

سعيا منه لتحسين صورته التي تلطخت أثناء مواجهته العنيفة لاحتجاجات أصحاب البذلات الصفراء، وما تسرب من ممارساته السيئة اثناء توقيف بعض الاشخاص الجانحين، بادر البوليس الفرنسي الى تقليد البوليس المغربي في استقبال اطفال صغار عاشقين لمهنة وبدلات رجال الأمن.
وبالرغم من أن المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب سارت منذ سنين على هذا النهج، فان اهدافها لا تندرج ضمن سعيها لإصلاح اخطاء مرتكبة، او معالجة صورة هشة، بل إنها قامت بهذه المبادرات لأهداف ودواعي انسانية تنسجم بشكل كامل مع رسالتها النبيلة.
إن الذين استقبلتهم مديرية الامن ورعتهم واستجابت لامانيهم في المغرب، هم عشرات الأطفال الصغار الذين تمنوا ارتداء بدلة رجل الأمن، وإعطاء التحية للعلم الوطني، ومن هؤلاء من هو مريض بالسرطان، ومنهم من عبر عن امانيه جهرا او بالبكاء، ومنهم من ظهر في فيديوهات يرتدي بدلة شبيهة لبدلة الشرطة، ومارس كل ما بوسعه وقدرته البريئة كي يوصل رسالته الى من يمكن أن يحقق أمنيته. فما كان من المديرية العامة للأمن الوطني، إلا أن استجابت لرغباتهم البريئة، وعشقهم الكبير للمهنة، وحققت لهم زيارات استطلاعية لمقرات الأمن الوطني، ومكنتهم من التحاور مع مسؤولي الأمن إشباعا لفضولهم البريء، ومن الاطلاع عن قرب على المشاغل اليومية لرجال الأمن، وبل وأتاحت لهم ايضا ممارسة مهنة الاحلام.
إن المديرية العامة للأمن الوطني وقد اتخذت من هذه الزيارات الملائكية تقليدا متكررا في مقرات الشرطة ومفوضياتها بما في ذلك المقر المركزي، إنما تعمل في نفس الوقت على التخفيف من آلام الاطفال الذين يعانون من امراض مزمنة، وتغذية احلامهم الطامحة الى ممارسة المهنة، وفي ذات الوقت فإنها تمنح لهؤلاء الأطفال فرصة الاحتكاك مع رجال الأمن، واستيعاب رسالتهم النبيلة المتمثلة اساسا في حماية المواطن، وإرساء الطمأنينة والسكينة للجميع، بمن فيهم الأطفال، وضمان مجتمع آمن وخاليا من الخوف، وهي الصورة التي تحرص المديرية العامة للأمن الوطني على ضمانها ليل نهار، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
إن الجهاز الأمني المغربي الذي نجح في تقريب صورة مثالية لرجل الشرطة إلى مختلف شرائح المواطنين، وفي إبراز الجوانب الإنسانية لهذه المهنة أثناء كل التدخلات التي يقوم بها عناصر الأمن في كل الأوقات، هو نفسه الجهاز الذي استحسن العالم يقظته المستمرة في مواجهة التطرف والارهاب بشكل استباقي، بل، أحيانا، تقديم المعلومات الاستباقية لشركائه في دول أخرى، وهو بذلك نال التنويه من اكثر الاجهزة الامنية تقدما في العالم، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وألمانيا، واسبانيا، وفرنسا رغم عدم اعتراف هذه الأخيرة بالجميل. وقد اجتهدت هذه المؤسسة الوطنية في تفادي صور منفرة لمهنة الشرطي، كما حصل في فرنسا أثناء مواجهة أصحاب البدلة الصفراء، الذين خرجوا محتجين إلى الشارع، فواجهتهم الشرطة بالعنف المبالغ فيه، وطبعا فهؤلاء المحتجون لهم ابناء وحفدة واقرباء، أصبحوا يرون في رسالة الشرطة عدوة للحقوق العادلة.