة أخذت مسارها في الاستقلالية التامة عن المستعمر.
في هذه السلسلة سنحاول تسليط الضوء على تاريخ فرنسا الدامي وجرائمها الوحشية في حق المغاربة، التي لازالت عالقة في الذاكرة المغربية وترفض السقوط بالتقادم.
إحراق الشاوية وقتل سكانها
تعد المجزرة التي ذهب ضحيتها قرابة 1500 نسمة، والمرتكبة من طرف الجيش الفرنسي، بقيادة الجنرال دماط في سيد الغنيمي نواحي سطات بتاريخ 15 مارس 1908، من بين أفظع ما قامت به القوات الفرنسية ضد نساء وأطفال وعجزة المنطقة.
وقال النائب الفرنسي الاشتراكي جان جوريس، عن هذه المجزرة الفرنسية الفظيعة، في الجمعية العامة الفرنسية، في جلسة مساءلة للحكومة، ” أخشى أن يكون يوم الـ15 من مارس 1908، يوما محزنا للإنسانية ولفرنسا، لماذا؟ لأن الجرائد أجمعت على أن القوات الفرنسية هاجمت تجمعا سكنيا كبيرا حول كوخ متصوف منعزل، هربا من نيران قنابل قواتنا التي جاءت تبحث عنهم من مسافة 80 كلم من الشاطئ الأطلسي كي تبيدهم، ليكونوا درسا لمن يفكر في مقاومتها، مع أن تجمعات المقاتلين كانوا في مواجهتها على المرتفعات التي كانت تقنبلها مدافع الجبال”.
وأضاف جوريس بأن عددا من مراسلي الجرائد الفرنسية، أجمعوا على وحشية ما قام به الجيش الفرنسي، ومنهم مراسل جريدة “لوطون”، والذي كتب “بأننا لم نشاهد معركة وإنما شاهدنا سباقا داخل المخيم للقتل بالحريق، حيث قال جوريس إنني كتبت في حينه، “عندما يكون اللعب بالرؤوس فإنها لا تقول للمنتشي بأي دم سكرت”، مضيفا أيضا في كلمته “أقول لكم بأن هناك مدينة مغربية مكونة من ألفي خيمة أبيدت، وهو ما أكده لي جندي من برشيد في رسالة هي بين يدي، يقول فيها لقد أبيد كل من في المخيم من النساء والأطفال والشيوخ.
وكتبت جريدة ليمانتي في عدد ال22 من مارس 1908، مقالا تحت عنوان “وحوش مطلقة” عملية الذبح التي حدثت اليوم تفوق في الرعب كل ما يمكن تخيله، إن 1500 جثة قد قتلت عن طريق الحرق.
وساقت الصحيفة الألمانية “فوشيست دايتونغ” الصادرة في ال6 من يونيو 1908، شهادات ألمان عاينوا تلك الفضائع المرتكبة من طرف الجنود الفرنسيين في حق ساكنة المخيم من النساء والأطفال والشيوخ، “يوم ال15 من مارس تمت مهاجمة المخيم بإشعال النيران فيه بإشراف مصلحة الهندسة العسكرية الفرنسية، وتم إحراق كل شيء فيه، وفي السهل الواسع المحيط به، سقط أكثر من ألفي قتيل من الدواوير المجتاحة”. تقول الجريدة.