خارج الحدود

جون أفريك: 30 عاما على إغلاق الجزائر لحدودها مع المغرب.. لماذا لم يتم إعادة فتحها؟

الخط :
إستمع للمقال

قبل ثلاثين عاما، في 27 غشت 1994،قررت جزائر لامين زروال إغلاق الحدود مع المغرب ردا على قيام الرباط بفرض تأشيرة دخول على الجزائريين الراغبين في السفر إلى المغرب.

وفي افتتاحيته على مجلة جون أفريك كتب فرانسوا سودان رئيس التحرير بالمجلة، أنه قبل ثلاث سنوات، وبالضبط في نهاية شهر غشت سنة 2021، قامت الجزائر تحت زعامة عبد المجيد تبون بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في عهد محمد السادس.

وأضاف أنه منذ ذلك الحين، لا شيء، على الرغم من اليد الممدودة من الملك إلى الجزائر للعودة إلى الحياة الطبيعية، يشير إلى أن الإخوة الأعداء قادرون حتى على التحدث مع بعضهم البعض مرة أخرى، حيث يبدو أن عدم التوافق بينهم قد أصبح هيكليًا.

وأشار فرانسوا سودان إلى الدعم الذي قدمه السلطان العلوي مولاي عبد الرحمن لانتفاضة الأمير الجزائري عبد القادر ضد الاستعمار الفرنسي، منذ أربعينيات القرن التاسع عشر، مشيرا إلى أنها المملكة دفعت حينها ثمنها باهظا، وهو قصف طنجة وموكادور والمعركة الدموية من إيسلي. 

وأردف بأنه وبعد قرن من الزمان، فإن سلوك الملك محمد الخامس خلال حرب الجزائر كان مشرفا حيث رفض رفضا قاطعا العروض الفرنسية بإعادة منطقة تندوف إلى المملكة مقابل تصفية ملاذات جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي أقيمت في شرق المغرب، وتجاهل مشروع تقسيم الجزائر بين الشمال والجنوب الذي اقترحت القوة الاستعمارية ربط المغرب به.

ورغم أن “الصفقة” كانت مغرية، حيث ظلت الحدود بين البلدين غير مؤكدة ومتنازع عليها، كان جواب محمد الخامس “هذه المشكلة ستسوى بعد استقلال الجزائر، مع أشقائنا الجزائريين وليس معكم. وبعد خمسة عشر شهرا نشب صراع بين الأشقاء، حرب الرمال في أكتوبر 1963، التي انتصر فيها المغرب عسكريا وجزائر أحمد بن بلة دبلوماسيا.

وشدد الكاتب على أن هذه المواجهات التي استمرت أربعة أسابيع، والتي أودت بحياة نصف ألف ضحية، ساعدت في تشكيل لدى الزعيمين الجزائريين الرئيسيين اليوم، اللذان كانا يبلغان من العمر 18 سنة آنذاك، نفس الرؤية العدائية العميقة للمغرب. وقد اعترف كل من عبد المجيد تبون واللواء السعيد شنقريحة بمدى الصدمة التي أصيبا بها إثر هذه الحادثة في ذلك الوقت، متحدثين عن حرب الرمال.

إن الانطباع بالترسب والخيانة اللذين شعرت بهما الرباط في أعقاب الاستقلال والتمزق الذي أحدثته حرب الرمال، كان قد أدى بالفعل إلى وصول العلاقات الثنائية إلى طريق مسدود عندما بدأت المسيرة الخضراء في نونبر 1975، يضيف ذات الكاتب.

وأضاف أنه من خلال إطلاق هذه الخطوة، التي كانت في الوقت نفسه رهانًا نفسيًا واختبارًا للقوة وعرضًا إعلاميا وكانت بمثابة انتصار له، وقد وضع الحسن الثاني في الحسبان بالتأكيد الفوائد الجانبية التي كان يتوقعها منها حيث استند على ركيزة لا يمكن دحضها: “حتى لو كان البعض يعتبر الصحراء أرض منفى وعار، فإن المغاربة يعتبرون مسألة مغربية الصحراء محسومة ولا يمكن مناقشتها”.

واوضح ذات الكاتب، أنه بالنسبة للصحراويين، فقد كانوا مغاربة، وكانوا كذلك دائمًا، وحينما أبدى هواري بومدين معارضته لاستعادة المغرب لصحراءه، كانت لديه عدة اعتبارات، حيث كانت الجزائر تهدف إلى إيجاد منفذ على المحيط الأطلسي من خلال دولة تابعة متداخلة، والتي ستعزل المغرب عن أي امتداد نحو أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتحافظ على توازن القوة العسكرية المقيدة ماليا للمملكة من أجل إضعافها.هذه الأهداف، التي كانت، منذ البداية، أهداف القادة في الجزائر العاصمة، لم تتغير بعد نصف قرن.

وتابع سودان قائلا: اليوم، كل شيء متحجر لأن قضية الصحراء ينظر إليها على أنها وجودية على كلا الجانبين. هذا غني عن القول بالنسبة للمغرب. لأنه إذا كان المغاربة قد انتقلوا تدريجيا من الارتباط الوثيق والثابت منذ فترة طويلة بمغربية الصحراء إلى نقش الأخيرة في قلب حمضهم النووي، فإنهم مدينون بذلك للملك محمد السادس”.مضيفا: “تماما كما يدين الصحراويون لهذا الملك بأنهم حافظوا على هويتهم الثقافية واستفادوا من التنمية المتسارعة لمنطقتهم – وهي أشياء يمكن التحقق منها بسهولة بالنسبة لأولئك الذين يتحملون عناء الذهاب إلى هناك”.

وأضاف كاتب الافتتاحية أن الصراع مع المغرب وظهور عقلية شبه محاصرة منذ إعادة إحياء الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل يبرران في نظر هيئة الأركان العامة الجزائرية، المبلغ المذهل للإنفاق العسكري: أكثر من 18 مليار دولار في عام 2023 (مقارنة ب 5.2 مليار دولار للمغرب).

وختم سودان افتتاحيته قائلا: “إن المأساة في هذه القضية هي أن الشعبين لم يعودا يعرفان بعضهما البعض، ولم يعودا يتحدثان مع بعضهما البعض، ولم يعودا يحبان بعضهما البعض. لفترة طويلة، اعتقد المغاربة أن الغالبية العظمى من الجزائريين لا يتبعون قادتهم، وأن الأزمة مع المملكة لا تعنيهم، وأنهم غير مبالين بقضيةالصحراء المغربية، وأن لديهم الكثير الهموم الأخرى، وأنه سيكفي إعادة فتح الحدود لتشهد مشاهد التآخي في كل مكان”.

لكن عقوداً من الشعارات وسوء الفهم تركت أثرها جيلاً بعد جيل. اليوم، بين الشباب على كلا الجانبين، تسود التحيزات وانعدام الثقة وعدم التفاهم المتبادل. ولم تعد ميداليات الألعاب الأولمبية سببا للفخر المشترك، بل للتنافس. ونفكر أنه كان هناك وقت دعا فيه الحسن الثاني السفير الجزائري سعد دحلب لحضور مجلس الحكومة في كل مرة كانت فيها العلاقات الثنائية على القائمة. الوقت الذي احتفل فيه الأسود والثعالب بانتصاراتهم معًا. وقت ذهبنا من وجدة إلى تلمسان ونحن نزور عائلتنا. زمن ما قبل الخنادق والأسلاك الشائكة والستار الحديدي. إنه شهر غشت الملعون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى