خبير فرنسي: انتصار المغرب في الصحراء ثمرة سياسة خارجية متماسكة يقودها الملك محمد السادس

قال الخبير الفرنسي في مجال الجيوسياسية، سيباستيان بوسوا، في عمود نشره اليوم الاثنين 03 نونبر 2025، في صحيفة “جورنال دي ديموندش” إن الانتصار الدبلوماسي للمغرب في الصحراء جاء ثمرة لسياسة خارجية متماسكة واستباقية يقودها الملك محمد السادس.
وأضاف بوسوا أنه “إذا كان المغرب يحقق اليوم نجاحات دبلوماسية كبرى، فالفضل في ذلك يعود أساسا إلى عقدين من الزمن من السياسة الخارجية المتماسكة والاستباقية التي يقودها الملك محمد السادس”، مبرزا أن هذا الانتصار يكرس رسوخ المملكة المتطلعة نحو المستقبل.
وشدد كاتب المقال على أن “اعتماد القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2797) لصالح السيادة المغربية على الصحراء يمثل انتصارا دبلوماسيا رسميا للرباط”، مشيرا إلى أن “هذا النجاح، الذي يعد ثمرة صبر وثبات المملكة، يجسد متانة الدبلوماسية المغربية القائمة على القانون الدولي، والمصداقية والواقعية”.
وتابع أن المغرب “يجني ثمار استراتيجية واضحة ومندمجة، تجمع بين الاستقرار الداخلي، والانفتاح الإفريقي، والتحالفات الدولية المستدامة”. مبرزا أن القرار الأممي بشأن الصحراء المغربية يعزز وجاهة مخطط الحكم الذاتي الذي يندرج ضمن “استمرارية قانونية ودبلوماسية”، على اعتبار أنه “بعد الاعتراف الرسمي من قبل الولايات المتحدة في دجنبر 2020، ثم اعتراف عدة عواصم أوروبية، من ضمنها باريس في 2024، لم تعد شرعية الموقف المغربي محل نقاش”.
إلى جانب ذلك، اعتبر بوسوا، وهو مدير المعهد الأوروبي للجيوسياسية، من جهة أخرى، أن الملك محمد السادس نجح في إعادة تموقع المملكة في قلب محيطها الإفريقي من خلال العودة إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، ونسج شبكة كثيفة من الشراكات الاقتصادية، والطاقية، والأمنية في جميع أنحاء القارة.
وفي هذا الصدد، أكد أن هذه الاستراتيجية مكّنت المملكة من اكتساب شرعية سياسية تتجاوز الإطار المغاربي وتستقطب اليوم المؤسسات الدولية، مضيفا أن هذا الخيار طويل الأمد يؤتي ثماره المتمثلة في الاستقرار السياسي، والجاذبية الاقتصادية، وصورة قوة معتدلة قادرة على الحوار مع الجميع، من واشنطن إلى بروكسيل، ومن دكار إلى أبيدجان.
وأبرز كاتب المقال أن الانتصار المغربي في الأمم المتحدة ليس دبلوماسيا فحسب، وإنما يفتح مرحلة سياسية واقتصادية جديدة، مشيرا إلى أن التحدي أصبح مزدوجا الآن. فمن جهة، يجب تعزيز الوحدة الوطنية من خلال الاستجابة لتطلعات الشباب المتطلب، ومن جهة أخرى، يجب جعل الصحراء المغربية قاطرة للتنمية، على غرار باقي جهات المملكة.
وبالنسبة للخبير في الجيوسياسية، فإن الأقاليم الجنوبية هي بالفعل في صميم الاستراتيجية الوطنية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي الكبير، والاستثمارات في الطاقات المتجددة، والسياحة، واللوجستيك، ومشاريع الاقتصاد الأزرق تجعل منها منطقة للمستقبل.
وأكد بوسوا على أن الرهان يتمثل في ربط الازدهار المحلي بالتكامل الإقليمي، من خلال تحويل الصحراء إلى نقطة وصل بين المغرب، وغرب إفريقيا، وأوروبا.
وخلص كاتب المقال إلى أن انتصار المغرب في الأمم المتحدة ليس انتصار بلد على آخر فحسب، وإنما هو “انتصار للقانون على الفوضى، وانتصار الرؤية على الحقد، وانتصار للهدوء على التشنج”، مشيرا إلى أن “الدبلوماسية المغربية، الصبورة والمهيكلة، تظل واحدة من أكثر الدبلوماسيات تماسكا في القارة. وقد يكون المغرب، بفضله وليس على الرغم منه، هو من سيعيد إحياء الأمل في مغرب كبير موحد متطلع نحو المستقبل بدلا من أن يظل أسيرا لجراحه”.





