جلالة الملك ومكالمة بيدرو سانشيز: تأطير المرحلة القادمة لا يعني تحيينا للمرحلة القديمة ! – برلمان.كوم

استمعوا لبرلمان راديو

18:01 - 1 أبريل 2022

جلالة الملك ومكالمة بيدرو سانشيز: تأطير المرحلة القادمة لا يعني تحيينا للمرحلة القديمة !

برلمان.كوم - بقلم: محمد العربي الشلح

بتوجيهه الدعوة الى رئيس الحكومة الاسبانية «بيدرو سانشيز» لزيارة المغرب في أقرب وقت، يكون الملك محمد السادس قد قرر التعجيل بانطلاقة غير مسبوقة للدخول في المرحلة غير المسبوقة بأفقها غير المسبوق التي وضع حجر أساسه في خطاب 20 غشت..
وبذلك يكون جلالة الملك قد وضع التأطير العام للزيارة باعتبارها العتبة الاولى لانطلاق السياق الاستراتيجي الجديد بين ضفتي المتوسط.

ولعل أول ما يثير الانتباه في المكالمة والتي نقل بلاغ الديوان الملكي مضمونها هو الهندسة المعتمدة في تناول الاجندة المغربية الاسبانية المنتظرة.
أولا ربط البلاغ بين التي وجهها بيدرو سانشيز إلى الملك وما تحمله من مواقف جديدة وبين الروح التي ميزت خطاب ثورة الملك والشعب، 20 غشت 2021..
هذا الانسجام هو الذي سبق لـ«برلمان. كوم» أن أشار اليه في مقالة حول رسالة سانشيز تحت عنوان: «إسبانيا وموقفها القوي من الحكم الذاتي: رسالة اعتراف سانشيز .. صدى لخطاب 20 غشت»…
وهي المقالة التي نشرت في 20 مارس الذي ودعناه.
وقد وضع البلاغ الصادر عن الديوان الملكي الاشارة الى هذا الترابط، بتركيز يجعل من الموقف الملكي مصدرا لكل ما تلاه، وبذلك يكون جلالة الملك قد ساعد إسبانيا على إنضاج موقفها، كما يتبين من خلاله التقدير الملكي لما ورد في الرسالة الشهيرة لبيدرو ساشنيز.
ولا يمكن للمهتمين والمحللين أن يغفلوا كذلك أن المنطق السليم المعتمد من طرف المغرب، يقتضي أن تكون الخطوات الديبلوماسية امتدادا واستمرارا للمجهود الذي قام به العاهل المغربي وأعلنه في خطاب 20 غشت عندما تحدث بالواضح عن تتبعه الشخصي للمحادثات بين البلدين وتطورات الملف، وربط، عند الحديث عنها إلى شعبه بين رئيس الحكومة الاسبانية والحكومة نفسها وبين المرحلة التي يتطلعَّتلملك محمد السادس شخصيا للوصول اليها.
إلى ذلك، نجد أنَّ مِنْ أهم ما ورد في المكالمة الملكية الخطوات المطلوبة في المستقبل القريب، اضافة الى الاطراف المعنية بكل ما يجب القيام به في بناء المرحلة الجديدة..
وقد اراد ملك البلاد الخروج من الأزمة التي هزَّت الثقة بين البلدين، ولكن دون أن يعني ذلك السعي إلى العودة الى المرحلة ما قبلها، والوقوف عند الخط القديم، بل عبَّر عن إرادته في بلورة خارطة طريق «طموحة»، تقوم بمسح شامل لكل الملفات المشتركة، وتُقيم الدليل على الرؤية المشتركة بين البلدين…
ويجب ألا ننسى أن الملك محمد السادس قد شدد في هذا السياق، على أن «مختلف الوزراء والمسؤولين في البلدين مدعوون إلى تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق طموحة وتغطي جميع قطاعات الشراكة، تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك».
ويمكن أن نتصور أن الاجتماع المنتظر سيتجاوز من حيث الملفات، ومن حيث الحضور ومن حيث المواضيع ومن حيث درجة الطموح كل ما عداها في تاريخ العلاقات بين البلدين، ولربما بين بلدان أخرى التي تمر بالأزمات.
بالرغم من أن الأمر يتعلق بعلاقات ثنائية، فإن رهاناتها، ومضامينها ونتائجها ستكون ذات تأثير كبير على المنطقة برمتها، إن لم نقل على جزء من العالم، لما بعد كوفيد وفي سياق الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا.
فهذه المرحلة الجديدة سيكون لها تأثير على تطورات القضية الوطنية من جهة الاتحاد الاوروبي ودائرة النفوذ الإسبانية في العالم اللاتيني وفي عدد من الدول التي تعود اليها بخصوص تاريخ قضيتنا الوطنية.
كما سيكون لهذه المرحلة الجديدة التي يردها الملك مع اسبانيا تأثرها الواضح على منطقة غرب المتوسط وشمال افريقيا، إضافة الى الوجود العسكري والأمني لدول الحلف الاطلسي الذي ستحتضن مدريد مؤتمره خلال هذه السنة، والذي سيشكل لحظة فاصلة في تاريخه وتاريخ الحوض المتوسطي.
لقد وضعت المكالمة الملكية محددات جديدة ليس فقط في المضامين المادية للتوافق الاستراتيجي، بل تخطته الى مدونة سلوك للجوار السلمي والمستقبلي عبَّر عنها البلاغ الصادر عن الديوان الملكي ببناء مقومات «التشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق ».. باعتبارها اللبنات المركزية في تشييد «مجتمع المصير» أو وحدة المصير
comunidad de destino

إن المرحلة القادمة ليست تحيينا للمرحلة القديمة، عندما كان البلدان يعيشان توافقا دام عقدين من الزمن استطاعا فيها الوصول الى شراكة قوية، دمرتها سلوكات نسف الثقة، بل الأمر يتطلب أبعد من ذلك، أي المسؤولية التاريخية في قيام تعاون يخدم الانسانية في محيطها المتوسطي والافريقي الشمالي والاوروبي .. وجملة القول إن الملك يدعو جاره الشمالي الى مهمة حضارية لإنهاء النزاعات وبناء السلم والرفاهية.

اترك تعليقا :
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *