الأخبارمجتمعمستجدات

خيال المعطي منجب.. الإجرامي

الخط :
إستمع للمقال

لا أحد ينكر أن المعطي منجب هو المشتبه فيه الوحيد الذي كان يتمتع بخيال إجرامي متفرد عن غيره من الرفاق في النضال، فهو الوحيد الذي استطاع كبح جماح نزواته وفرملة غزواته الغريزية وانبرى يبحث عن جرائم “الياقات البيضاء” حتى لا يصطف في خندق المعتدين والمتحرشين جنسيا، وحتى لا تلاحقه مطالب الضحايا وشبهة المساس بالأعراض والأخلاق العامة، مثلما هي تلاحق اليوم سمعة عمر وسليمان وقبلهما توفيق بوعشرين.

ولن تجد أيضا من يجادل في “فهلوة” و”حذاقة” المعطي منجب مقارنة مع باقي الرفاق في النضال، فهو الوحيد الذي تزوج من مواطنة أجنبية لتضمن له فتح أكثر من حساب بنكي في عدة مؤسسات مصرفية أجنبية، وهو الوحيد الذي تخصص في تسويد أموال تحويلات المجتمع المدني وتبييضها في اقتناء “الأرض والأوتاد في ابن سليمان”، وهو الوحيد أيضا الذي يتقن فن التعامل مع الإضراب عن الطعام في السجون، مقارنة مع باقي “أشبال النضال”.

لذلك، فلا غرو أن تجد المعطي منجب يتباهى اليوم بخياله الدافق مقارنة مع خيال الدولة الذي يعتبره منعدما! ولا غرابة أيضا أن يزهو المؤرخ التاريخي ب”حذاقته” في تدوينته الفايسبوكية حول الترخيص لناصر الزفزافي بعيادة والده في المستشفى في التفاتة إنسانية من جانب المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. فالمعطي منجب يعيب على الدولة “عدم الإبداع في التهم الموجهة لحوارييه ورفاقه”، ناسيا أن هناك قواعد قانونية آمرة تنص على أن “المحكمة لا تحكم بأكثر مما طلبه الأطراف”، وأن ” الشرعية تقتضي أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”.

فالذي ينبغي أن يُبدع ويرخي العنان لخياله هم أتباع المعطي منجب وليس الدولة، ولهم في معينه الدافق المورد والزاد الإجرامي المطلوب، إذ لا يمكن للدولة أن تتابعهم أو تحملهم أكثر مما اقترفوا لأنها محكومة بمبدأ الشرعية ومقيدة بما اقترفه الأطراف. فأجهزة الدولة لا يمكنها أن تبدع في متابعة سليمان الريسوني بغير ما ارتكبه “قلمه” من جرائم جنسية، ولا يمكنها أن تتجاوز فصول الاغتصاب والتخابر مع الأجنبي في قضية عمر الراضي. فهؤلاء هم من يتعين عليهم أن يمسكوا بناصية الإبداع مثلما فعل كبيرهم الذي علمهم فن الإضراب عن الطعام، ومن استطاع أن يراكم الثروات بأموال الجمعيات وينعم، مع كل ذلك، بالسراح المؤقت خارج أقبية السجون.

وفهلوة المعطي منجب لا تقتصر على “الإبداع الإجرامي” بل تتخطاه إلى درجة السادية التي تتمثل في الإمعان في “قطع الطريق على كل المبادرات المؤسساتية النبيلة التي تروم التخفيف عن المعتقلين ونزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية”. فالمعطي منجب اعتبر الترخيص لناصر الزفزافي بزيارة والده الراقد في المستشفى بأنه جاء نتيجة الضغط الشعبي والفايسبوكي، وكأن لسان حاله يزايد على “نبل” المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ويطالبها بالتراجع والقطع النهائي مع مثل هكذا مبادرات ذات بعد إنساني واجتماعي.

فالمعطي منجب يغيضه أن يصدر ما هو جميل وإنساني عن الدولة، لذلك فهو يحاول فايسبوكيا أن يفرغ هذه المبادرات من محتواها الإنساني الجميل! بل الذي يغيض أكثر هو أن يحاول هذا المؤرخ التاريخي ازدراء هذه المبادرات وتبخيسها لئلا تحسب في ميزان الدولة وسلطاتها القضائية والأمنية. فأن يُمنع ناصر الزفزافي من عيادة والده الذي يرقد بالمستشفى أفضل لديه من أن تظهر الدولة بمظهر الحنون والعطوف على نزلاء السجون. وأن يموت سليمان الريسوني (منتحرا) خير عند المعطي منجب من أن يرفع هذا الأخير إضرابه عن الطعام. فما يثلج قلب المعطي منجب هو أن يرى السجون عامرة بينما يرفل هو في أرصدته المالية وأوعيته العقارية بعيدا عن قصاص العدالة.

إنه فعلا الخيّال الإجرامي الخلاّق والمبدع الذي يجب التأسي به والسير على نهجه. فليس هناك أبدع من المعطي منجب وهو يتاجر بالقانون ويتلاعب بأحاسيس الدولة والناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى