صرخة من سوس ماسة.. الجبهة يحذر من أزمة مياه خانقة وتعسف إداري يهددان قطاع الحوامض بالمغرب

أطلق يوسف الجبهة، رئيس الغرفة الفلاحية لجهة سوس ماسة، خلال أشغال الجمع العام لجمعية منتجي الحوامض بالمغرب المنعقد صباح اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 بمدينة الدار البيضاء، نداء استغاثة مؤثر كشف من خلاله عن الوضع المقلق الذي يعيشه القطاع الفلاحي، وخاصة زراعة الحوامض، بسبب أزمة المياه الخانقة والتعسف الإداري الذي يثقل كاهل الفلاحين.
وأكد الجبهة أن الأزمة لم تعد تخص جهة بعينها، بل تشمل مختلف مناطق المغرب، وإن كانت حدتها متفاوتة من منطقة إلى أخرى، مشيراً إلى أن جهة سوس ماسة تشهد تراجعاً مقلقاً في منسوب المياه الجوفية، ما أدى إلى توقف العديد من الآبار واضطرار عدد كبير من الفلاحين إلى التخلي عن أراضيهم وزراعاتهم.
وأوضح المتحدث أن الأرقام تعكس بوضوح هذا التدهور، إذ انخفض إنتاج صنف “الناضوركوت” من حوالي 45 ألف طن سنة 2020 إلى 36 ألف طن، ثم إلى 22 ألف طن حالياً، فيما يتراوح المعدل المتوسط لتصدير هذا الصنف بين 30 و35 طناً في الهكتار، بينما لا تتجاوز مردودية أصناف أخرى مثل الكليمنتين والبرتقال ما بين ثلاثة وأربعة أطنان فقط للهكتار الموجه للتصدير.
وفي ما يتعلق بالبنية التحتية للري، كشف رئيس الغرفة الفلاحية أن أكثر من نصف محطات الري بالمنطقة متوقفة تماماً، أي ما بين عشر إلى اثنتي عشرة محطة، فيما تعمل المحطات الأخرى بطاقة تتراوح بين 50 و70 في المائة فقط، مؤكداً أن القطاع يعيش وضعاً صعباً ويعاني في صمت.
وانتقد الجبهة بشدة طريقة تعامل الإدارات مع ندرة المياه، خاصة عند تسجيل نقص في المياه الصالحة للشرب، حيث يتم في كثير من الأحيان اتخاذ قرارات تمس المياه المخصصة للزراعة دون مراعاة مصالح الفلاحين، مضيفاً أن الفلاح لا يمكن أن يتحمل مسؤولية أزمات لم يكن سبباً فيها، وأن مبدأ تقاسم المخاطر بين الدولة والفاعلين الفلاحيين غائب تماماً.
ورغم انتقاده للتعسف الإداري في تدبير ملف الماء، شدد رئيس الغرفة الفلاحية على أن المسؤولين الجهويين ووكالة الحوض المائي لسوس ماسة أبانوا عن روح تعاون وانفتاح في التعامل مع المهنيين والفلاحين، مشيرًا إلى أن “التواصل معهم موجود، ولكن خاص الإرادة تتقوى باش الحلول تولي واقعية ومستمرة”.
كما استحضر واقعة نقل المياه من منطقة الكردان إلى أكادير سنة 2021 أو 2022 لإنقاذ المدينة من العطش، مشيراً إلى أن العملية تمت بسرعة كبيرة وبكلفة مرتفعة، لكنها أدت إلى وقف مياه السقي عن الفلاحين لمدة ثلاثة أشهر كاملة دون سابق إنذار أو أي تواصل معهم، واصفاً ذلك بأنه تصرف غير مسؤول.
وشدد الجبهة على أن هذا النوع من القرارات، إلى جانب الممارسات الإدارية التعسفية، جعل الفلاحين، خصوصاً منتجي الحوامض، الحلقة الأضعف في المنظومة الفلاحية، قائلاً إن “الفلاحة أصبحت كالحيط القصير الذي يقفز عليه الجميع”.
واختتم رئيس الغرفة الفلاحية كلمته بدعوة السلطات إلى الالتزام بالتوجيهات الملكية الداعية إلى ضمان 80 في المائة من حاجيات الفلاحة من المياه و100 في المائة من حاجيات الماء الصالح للشرب، مشدداً على ضرورة تكاثف جهود الفلاحين وتنظيم صفوفهم واقتراح حلول واقعية للضغط من أجل إنقاذ هذا القطاع الحيوي، محذراً من أن عدداً كبيراً من الفلاحين مهددون بالاندثار في المستقبل القريب إن لم يتم تدارك الوضع بشكل عاجل.





