

ليس بجديد على المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، ما قامت به أمس الأربعاء، عقب المحادثات التي أجراها مع الرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا بالقصر الرئاسي ليبروفيل، عندما أشرف بنفسه وقام بتسليم هبة ملكية تتكون من 2000 طن من الأسمدة للفلاحين الغابونيين، في إطار العناية التي تخص بها المملكة المغربية فلاحي هذا البلد الشقيق، خصوصا في هذه الظرفية الحالية التي ترخي الأزمة الغذائية العالمية وصعوبات التزود بالأسمدة بظلالها على عدد من الدول، خاصة بالقارة السمراء.
ويعكس هذا اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس والرئيس الغابوني علي بونغو، الاهتمام الذي أبداه قائدا البلدين على الدوام لتوطيد شراكتهما الاستراتيجية المدعومة بعلاقات أخوية تاريخية، والتي حدد معالمها الأولى الملك الراحل الحسن الثاني والراحل الرئيس عمر بونغو أونديمبا.
وعليه، فإن هذه الهبة الملكية تشهد على عمق وثراء العلاقات الاستراتيجية والوثيقة والأخوية التي تربط المملكة المغربية بجمهورية الغابون، والتي تشكل مثالا للتعاون الإفريقي القائم على قيم التضامن والتبادل والمشاركة.
وتدخل هذه الهبة الملكية في صميم الاستراتيجية الملكية، والتي كانت تهتم دائمًا برفاهية الشعوب الإفريقية، في إطار رؤية موحدة أصيلة للتنمية المشتركة، والتي تتناقض مع نظرة أولائك الذين لازالوا يعتبرون إفريقيا مستعمرة وحديقة خلفية تابعة لهم.
وإلى جانب ذلك، فإن هذه الهبة الملكية مكونة من الأسمدة التي تتكيف مع تربة الغابون، في إطار نهج بيئي أساسي، قائم على تحديد الاحتياجات الغذائية من أجل تجنب أي استخدام مكثف يمكن أن يكون ضارًا.
وتعكس الهبة الملكية لصالح صغار المزارعين الغابونيين الاستراتيجية الملكية متعددة الأوجه في إفريقيا والتي ترتكز بشكل خاص على الأمن الغذائي، والتنمية المستدامة، وتعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والوساطة لحل النزاعات، واستقبال المهاجرين واللاجئين، وكذلك الحفاظ على السلام وتوطيده في القارة.
كما تشهد هذه الهبة على الالتزام الراسخ للملك محمد السادس بالمساهمة في تحقيق الهدفين الأول والثاني من أهداف الأمم المتحدة الإنمائية على مستوى القارة الأفريقية بحلول عام 2030، وهما القضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع.
وتعد هذه الهبة الملكية أيضًا مساهمة فعالة في تحقيق الهدف الذي حدده الاتحاد الإفريقي والمتمثل في زيادة استخدام الأسمدة من 8 كيلوغرامات للهكتار إلى 50 كيلوغراما.
إن هذا الالتزام الأصيل للمملكة المغربية المبني على التآزر والتعاون مع دول القارة الإفريقية هو ما جعلها اليوم تتعرض لتعامل قاسٍ غير مسبوق من بعض الأطراف، على غرار الحملات المتوالية التي تستهدفه مؤخرا من طرف البرلمان الأوروبي والهجمات المستمرة ضد مؤسسات ورموز الدولة المغربية من طرف منظمات ووسائل إعلام تخدم أجندات معادية للمغرب ومصالحه.
إن ما يجب أن يعلمه هؤلاء الذين سيكون مصير حملاتهم الممنهجة ضد المغرب الفشل كما فشلت الحملات السابقة، هو أن النهج المبني على الريع الاستراتيجي واستغلال خيرات الدول الإفريقية عفا عليه الزمن وتم تجاوزه منذ مدة، وحتى شعوب القارة الإفريقية أصبحت تدينه بشكل متزايد، وهو ما فسره طرد فرنسا من العديد من البلدان الإفريقية كمالي وبوركينا فاسو ودول أخرى قادمة في الطريق.