

دائما ما تحاول فرنسا في العديد من المحافل الدولية إظهار نفسها وكأنها تحمي حليفها التقليدي المغرب وبأنها دولة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن في حقيقة الأمر وإذا محصنا قليلا في التاريخ، سنجد أن جرائمها ضد المغرب والمغاربة سواء في عهد الحماية أو قبلها وحتى في بداية عهد الاستقلال، وإن كانت بطرق أخرى لا تعد ولا تحصى، وسنجد أن ما تظهره فرنسا ماهو إلا محاولة لإبقاء المغرب تابع لها رغم أنها تعرف جيدا أن المملكة أخذت مسارها في الاستقلالية التامة عن المستعمر.
احتلال المغرب الشرقي وممارسة النهب والتجويع والفصل العنصري
مارست فرنسا على امتداد فترة استعمارها للمغرب، جميع الوسائل لقمع الأصوات الشعبية، من نفي واعتقال وتعذيب، واستغلال للثروات والتجويع والنهب، ويعد الشرق المغربي من بين أولى المناطق التي احتلها المستعمر قبل الدار البيضاء والشاوية فتم احتلال وجدة في مارس 1907، وأحفير وأغبال وبركان في دجنبر1907، وعين الصفا في دجنبر 1907، وتافوغالت في 25 دجنبر 1907، من قبل قوات عسكرية جيدة التسليح بلغت 2500 عنصر.
وفرضت غرامة حربية على السكان قدرت بمائة فرنك لكل عائلة، ما مجموعه ثلاثة ملايين فرنك، وتموين المراكز وإنشاء الطرق الرابطة بينها بالمجان، ومصادرة الدواب، والمواد الغذائية لصالح الجنود؛ ولما رفضت بنو يزناسن أداء الغرامة قامت القوات الغازية بمحاصرتها ودفعها نحو الجبال، ومنعها من حراثة أرضها، ورعي مواشيها وسقياها، وتعمير أسواقها، وهو ما طبق على بني ورميش وبني اعتيق سنة 1907، حيث فرضت عليها غرامة حربية بلغت 5000 فرنك، تؤدى في ظرف خمسة عشر يوما مما يعني إفقارها.
دخول المستعمر للمغرب واستغلال الإنسان والخيرات والثروات
سلكت فرنسا نهج استغلال ثروات المغرب وخيراته، واستخدمت المديونية لفرض السيطرة على المملكة، حسب ما ذكره كتاب للباحث الفرنسي آدم باربي يتناول فيه الدَّيْن العام بالمغرب من وجهة نظر تاريخية اقتصادية. وكشف الكتاب كيف كانت الديون أحد الأسلحة الأساسية، إلى جانب الوسائل السياسية والدبلوماسية والعسكرية، التي استخدمتها القوى الاستعمارية، وعلى رأسها فرنسا، لفرض توقيع معاهدة الحماية سنة 1912.
وأبرز الكتاب أن “معارك كبرى قليلة سبقت التوقيع على معاهدة الحماية بفاس سنة 1912، لكن الدين غير المستدام هو الذي عجّل بالحماية الفرنسية في المغرب”، كما تطرق إلى الآليات الاقتصادية والدبلوماسية الكامنة وراء “الخنق المالي” من خلال السياسة الإمبريالية للدين التي تُجسد التوسع الاستعماري الأوروبي في القرن التاسع عشر.
قتل المتظاهرين بواد زم بعد خروجهم في مسيرات مطالبة بإعادة الملك محمد الخامس من المنفى
بعد خروج أبناء مدينة واد زم بإقليم خريبكة في مظاهرات عارمة أعربوا من خلالها عن غضبهم من استمرار سلطات الاستعمار الفرنسي في نفي الملك الراحل محمد الخامس، وللمطالبة بعودته إلى وطنه وعرشه، وإنهاء الوجود الأجنبي بالبلاد، قابل المستعمر تلك المظاهرات بالرصاص، فقتل الآلاف من أبناء المدينة والضواحي، في مجزرة ستظل شاهدة على ما فعله المحتلون بأبناء الأوطان المستعمرة من أجل ثنيهم عن الاعتراض والقبول بسياسة الأمر الواقع.
وكانت سنة 1955 نقطة تحول كبيرة في تاريخ هذه المدينة، وكان كل شيء هادئا، عكس أبي الجعد، مما أدى إلى طلب تعزيزات إليها من وادي زم وقصبة تادلة، كما ورد في تصريح للمقيم العام جيلبير كراندفال في مذكرات “مهمتي بالمغرب”.