صفعة جديدة لنظام العسكر الجزائري.. بكين ترفض مشاركة “البوليساريو” في منتدى التعاون الصيني – الإفريقي

وجهت الصين رسالة واضحة المعالم، وهذه المرة من مدينة تشانغشا، خلال فعاليات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي المنعقد في 11 يونيو 2025، رسالة مفادها أن بكين لا تعترف إلا بالدول ذات السيادة، وأن الكيان الانفصالي المدعوم من الجزائر لا مكان له في منظومة الشراكة الإفريقية، فغياب ما يسمى “الجمهورية الصحراوية” الوهمية عن هذا الحدث، الذي يجمع الصين بدول القارة، لم يكن سهوًا ولا مجرد تفصيل بروتوكولي، بل موقف سياسي متجدد يعكس اتساق الصين مع مبادئها الثابتة بشأن وحدة أراضي الدول.
هذا التوجه الصيني ليس جديدًا، لكنه يكتسب بعدًا دبلوماسيًا أكثر وضوحًا مع كل دورة من هذا المنتدى، ويجعل من الرواية الانفصالية ورقة محترقة حتى في نظر شركاء الجزائر التقليديين. وبالنسبة للمغرب، فإن تكرار هذا الموقف يُفهم ضمن مسار متقدم من التقارب الاستراتيجي مع بكين، لا يُختزل في المجال السياسي، بل يتجاوز ذلك إلى الشراكة الاقتصادية العميقة التي تتوسع عامًا بعد آخر.
ففي السنوات الأخيرة، تحوّل المغرب إلى نقطة ارتكاز محورية للمصالح الصينية في شمال إفريقيا، خاصة بعد توقيع اتفاقية “الحزام والطريق”، بحيث أن الاستثمارات الصينية تتدفق على مدن مغربية مثل طنجة والقنيطرة والدار البيضاء، حيث تنشط شركات عملاقة في مجالات حيوية مثل السيارات الكهربائية، الخدمات اللوجيستيكية، والطاقة النظيفة، مما يعكس ثقة بكين في البيئة الاقتصادية والمؤسساتية المغربية.
هذه الدينامية الاقتصادية ليست بمعزل عن التحولات الجيوسياسية، فالصين، التي تبني سياستها الخارجية على مبدأ البراغماتية، تدرك أن المغرب يمثل شريكًا موثوقًا ومركزًا للاستقرار في منطقة متقلبة، على عكس الكيانات غير المعترف بها دوليًا، التي لا تقدم أي ضمانة لاستدامة الشراكة أو حماية المصالح، بل تهدّدها.
إن تجاهل الصين المستمر للبوليساريو دمية نظام العسكر الجزائري الداعم للانفصال والراعي للجماعات المسلحة، في سياق يتسم بتمدد الشراكات المغربية على الساحة الدولية، يعيد ترتيب الأولويات في علاقات القوى العالمية بالقارة الإفريقية. ويبدو أن بكين، بسياساتها المتأنية ولكن الواضحة، تقترب أكثر من الاعتراف بشكل علني بمغربية الصحراء، خاصة وأنها تتبنى منذ مدة، مبدأ يحكم سياستها منذ عقود، وهو احترام السيادة ووحدة الدول.