الأخبارركن الميداويمستجدات

خبراء يربطون فساد التمور الجزائرية بالتجارب النووية الفرنسية التي جرت بصحراء الجزائر بمباركة رسمية جزائرية

الخط :
إستمع للمقال

احتواء التمور الجزائرية على مواد كيماوية سامة أصبح واقعا رسميا لا يكتنفه أي لبس أو تَشكّك، ويستدعي من الدوائر الحكومية، اتخاذ إجراءات على وجه السرعة لحظر استهلاكها أو تسويقها في المساحات التجارية المغربية، كما فعلت الولايات المتحدة وكندا ودول أوربية عديدة، وعلى رأسها فرنسا التي سحبت كميات كبيرة من هذه التمور من الأسواق، لعدم مطابقتها للمعايير الصحية.

وأثبت كل التحليلات التي أجريت على “تمور دقلة نور”، أنها تحتوي على بقايا كيماوية سامة بنسبة 400%، وهو الواقع الذي ترفض السلطات الجزائرية قبوله حتى وإن شكّل ضربة موجعة للمُصدرين، وأيضا لأهم منتوج جزائري يُصدر خارج المحروقات.

وإذا كانت جمعية مصدري التمور الجزائرية تعزو فساد هذه التمور للعلاج العشوائي بالمواد الكيماوية، وعدم توفير الحماية الطبيعية لها، وهو ما حذا بالعديد من الدول إلى وضعها في القائمة السوداء، فإن جانبا كبيرا من المختصين والخبراء الجزائريين والأجانب يؤكدون بما يشبه اليقين على أن استعمال العلاج الكيميائي غير اللائق، ليس هو السبب الوحيد في احتواء التمور الجزائرية على مواد سامة. فهناك مبيدات ضارة تعود لزمن بعيد. وسيزاد ضررها مع تعاقب السنين.
ويربط هؤلاء احتواء التمور الجزائرية لمواد كيماوية سامة، بالتجارب النووية الفرنسية التي خلفت وما تزال، مواد مشعة مؤدية إلى الإصابة بعدد من الأمراض السرطانية، مثل سرطان الغدة الدرقية، وسرطان الرئة، وسرطان الدم.. فضلا عن وجود مواد مشعة بالصحراء الجزائرية وبالمناطق الجزائرية المجاورة لها، يطول عمرها بحسب الأخصائيين، من 10 ثواني إلى ملايين السنين.

وليس صُدفة أن تقيم الجزائر مخيمات لاحتجاز الصحراويين فوق هذه المنطقة المعروفة بموادها المشعة التي أودت بحياة الكثير من عناصر وقياديي البوليساريو، بدءا من الزعيم السابق للانفصاليين، محمد عبد العزيز، الذي توفي بمرض السرطان، وبنفس المرض توفي كل من أحمد بخاري، ممثل البوليساريو بالأمم المتحدة، وباييه الشيعة، وزير التجارة بالجبهة الوهمية، إلى جانب العشرات من الصحراويين المحتجزين قسرا في تندوف. ومن المرض الملعون نفسه يعاني إبراهيم غالي، زعيم المرتزقة، والعديد من الذين يقيمون في منطقة أجرت فيها فرنسا، بمباركة جزائرية رسمية تجاربها النووية، منذ ما يزيد عن ستين سنة.
والأسئلة الحارقة التي تؤرق اليوم الكثير من المنظمات الحقوقية والجمعوية الفرنسية والدولية، وحتى بعض الفعاليات الجزائرية، هي لماذا رخص حكام الجزائر لفرنسا باستعمال جزائريين كفئران تجارب أثناء قيامها بتجارب نووية بالصحراء الجزائرية في العهد الاستعماري، وإبان عهد الاستقلال (1960 ـ 1966)؟ وماذا جنى قادة جبهة التحرير الوطنية آنذاك من هذه التجارب التي عصفت بأرواح ما يزيد عن 40 ألف جزائري؟ كيف تم ذلك؟ ومقابل ماذا؟ .. ثم لماذا يظل التكتم الرسمي الجزائري يلف المسألة، حيث لا دراسة حول الإشعاعات النووية وآثارها على المنطقة، ولا اعتمادات خاصة للمناطق المتضررة، ولا حتى متابعة صحية منتظمة للسكان الضحايا.
أسئلة كثيرة محيّرة تُطرح اليوم بعد مرور أزيد من 60 سنة عن هذه التجارب. وما يثير الاستغراب أكثر، أن لا واحدة من الحكومات المتعاقبة منذ استقلال الجزائر، تقدمت بدعوى قضائية ضد فرنسا لحساب من ماتوا بسبب هذه التجارب النووية، فيما تتعالى اليوم أصوات أحزاب وفعاليات حقوقية وجمعوية جزائرية وفرنسية للمطالبة بتحقيق دولي حول هذا الملف الذي ضُرب عليه طوق من السرية منذ عقود.

وما يثير الاشمئزاز أيضا هو إصرار النظام الجزائري على ذكر فقط منطقتي رفان وحموديا اللتين أجريت فيهما تجارب “اليربوع الأزرق”، ثم تفجير “اليربوع الأبيض” وبعده “اليربوع الأحمر” فـ”اليربوع الأخضر” سنة 1961. أما التجارب النووية الباطنية فيتجنب حكام الجزائر الحديث عنها لأنها ببساطة جرت خلال الست سنوات من استقلال الجزائر وبتواطؤ مع القادة العسكريين، وعلى رأسهم هواري بومدين. وبلغ عددها 13 تجربة أضيف إليها التفجير الرابع عشر الفاشل الذي تم في مارس 1965، أي ثلاث سنوات بعد الاستقلال. وكل هذه التفجيرات الباطنية التي فاقت قوتها أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما، وقعت في أنفاق حفرها سجناء ورعاة جزائريون داخل جبل “إينكر”. ومن أبرزها التفجير الذي أطلق عليه اسم “مونياك” وبلغت طاقة تفجيره 120 كيلوطن.
وكان الخبراء الفرنسيون يميزون السكان الذين استعملوهم كفئران تجارب، بقلادات معدنية تحمل أرقاما تسلسلية لمعرفة تأثير الإشعاعات عليهم. ومن فرط المضاعفات المدمرة لهذه التفجيرات الباطنية منها والسطحية، على سكان الصحراء الجزائرية الذين أصيبوا بأوبئة وأمراض مختلفة، فقد كانوا يؤرخون لها ب”عام الموت” و”عام السعال” و”عام الجدري”..
وتكشف الوثائق الفرنسية مدعومة بصور لحجم الدمار، عن عمليات إخفاء النفايات النووية وطمر كل آثار تلك الجرائم البشعة التي كانت منطقة تندوف ضمن المواقع التي شملتها، فيما أكدت وسائل إعلام أجنبية استنادا إلى تقارير طبية، أن العديد من السكان المحتجزين بتندوف يعانون اليوم من داء السرطان ويتعرضون بسبب الإشعاعات النووية لفقر الدم والعقم وتشوهات خلقية مختلفة.
والسؤال الذي يُحيّر اليوم المواطن الجزائري على الخصوص إلى جانب المنظمات الحقوقية الدولية، هو لماذا لم تطلب السلطات الجزائرية من فرنسا تفعيل الآليات اللازمة لتمكين الجزائريين من التخلص من الانعكاسات البيئية والصحية لهذه التجارب، والعمل على تفكيك المنشآت والمعدات المشعة التي تركتها تحت الرمال بمنطقتي رقان والهكار وهما الأكثر تضررا من التفجيرات النووية. ثم لماذا اختارت سلطات الجزائر احتجاز الصحراويين قسرا في منطقة تندوف التي سبق وأن كانت موقعا لتجارب نووية، وستستمر إشعاعاتها لمئات السنين، بمضاعفات سرطانية جلدية ونفسية، ووفيات متكررة عند الأطفال في الولادة، وحالات عقم وتشوهات خلقية وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى