

دائما ما تحاول فرنسا في العديد من المحافل الدولية إظهار نفسها وكأنها تحمي حليفها التقليدي المغرب وبأنها دولة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن في حقيقة الأمر وإذا محصنا قليلا في التاريخ، سنجد أن جرائمها ضد المغرب والمغاربة سواء في عهد الحماية أو قبلها وحتى في بداية عهد الاستقلال، وإن كانت بطرق أخرى لا تعد ولا تحصى، وسنجد أن ما تظهره فرنسا ماهو إلا محاولة لإبقاء المغرب تابع لها رغم أنها تعرف جيدا أن المملكة أخذت مسارها في الاستقلالية التامة عن المستعمر.
في هذه السلسلة سنحاول تسليط الضوء على تاريخ فرنسا الدامي وجرائمها الوحشية في حق المغاربة، التي لازالت عالقة في الذاكرة المغربية وترفض السقوط بالتقادم.
قتل الآلاف من المتظاهرين بواد زم سنة 1955 بعد خروجهم في مسيرات مطالبة بإعادة الملك محمد الخامس من المنفى
بعد خروج أبناء مدينة واد زم بإقليم خريبكة في مظاهرات عارمة أعربوا من خلالها عن غضبهم من استمرار سلطات الاستعمار الفرنسي في نفي الملك الراحل محمد الخامس، وللمطالبة بعودته إلى وطنه وعرشه، وإنهاء الوجود الأجنبي بالبلاد، قابل المستعمر تلك المظاهرات بالرصاص، فقتل الآلاف من أبناء المدينة والضواحي، في مجزرة ستظل شاهدة على ما فعله المحتلون بأبناء الأوطان المستعمرة من أجل ثنيهم عن الاعتراض والقبول بسياسة الأمر الواقع.
وكانت سنة 1955 نقطة تحول كبيرة في تاريخ هذه المدينة، وكان كل شيء هادئا، عكس أبي الجعد، مما أدى إلى طلب تعزيزات إليها من وادي زم وقصبة تادلة، كما ورد في تصريح للمقيم العام جيلبير كراندفال في مذكرات “مهمتي بالمغرب”.
واندلعت الأحداث في أبي الجعد في الثامنة صباحا من يوم 20 غشت، وأخمدت بعد فترة وجيزة، وانتفاضة المدينة المجاورة اندلعت في الساعة الثامنة والنصف وفي هذا التوقيت نفسه تحركت قبائل السماعلة على متن شاحنات وخيول في اتجاه المدينة، فاعترضهم عند مدخلها الشمالي مساعد المراقب المدني «كاريول» فأرغم سائق الشاحنة الأمامية على التوقف بإطلاق النار، واشتدت إثارة المتحمسين فاندفعوا دفعة واحدة لقي خلالها حتفه.
ومع حلول الساعة التاسعة صباحا سيطرت قبائل السماعلة وبني سمير وبني خيران على المدينة، هذه الوضعية شجعت سكان مناطق السماعلة وبني سمير وبني خيران على التجمع في وادي زم على الرغم من محاولات الفرنسيين منع حدوث ذلك. في زنقة سوق الاثنين، أعطى المسؤول الأعلى الفرنسي الأوامر لاستعمال الأسلحة والرصاص الحي وقتل كل متظاهر بدون رحمة أو شفقة، وهو الأمر الذي أدى إلى استشهاد الآلاف منهم.