

أعادت المناورات الفرنسية داخل البرلمان الأوروبي وغيره من المؤسسات والمنظمات الدولية، التي تستهدف المغرب لمحاولة النيل منه وابتزازه، إلى ذاكرة المغاربة الجرائم والإبادات الجماعية المرتكبة من طرف الاستعمار الفرنسي في حق المقاومة والشعب المغربي.
وتكشف بشاعة جرائم فرنسا المرتكبة في حق المغاربة الوجه الخبيث لهذه الدولة الاستعمارية، التي تحاول اليوم الظهور بمظهر “الأستاذ” الذي يجيد تقديم الدروس في مجال حقوق الإنسان واحترام مبادئ الإنسانية، فيما يثبت التاريخ خلاف ذلك.
ومن منطلق مواكبتنا في موقع “برلمان.كوم” لمختلف القضايا التي تهم وطننا، خصوصا إذا تعلق الأمر باستهداف المملكة وابتزاز مؤسساتنا الوطنية عن طريق اتهام المغرب بمزاعم لا أساس لها عمليا وعلميا لمحاولة ثنيه عن مواصلة مسيرته التنموية وعرقلته والتشويش على وحدته الترابية، ارتأينا أن نسلط الضوء خلال شهر رمضان على محطات من التاريخ المغربي، وعلى جرائم بشعة ارتكبتها فرنسا في حق المغاربة، تستوجب الاعتذار.
وبعدما تطرقنا في مقالات سابقة ضمن هذه السلسلة الرمضانية، إلى احتلال مدينة وجدة ومدينة الدار البيضاء من طرف القوات الفرنسية، وإلى مجزرة قنابل الدار البيضاء التي راح ضحيتها آلاف المغاربة الأبرياء، ارتأينا التطرق في هذا المقال إلى احتلال قبائل الشاوية.
تجويع وتفقير سكان الشاوية
مباشرة بعد احتلال القوات الفرنسية لمدينتي وجدة والدار البيضاء سنة 1907، بدأت أطماع الاحتلال الفرنسي تتجه نحو قبائل الشاوية بالنظر إلى مركزها الاقتصادي، حيث كان لاحتلالها تداعيات اجتماعية واقتصادية وخيمة على الساكنة.
وذكر علال الخديمي، ضمن مؤلفه ”التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب، حادثة الدار البيضاء واحتلال الشاوية”، أن التدخل الأجنبي في قبائل الشاوية نتج عنه آثار سيئة، وعواقب وخيمة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، مشيرا إلى أن ذلك “رفع من فقر غالبية السكان وتسبب في تلاشي تماسك القبائل فيما بينهم”.
وبحسب المصدر، فإن معيشة الكثير من سكان قبائل الشاوية ساءت، خاصة وأن الاستغلال الأجنبي للمنطقة تزامن مع مصائب الآفات الطبيعية، كالجفاف والجراد الذي كان يجتاح المغرب مرارا خلال القرن الماضي، وخلف أضرار بالغة.
ووفقا للمؤلف، فإن القبائل القريبة من الدار البيضاء، كانت الأكثر تضررا جراء التدخل الفرنسي، كقبيلة مديونة وقبيلة زناتة المجاورة للمدينة، وقبيلة أولاد حريز المجاورة لمديونة، مبرزا أن ذلك تسبب في تفقير سكانها، فيما قررت نسبة كبيرة من الساكنة الهجرة نحو المدينة.
نهب خيرات القبائل
كان للتدخل الفرنسي في منطقة قبائل الشاوية، عواقب اقتصادية وخيمة أيضا على الساكنة، التي نهبت أراضيها، وتم الاستيلاء على أغنامها ومحاصيلها الزراعية وقوتها اليومي، جراء جرائم الاحتلال الفرنسي، الذي راكم ثروات كبيرة على حساب شعوب القارة الإفريقية والدول التي استعمرها.
وذكر المؤلف، أن التجار الفرنسيين تمكنوا من السيطرة على جانب كبير من إنتاج المنطقة، حيث أصبح بعضهم ملاكين لقطعان الماشية، إذ كان 6 تجار فرنسيين يملكون 16.000 رأس من الأغنام بالمخالطة مع 81 فلاحا من قبيلة أولاد حريز.
وخاضت قبائل الشاوية مجموعة من المعارك لوقف التدخل الفرنسي، حيث قاوم فيها المغاربة الاحتلال الفرنسي الذي ارتكب جرائم كثيرة في حق أرباء ومدنيين سلبت منهم أراضيهم وأرزاقهم، وذلك ما سوف نتطرق إليه بالتفصيل في مقال لاحق ضمن هذه السلسلة يوم الجمعة المقبل.