الأخبارمجتمعمستجدات

روزانفالون، دوهاميل، سيوتي وآخرون: هل سينقذُ العقلاء الفرنسيون بلادهم من الخراب السياسي والديبلوماسي والإنساني الذي أغرقها فيه إمانويل ماكرون..؟

الخط :
إستمع للمقال

منذ شهر تحديدا، يوم عن ظهر يوم، كان المؤرخ والباحث المتخصص في القضايا الديموقراطية بيير روزانفالون Pierre Rosanvallon قد رفع نقطة نظام في وجه الرئيس إيمانويل ماكرون، ووصف مرحلته بأنها تعرف «أخطر أزمة ديموقراطية تعيشها البلاد منذ نهاية حرب الجزائر». كما وصف سياسته بأنها سياسة «لا شعبية، ولا ليبرالية، وميلها واضح نحو الاستبداد والمحافظة».

وهذا التصريح الصادر عن أحد الفلاسفة والمؤرخين الكبار في بلاد موليير، كان قد حرك الحقل السياسي يمينا ويسارا وفي الأوساط العلمية الفرنسية وفي الدوائر الفرانكوفونية، لكنه بالأساس أخرج الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه عن صمته ودفع به إلى التعليق على ما قاله صاحب كتاب «قرن الشعبوية» الصادر أخيرا… ولم يكن رده سوى دفاعا ضبابيا عن نفسه وعن سياسته بدون أن يملك قوة الإقناع.

ومن أهم الأشياء التي اتهم بها المؤرخ والباحث، رئيس بلاده هي أن هذا الأخير «لايرى أن هناك أزمة خطيرة.. وأنه يتنكر لروح المؤسسات التي تعطي للديموقراطية معنى بل الأدهى من ذلك اعتبر بيير روزانفالون أن إيمانويل ماكرون ينزع نحو :«انزلاق سلطوي سببه العماء» ! والرجل «لا يملك اعترافا به من طرف الفرنسيين» وهو أخطر ما يمكن أن يقع لرجل سياسة فبالأحرى لرجل دولة!..

وحسب روزانفالون فإن فرنسا في أزمة عميقة لم تعرفها منذ ستين سنة (منذ 1962) وهو حكم قاس على البلاد في عهد ماكرون .. وقد كان «آلان دوهاميل» قد عبر عن نفس الرأي، على المستوى السياسي والمجتمعي حيث اعتبر بأن فرنسا “تعيش أزمة سياسية جد خطيرة بل أزمة مجتمع”!

وتعددت الأزمة الفرنسية، داخليا وخارجيا وطالت الوجود الديبلوماسي والوجود الجيوـ ستراتيجي والعلاقة مع الشركاء التقليديين! واتسعت بذلك رقعة الفراغ التي فتحها الرئيس.. وعلى المستوى نفسه، من العمى السياسي تعالت الأصوات مطالبة بتغيير العلاقة مع الشريك الرئيسي في شمال إفريقيا، أي المغرب.

وفي هذا الباب عاد زعيم الجمهوريين الفرنسيين إلى انتقاد السلوك السياسي مع ماكرون وطالب بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. وفي خرجة ثانية بعد زيارته للمغرب لم يتردد إيريك سيوتي في الإعلان صراحة عن مشروعه السياسي في حالة انتخب رئيسا للبلاد.

ويجب القول أن إيريك «سيوتي» سبق له أن زار المغرب، في سياق الأزمة الحالية بين الرباط وباريس، ولم يخف طبيعة الزيارة عندما ربط فيها بين تاريخ «الجنرال ديغول» وتاريخ «محمد الخامس»، ملك المغرب الذي قاد معركة التحرير، بل رفع من مستواها إلى درجة جعلها التعبير الفعلي عن علاقة الفرنسيين والمغاربة على ضوء التاريخ والمستقبل معا..
التصريحات الحديثة زادت من وضوح الموقف، إذ لم تمض أكثر من أسبوعين حتى عاد نفس السياسي الفرنسي إلى الواجهة مصرحا لقناة “I24 “بأنه » إذا تم انتخابي رئيسا لفرنسا فسأعترف بسيادة المغرب على صحرائه «..بل إن الزعيم الجديد للديغوليين ذهب أبعد من سابقيه عندما قال بأن “قضية الصحراء لها علاقة بالأوضاع الداخلية للجزائر” التي تزايد بها على فرنسا والمغرب معا.

من المنطقي أن ينظر المغاربة إلى مواقف اليمين الديغولي والعديد من المثقفين باعتبارها تعبيرا عن رغبة عميقة داخل المجتمع الفرنسي للخروج من الوضع الذي زجه فيه الرئيس ماكرون. ولعل الديغوليين وهم الحلفاء الظرفيون لماكرون يشعرون بأن الرجل يبدد التراث السياسي الفرنسي تجاه المغرب وفي قلبه التراث الديغولي، كما أن التحليل الذي يرى أن الطبقة السياسية والفكرية الفرنسية بدأت تشعر بالتخوف مما يقوم به ماكرون، وتأثيره على الوضع الاعتباري للبلاد في محيطها التاريخي والجغرافي له غير يسير من الصحة، بل يبدو أن الطبقة السياسية بدأت تدبر ما بعد ماكرون في تصحيح الأوضاع والخروج من الفخ السياسي لعسكر «المرادية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى