

دائما ما تحاول فرنسا في العديد من المحافل الدولية إظهار نفسها وكأنها تحمي حليفها التقليدي المغرب وبأنها دولة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن في حقيقة الأمر وإذا محصنا قليلا في التاريخ، سنجد أن جرائمها ضد المغرب والمغاربة سواء في عهد الحماية أو قبلها وحتى في بداية عهد الاستقلال، وإن كانت بطرق أخرى لا تعد ولا تحصى، وسنجد أن ما تظهره فرنسا ماهو إلا محاولة لإبقاء المغرب تابع لها رغم أنها تعرف جيدا أن المملكة أخذت مسارها في الاستقلالية التامة عن المستعمر.
في هذه السلسلة سنحاول تسليط الضوء على تاريخ فرنسا الدامي وجرائمها الوحشية في حق المغاربة، التي لازالت عالقة في الذاكرة المغربية وترفض السقوط بالتقادم.
إعدامات واغتيالات في حق رجال المقاومة المغربية (1955/1930)
بالإضافة إلى القصف العشوائي في حق المغاربة وقطع الرؤوس الذي قامت به فرنسا في حق المغاربة إبان فترة الإستعمار وقبلها، فقد أقدمت أيضا على إعدام واغتيال العديد من رجال المقاومة بالمغرب، الذين لم يرضخوا آنذاك لتعليمات وتوجيهات السلطات الفرنسية، بل قاوموها بجميع الوسائل المتاحة أمامهم، مما دفع بجنرالات المستعمر الفرسي إلى اغتيال مجموعة منهم خلال المرحلة الممتدة بين 1930 و1955.
ومن بين هؤلاء المقاومين الكاتب والشاعر المغربي محمد القري الذي تم تعذيبه حتى الموت بسجن كلميمة، بتاريخ 8 دجنبر 1937، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة جراء التعذيب الجسدي الذي ألحقه به المستعمر الفرنسي بالسجن المذكور، بسبب نضالاته ومقاومته.
وذكرت العديد من المصادر التاريخية أنه وخلال سنة 1942 ألقت السلطات الفرنسية القبض على المناضل الوطني والمقاوم محمد بن عبد النبي التزغيني، في مدينة بركان، قبل أن تقوم بتصفيته تحت التعذيب بمقر إدارة الشرطة.
ومن أشهر الأحداث التي لازالت موشومة في التاريخ الدموي لفرنسا، جريمة قتل المقاوم المغربي علال بن عبد الله شهر شتنبر من سنة 1953، وهي الواقعة التي كانت بداية الإنطلاقة لثورة الملك والشعب التي أعادت الشرعية والإستقلال للمغرب، وكانت بداية لطرد المستعمر الفرنسي.
وأقدمت أيضا السلطات الفرنسية، خلال شهر نونبر من سنة 1953 على إعدام أحمد الحنصالي رميًا بالرصاص، بعدما تحدى المستعمر الفرنسي وقاد مقاومة عنيفة بمنطقة الأطلس المتوسط، مما دفع بهم لإعدامه رميا بالرصاص، وهي جريمة لازالت موشومة في التاريخ، لا يمكن لفرنسا أن تتنصل منها رغم كل هذه السنين.
ولم تتوقف جرائم فرنسا عند هذا الحد، بل قامت السلطات الفرنسية الوحشية خلال شهر أبريل سنة 1955، بإعدام المقاوم حمان الفطواكي بمدينة الجديدة، والذي كان يعتبر أحد أبرز رجال المقاومة المغربية، حيث حارب في صفوف جيش التحرير الوطني المغربي، وشكل جماعات مسلحة كبدت السلطات الفرنسية خسائر كبيرة، مما دفع بهذا المستعمر الغاشم إلى تصفيته ووضع حد لحياته.
وفي 15 غشت 1953 تظاهر حوالي ثمانمئة مغربي أمام القصر الملكي في المشور بمراكش للتنديد بالمؤامرة ضد الملك محمد الخامس ثم توجهوا إلى ساحة جامع الفنا، وخلال هذه المظاهرة تناول الكلمة محمد البقال مخاطباً الجماهير، وتعرف عليه الجواسيس وألقي عليه القبض ونفذ في حقه حكم الإعدام في أبريل 1954.
وعلى إثر هذه الأحداث ثم اعتقال جملة من المقاومين وصدر حكم بالاعدام في حق حمان بن العربي ورحال بن أحمد ومولاي علي بن العربي، ونفذ الحكم في ماي 1955 بسجن العادر.