شكرا.. عزيز غالي – برلمان.كوم

استمعوا لبرلمان راديو

17:55 - 24 فبراير 2023

شكرا.. عزيز غالي

برلمان.كوم - بقلم: أبو علي

عندما يكون صدرك متشنجا، لا يتسع ضيقه لتحمل رحابة الانتقاد والاختلاف، فلا تطالب الدولة بأن تتحمل صفاقاتك بمسوغ حرية التعبير. فالمفروض أن لا تنتظر من الناس كرما عندما تكون أنت بخيلا، ولا أن تنتظر منهم لطفا عندما تكون وقحا، ولا تنتظر منهم ما لم يجدوه فيك أصلا.

هذا الكلام، المقتبس من روائع نجيب محفوظ، يكاد ينطبق على حال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تتدثر في العلن بالعمل الحقوقي، لكنها عند أول تمرين حقوقي كانت هي أول من يصادر حق الصحافيين في الإخبار، ويطوق أقلامهم بالشكايات، ويصادر حريتهم بالبيانات الصحفية المفعمة بالقذف والتجريح والتدجين.

هذا هو حال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في عهد جنرالها الحالي عزيز غالي! الجمعية التي يُسدلون عليها زورا وصف “موئل الحقوقيين”، صارت في الحقيقة “ملاذا لمن يضطهدون الصحافيين وينكلون بهم بالشكايات والوشايات ويهددونهم بالبيانات الإعلامية التي تصدح بلغة الدكتاتوريين”.

ففي عهد قريب، أسبغت خديجة الرياضي على أقلام مهنة صاحبة الجلالة وصف “الكتبة”، في إماءة التحقير والتقزيم، وها هو “اللواء” عزيز غالي يعطي تعليماته اليوم لمتاريس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لأن يصدوا الباب ولا يتعاملوا مع الصحافيين الذين لا يكتبون وفق محبرة اليسار الراديكالي.

فعزيز غالي اختار أن يكون مثله مثل زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، الذي قسم معشر الصحافيين إلى فسطاطين: فسطاط أول يتقاسم نفس الأجندات والخلفيات مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو الأحق بالسبق الصحفي والتعامل على قدر الولاء، وفسطاط الروافض الذين تناوؤهم الجمعية وتطوق أعناقهم بالشكايات والبيانات والبلاغات الكيدية.

بل إن عزيز غالي ربما تجاوز في هذه التقسيمات “الشوفينية” الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، عندما قسم العالم لمحورين: محور الخير ومحور الشر في أعقاب تداعيات أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001.
وللأسف، سيذكر التاريخ في خانة “الانتكاسات الحقوقية” أن عزيز غالي كان أول فاعل حقوقي، كما يسدل على نفسه، اشتكى وبكى على مذبح العدالة، لتسييج الصحافة بأغلال المتابعات وقيود الشكايات.

وسيدوّن التاريخ أيضا بمداد دامس أسود أن “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” هي أول منظمة غير حكومية تدبر الاختلاف بالشكايات، وأنها أول جمعية حقوقية تشتكي الصحافيين وتطوق أقلامهم الجامحة بأسلوب الدكتاتورين.

إنها أهم منجزات عزيز غالي وخديجة الرياضي في الحقل الحقوقي المغربي! منجزات تكشف كم هو ضيق جدا صدر الجمعيات الحقوقية، وكيف أنها لا تتحمل سهام الانتقاد والاختلاف.

وعلى عزيز غالي وخديجة الرياضي أن يدركا، مستقبلا، أنه لا يحق لهما، بل ينبغي أن يخجلا من أنفسهما، عندما يطالبان الدولة والمسؤولين العموميين بعدم الركون للقضاء ضد النشطاء الفايسبوكيين بتهمة “الإهانة”.

لأن من المفروض أن لا تطالب الغير بسعة الصدر وأنت في الحقيقة تحمل “المرارة” في مكان الرئتين. كما أنه من المبدئي كذلك أن يكون الفاعل الحقوقي هو الأكثر إيمانًا بكونية وشمولية حقوق الإنسان، بما فيها حرية التعبير والصحافة، لا أن يكون هو أول من يصادر هذا الحق عند أول اختلاف.

وكرسالة أخيرة للسيد عزيز غالي: شكرا لك، لأنك كشفت للمغاربة جوهر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان! وجعلت الجميع يدرك زيف الشعارات الحقوقية الرنانة، التي سرعان ما تتحول إلى زبد البحر عند أول حركية بحرية بين المد والجزر.

اترك تعليقا :
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *