الأخبارسياسةمستجدات

رشيد نيني يكتب.. موسم الهجرة نحو الجنوب

الخط :
إستمع للمقال

تطرق الزميل الصحافي رشيد نيني في عموده “شوف تشوف” على جريدة “الأخبار”، لموضوع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعديد من الدول الإفريقية.

وكتب رشيد نيني في عموده “شوف تشوف” تحت عنوان “موسم الهجرة نحو الجنوب” مايلي:

يقوم ماكرون بزيارة للغابون وأنغولا والكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وقبل أن يركب طائرته الرئاسية ألقى خطابا في الإليزي موجها للمغرب والجزائر، كاد أن يعترف فيه بأن لا دخل له ولا يد في ما يحدث للمغرب في البرلمان الأوروبي من اتهامات برشوة أعضاء به وما حدث بشأن قضية ادعاءات التجسس على هاتفه من طرف المغرب. وكأن التصويت الذي تم ضد المغرب في البرلمان الأوروبي لم يكن بقيادة برلمانيين ينتمون لحزب ماكرون.

وعندما يلمح ماكرون إلى أن هناك جهات في فرنسا تريد أن تعكر صفو العلاقات مع المغرب فهو صادق في هذه على الأقل، فالدولة العميقة في فرنسا ليست على قلب رجل واحد. وهناك اليوم حرب داخلية مفتوحة وسط أروقة الدولة العميقة الفرنسية خرجت بعض روائحها الكريهة للعلن بعد نشر لوموند لتحقيق حول جهاز الاستخبارات الخارجية وكيف يستثمر أمواله عبر واجهات مدنية.

في فرنسا العميقة هناك ثلاثة أقطاب تتقاسم النفوذ، هناك من جهة الإليزي، الكي ضورصاي وغالبية الطيف الإعلامي الذي يستفيد من مليارات الأورو سنويا كدعم عمومي، ثم هناك ثانيا DGSE، وثالثا هناك المركب الصناعي العسكري المشكل من الجيش وأصحاب شركات الصناعات الحربية. وكل قطب من هذه الأقطاب يدافع عن مصالحه باستعمال القضايا الدبلوماسية المفبركة، مثل قضية إخراج الفرنسية الجزائرية المعارضة من تونس والتي كانت قضية صراع مخابراتي داخلي ولا علاقة لها بالخلاف مع الجزائر.

ولذلك فيمكن أن يكون هناك جزء من الدولة العميقة الفرنسية يدافع عن علاقات إيجابية مع المغرب، لكن الأكيد أن هناك جزءا آخر يفضل اللجوء للأساليب القديمة التي كانت تستعملها فرنسا الامبريالية مع مستعمراتها .

زيارة ماكرون لهذه الدول الإفريقية تحديدا جاءت بسبب أنها رفضت التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يطالب روسيا بالانسحاب من أوكرانيا، مما يعني أن زيارة ماكرون هدفها الحد من التواجد الروسي في هذه الدول، وأيضا البحث عن فرص جديدة، خصوصا أن فرنسا بدأت تفقد نفوذها في إفريقيا وأصبحت ألمانيا هي أول مصدر أوروبي نحو إفريقيا.

زيارة ماكرون هدفها أيضا محاصرة النفوذ المغربي المتزايد داخل القارة، فماكرون يخوض اليوم ضد المغرب الحرب الشاملة داخليا وخارجيا، والمتابعات والأحكام الأخيرة التي طالت مشاهير مغاربة والمزاعم التي تروج حول وجود لائحة لمسؤولين مغاربة سلمتها بلجيكا لفرنسا مطلوبين للعدالة ما هي سوى رسائل مبطنة للمسؤولين المغاربة مفادها أن سيف العدالة الفرنسية لن يستثني أحدًا.

فبالنسبة لجهاز DGSE فليس مسموحا أن يتحول المغرب إلى تركيا إفريقيا، وقد عبر مديره برنار إميي Emié Bernard عن ذلك عندما قال أن مسار المغرب يشبه كثيرا مسار تركيا وهذا أصبح يشكل هاجسا لفرنسا.

ولذلك ففرنسا كانت دائما تحارب المغرب عبر الجزائر، ففرنسا هي التي كلفت إسبانيا باستعمار الصحراء وهي من هبت لنجدة الجيش الإسباني عندما كان جيش التحرير سيحسم ملف الصحراء بالسلاح لصالح المغرب فأرسلت دعما عسكريا لنجدة الجيش الإسباني.

اليوم تنشئ الجزائر الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي وتضخ فيها مليار دولار، وهو بالنهاية مشروع فرنسى لكبح جماح المغرب في القارة الافريقية.

ولذلك فإذا كانت هناك دولة ليس من مصلحتها حل نزاع الصحراء فهي فرنسا، لأنها تمسك بأوراق الملف وتلعب بها لأجل مصالحها، ولو أرادت فرنسا أن تكشف عن الوثائق والخرائط التي تملك لما اعترفت لنا فقط بحقنا في الصحراء بل أيضا بحقنا في الصحراء الشرقية التي اقتطعتها وسلمتها للجزائر اعتقادا منها أن استعمارها سيدوم إلى الأبد. ويمكن أن نتفهم فزع فرنسا من المستقبل وكشفها فجأة عن وجهها الامبريالي الذي كان مغطى مليار أورو سنويا. مشكلة فرنسا، كما يعترف بذلك سياسيوها أنفسهم، أنها تغير سياستها كل خمس سنوات، فقد فوتت الفرصة على نفسها في 2002 عندما أبدى بوتين رغبته في التعاون مع الأوروبيين، لكن فرنسا رفضت، وهي تؤدي الثمن اليوم، لأنهم لو عقدوا شراكة مع روسيا لكانوا أنشؤوا حلفا متناسقا يستطيع مواجهة الصين وأمريكا، لكنهم رفضوا وتركوا بوتين يتحالف مع الصين، وهكذا سقطت دول الاتحاد رهينة بين يدي أمريكا وحلفها تصنع بهم كل ما تريد، بما في ذلك تدمير اقتصادهم بأيديهم وتخريب مستقبل أبنائهم وتجريدهم من أي سلاح يمكن أن يدافعوا به عن أنفسهم مستقبلا لالمساحيق.

ففرنسا في سنة 2030 لن تكون ضمن الدول العشر القوية الأولى عالميا وستتجاوزها البرازيل وإندونيسيا.

فرنسا تستورد اليوم 29 بالمائة من اللحوم و60 بالمائة من الفواكه و 40 بالمائة من الخضروات.

الفرنسيون احتلوا المرتبة الثالثة سنة 2022 في لائحة أكثر الجنسيات هجرة إلى كندا بعد الهنود والأفغان.وهذا طبيعي فالحرب في أوكرانيا تكلف فرنسا خمسة ملايين أورو يوميا ومليارا ونصف.

مشكلة فرنسا، كما يعترف بذلك سياسيوها أنفسهم، أنها تغير سياستها كل خمس سنوات، فقد فوتت الفرصة على نفسها في 2002 عندما أبدى بوتين رغبته في التعاون مع الأوروبيين، لكن فرنسا رفضت، وهي تؤدي الثمن اليوم، لأنهم لو عقدوا شراكة مع روسيا لكانوا أنشؤوا حلفا متناسقا يستطيع مواجهة الصين وأمريكا، لكنهم رفضوا وتركوا بوتين يتحالف مع الصين، وهكذا سقطت دول الاتحاد رهينة بين يدي أمريكا وحلفها تصنع بهم كل ما تريد، بما في ذلك تدمير اقتصادهم بأيديهم وتخريب مستقبل أبنائهم وتجريدهم من أي سلاح يمكن أن يدافعوا به عن أنفسهم مستقبلا غير السلاح الأمريكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى