عشر افتراءات تَنسِف مَزاعم علي لمرابط

إذا كان من يَتكلم هو علي لمرابط، فإن المستمع والمتلقي يَجب أن يَتحلَّيان بالعقل والمنطق والحكمة! فهكذا يقول المثل المغربي الشهير (بتصرف).
فمن يَستمِع، على مَضَض، للفيديو الأخير الذي خَصَّصه علي لمرابط لملف المهدي حيجاوي، يَخرج بقَناعة راسخة وهي أن الرجل يَهذي (من الهَذيان)، أو كما قال هو بصريح العبارة “غير كيلاقي الأخبار”، في لعبة مُزجاة أشبه بتجميع ولملمة شظايا أُحجيات تركيب الصور “البوزل”.
بل إن الأكاذيب والافتراءات لم تَنفك تتزاحم فيما بينها، وتُسابق بعضها البعض، عندما كان علي لمرابط يُقدِّم سَردياته الزائفة وأُحجياته الكاذبة حول الماضي المهني لمصدر معلوماته الجديد المدعو المهدي حيجاوي.
ففي الكِذبة الأولى: ادعى علي لمرابط، بأسلوب الواثق في نفسه، بأن المهدي حيجاوي التحق بصفوف المديرية العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصاراً ب “لادجيد” في سنة 1990، وهذه مسألة غير مُستساغة بالعقل والمنطق والحساب!.
فإذا كان المهدي حيجاوي، كما تُوَضحه بياناته المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي، مزدادً في شهر غشت 1973، فهذا يعني -حسب ادعاءات علي لمرابط- أنه التحق بجهاز المخابرات وهو في سنة 16 سنة وبضعة أشهر فقط!
ولعمري ما سَمِعنا قط بجهاز مخابرات في العالم يُوَظف قاصرا لم يَبلغ بعد حتى سن الرشد الجنائي! اللهم إلا إذا كان جهاز لادجيد قد وَظف المهدي حيجاوي رفقة وليه الشرعي، على اعتبار أن المشرع المغربي يُفرِد مُعاملة خاصة للقاصرين والأحداث، ويُطالِب دائما بحضور أولياء أمورهم في جميع الإجراءات المسطرية.
الكذبة الثانية: زَعم علي لمرابط بأن المهدي حيجاوي اشتغل عند توظيفه في صفوف جهاز المخابرات الخارجية في الميدان، وكان مُكلَّفا بارتياد أماكن تَجمُّع السُفراء ومُمثلي البِعثات الأجنبية بالمغرب من أجل “حَلبهم” المعلومات وفق تعبيره! وبالله عليكم، هل يُمكن لصَبي أو يافع يَبلُغ من العمر 16 أو 17 أو حتى 18 سنة أن يُجنِّد سُفراء وقَناصِلة وعُملاء مخابرات أجانب؟ هل هناك هَلوسات أفظع من هذه؟
الكذبة الثالثة: سَرَد علي لمرابط، بِلُغة الجاهل، بأن المهدي حيجاوي التحق بصفوف لادجيد برتبة “لاجودان” أو “مساعد” باللغة العربية ، وهي “فِريَةٌ” تَضُجُّ بالجهل بالرتب العسكرية! فمن الناحية المبدئية لا يُمكن الالتحاق بالقوات المسلحة الملكية إلا من خلال دَرجات مُحدَّدة، وهي درجة الجنود، ودرجة ضباط الصف، ودرجة الضباط، وبالتالي لا يُمكِن بُلوغ رتبة “لاجودان” إلا بعد قَضاء سنوات من الخدمة الفعلية بعد اجتياز مباراة ضباط الصف.
الكذبة الرابعة: نَشر علي لمرابط صورة مُركَبة باستخدام فاضِح لتقنية الفوتوشوب، لمن وَصفه بالكولونيل ماجور المهدي حيجاوي! والحال أن البِذلة العسكرية التي تم استخدامها في عملية التزييف تَحمِل رتبة “كولونيل” وليس “كولونيل ماجور”، كما أن قبعة الرأس التي تَظهَر في الصورة لا تَحمِل النياشين الصفراء الخاصة بفِئة العُمداء في الجيش (فئة كولونيل ماجور).
الكذبة الخامسة: افترى علي لمرابط، بِلُغة المتناقض مع نفسه، بأن المهدي حيجاوي كان يُحارِب الفساد المالي في صفوف المخابرات والجيش، وأنه هَرَب من المغرب بسبب الخَوف من فَرضية الانتقام منه، ونسي أنه هو من ادعى في نفس الفيديو بأن المهدي حيجاوي كان يَتصرَّف “من التحت للتحت” في صناديق المخابرات الخارجية! وأنه كان يَمنَح أموالا طائلة بطريقة مريبة للصحفيين والسفراء! فهل نُصدِّق “رأس” علي لمرابط الذي يَقول بأن المهدي حيجاوي مُحارب للفساد؟ أم نُصدِّق رأسه الثاني الذي يُقدِّم فيه هذا الأخير بأنه فاسد ومُرتشي ومُتلاعب كان يُبدِّد المال العام؟
الكذبة السادسة: ادعى علي لمرابط بأن محمد خباشي كان يَشغَل مَنصِب “مكلف بمهمة” بجهاز المخابرات الخارجية في الفترة الثانية التي التحق فيها المهدي حيجاوي بهذا الجهاز، أي ما بين 2005 و2010 حين تم عزله نهائيا. وبالبحث في السيرة الذاتية لمحمد خباشي المتاحة في مختلف المصادر المفتوحة على الأنترنت، نجده كان يشغل في تلك الفترة على التوالي منصب المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء ما بين 2003 و2009 وبعدها عامل مكلف بالتواصل بوزارة الداخلية!
فكيف يعقل، من الناحية المنطقية والوظيفية، أن يَكون محمد خباشي مديرا عاما أو عاملا لصاحب الجلالة ويُعيَن في نفس الوقت في مَنصِب مكلف بمهمة في جهاز المخابرات الخارجية؟ فهذه الأحجية لا يُمكِن تصديقها إلا إذا كان من صَدَرت عنه مُصابا بانفصام في الشخصية أو سفيه يُصدِّق كل ما يوحى به إليه.
الكذبة السابعة: امترى علي لمرابط في مصداقية موقع “برلمان.كوم”، مُدعيا بكثير من السطحية و”التسنطيح” بأن هشام حيجاوي هو من قام بتمويل عملية إطلاق هذا الموقع الإخباري من ميزانية جهاز المخابرات الخارجية! وبلغة الحساب والمنطق، فالمهدي حيجاوي تم عَزله من جهاز لادجيد في سنة 2010، بينما لم يتم إطلاق موقع برلمان إلا في سنة 2014 أي بعد أربع سنوات من مُغادرته الجهاز بقرار الإعفاء! فكيف يُمكن لنا نُصدِّق هَلوسات علي لمرابط في ظل هذا التباين الكبير في التواريخ؟
الكذبة الثامنة: سَقط علي لمرابط، مرة أخرى، في فخ التشكيك في عمليات مكافحة الإرهاب، مُقدِّما خَدمات مَجانية وعَرَضية للتنظيمات الإرهابية التي تَحرِص في عقيدتها المتطرفة على الطعن في مِصداقية تدابير مكافحة الإرهاب. وفي هذا الصدد، ادعى المعني بالأمر بأن سَبب عَزل المهدي حيجاوي من طرف جلالة الملك كان بسبب تَسريبه لخبر ضلوع « المخابرات المدنية في تفجيرات 16 ماي 2003 »!!
وبلغة المنطق، الذي يَفتقده علي لمرابط، هل يُمكن للمهدي حيجاوي أن يُفشي أسرارا لا يَملكها؟ ففي سنة 2003 كان هذا الأخير يَعيش عاطلا عن العمل، أو كان يُمارس التجارة كما زَعم علي لمرابط نفسه، وذلك بعدما تم طَرده من جهاز المخابرات الخارجية في المرة الأولى ما بين سنتي 1995 و2005؟
الكذبة التاسعة: ابتدع علي لمرابط كذبة سَمِجَة مؤداها أن المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة وظف المهدي حيجاوي في سنة 2017 كمُكلَّف بقراءة التقارير الاستخبارتية! والسؤال الذي يَسترعي انتباهنا هنا كيف يُمكِن إعادة توظيف المهدي حيجاوي في القصر رغم أن جلالة الملك هو من أصدر قرارا سابقا يَقضي بطَرده، حسب ما صرح به علي لمرابط نفسه؟
أفدح من ذلك، ادعى علي لمرابط ، بتعبير يَصدح بالتناقضات، بأن الملك كان يَعتزِم تعيين المهدي حيجاوي مستشارا للشؤون الأمنية؟ فكيف لشخص طَرده الملك لأكثر من عشرات سنوات، أن يُفكر فيه مرة أخرى ويُقرِّر تعيينه في منصب أسمى؟ وكيف لشخص لم يقضي في المخابرات سوى أقل من عشر سنوات مُتقطِّعة، وفق الحساب “بالخشيبات”، أن يؤلف كتابا حول تقنيات الاستخبار والتجسس؟ إنها مُجرَّد أعراض للكذب والتدليس التي حَفلت بها سرديات علي لمرابط الزائفة.
الكذبة العاشرة: لم يَسلَم من افتراءات علي لمرابط الأحياء ولا حتى الأموات! فقد ادعى أن المهدي حيجاوي صَر”َح بأن الطبيب العسكري السابق مراد الصغير قد مات مقتولا! والحال أن الدكتور جمال بخات، طبيب شرعي مُحلَّف لدى المحاكم، كان قد صرح لمختلف المنابر الوطنية بأن وفاة الطبيب العسكري مراد الصغير “كانت طبيعية وناجمة عن أعراض صحية تسبب فيها نزيف بسبب تقرحات المعدة”.
بل إن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة كان قد كَلَّف لجنة طبية ثلاثية، تَضُم الدكتور جمال بخات وطبيبين آخرين، من أجل إجراء التشريح الطبي على جثة الهالك، وخَلُصت هذه اللجنة إلى تأكيد “أن الوفاة كانت طبيعية سببها احتشاء في عضل القلب بسبب تضيق الشريان التاجي الأيسر، والذي نتج عن نزيف بسبب تقرحات في المعدة “.
فإذا كان الأطباء ذوي الاختصاص قد جَزموا بأن الوفاة طبيعية، وأن أسرة الفقيد قد تَسلَّمت وقتها جثمان الفقيد ولم تَطعَن في أسباب الوفاة، فلماذا يُصِر علي لمرابط اليوم على الإمعان في الكذب واستغلال ذكرى الموتى بغرض الترويج للأخبار الزائفة؟
وهذا السؤال لا نَحتاج فيه إلى أجوبة، لأننا نَعلم جيدا بأن علي لمرابط يَبحَث فقط عن التضليل المقرون باستجداء بعض “الحبّة” و”السانت” و”الدراهم”! وهي التسميات التي استعملها علي لمرابط، ولعابه كان يَسيل، عندما كان يَتحدث منتشيا عن “صناديق” المهدي حيجاوي المدهونة بِطِلاء الكذب والافتراء.