عرقاب يلتقي السفيرة الأمريكية.. من التوسل إلى المقايضة.. نظام العسكر يُبدّد ثروات الجزائريين في رهانات خاسرة

التقى وزير الطاقة الجزائري بالسفيرة الأمريكية لدى الجزائر، لاستجداء انخراط واشنطن في مشاريع التعاون الطاقي والمعدني، متحدثًا عن “مرحلة جديدة من الشراكة” و”فرص واعدة للاستثمار”، في مشهد يكشف حجم التناقضات التي تتخبط فيها الدبلوماسية الجزائرية.
غير أن هذه الحفاوة المصطنعة لا يمكن فصلها عن السياق الحقيقي لهذه التحركات، فقبل أسابيع فقط، خرج وزير الخارجية الجزائري الأسبق، صبري بوقادوم، بتصريح صادم يعرض فيه، دون مواربة، ثروات البلاد ومعادنها النادرة تحت تصرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في محاولة يائسة لإقناعه بالتراجع عن قرار بلاده التاريخي بالاعتراف بمغربية الصحراء.
هكذا، يتضح أن النظام الجزائري لا يرى في ثروات البلاد سوى أوراق مساومة ومجالاً للابتزاز الجيوسياسي، لا هدف له سوى إضعاف الموقف المغربي المتصاعد دوليًا والذي يستمد قوته من الشرعية التاريخية، حتى وإن كلفه الأمر التنازل عن مقدرات الشعب الجزائري لمصالح آنية مرتبطة بأجندة سياسية بائدة.
والحقيقة أن هذه اللقاءات “البراقة” والتصريحات “المفعمة بالأمل” لا تُخفي واقعًا مرًّا، وهو أن الجزائر تحاول بكل الطرق، عبر صفقات الطاقة والمعادن، تغيير موقف واشنطن من قضية بات العالم يراها محسومة لصالح المغرب، سواء من خلال الاعتراف الرسمي للولايات المتحدة ولعدد من الدول الأوروبية والأمريكية والإفريقية، أو عبر افتتاح العشرات من القنصليات في مدن العيون والداخلة.
إن التودد الأمريكي لا يعني الشراكة الندية، ولا التعاون المبني على التكافؤ، بل هو دليل جديد على تخبط نظام عسكري يبدد ثروات بلاده في رهانات خاسرة، ويغفل أن مغربية الصحراء لم تكن يوما ورقة تفاوض، بل حقيقة تترسخ يومًا بعد يوم بقوة التاريخ والجغرافيا وبدعم أممي ودولي متزايد.
بكل وضوح، لا يمكن الحديث عن السياسة الخارجية الجزائرية دون التوقف عند النزيف المالي الذي كلفه دعم عصابة “البوليساريو”، والذي كان دائمًا على حساب لقمة عيش الجزائريين وحقهم في التنمية والكرامة، فقد أنفقت الجزائر، على مدى عقود، مئات الملايين من الدولارات من عائدات الغاز والنفط في تمويل هذا الكيان الوهمي، من إقامة المخيمات وتدريب الميليشيات، إلى تمويل أنشطة دبلوماسية ومهرجانات بروباغاندية لا تسمن ولا تغني من جوع.
بل وأكثر من ذلك، لم تتردد الجزائر في استخدام أموال الشعب لشراء مواقف بعض الدول والمنظمات، عبر الدعم المباشر أو توقيع اتفاقيات مشبوهة، فقط لتضليل الرأي العام الدولي وتلميع صورة “البوليساريو”. كما أنها وظفت شبكاتها في الخارج لتمويل أصوات مأجورة من بين “معارضين” مغاربة ومن يسمون أنفسهم بدون خجل “نشطاء حقوقيين” يعملون كأبواق مأجورة لتشويه صورة المغرب والسعي لزعزعة استقراره، عبر تقارير مفبركة ومداخلات مأجورة في محافل دولية.
كل ذلك، في وقت يعيش فيه المواطن الجزائري ظروفًا اقتصادية واجتماعية صعبة، في ظل غياب مشاريع تنموية حقيقية، وارتفاع نسب البطالة، وتدهور الخدمات الأساسية، ما يكشف المفارقة العجيبة، نظام يوزع أموال الجزائريين يمينًا وشمالًا من أجل حلم انفصالي ميت، في حين يعجز عن بناء مستقبل كريم لأبناء بلده.