الأخبارخارج الحدودمستجدات

عطاف: القرار رائع ويضع جميع الخيارات لصالحنا.. ولكن لا ندري لماذا لم نصوت نحن لصالحه!!!

الخط :
إستمع للمقال

بعد أقل من 48 ساعة من صدور قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء المغربية، وفي مشهد لا يمكن وصفه إلا بالمهزلة المضحكة، ظهر وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في لقاء إعلامي خاص على قناة جزائرية ليفصل فيه. جلس يتحدث بكثير من التبجح ولكن الكثير من الاهتزاز في نفس الوقت وكأنه الناطق الرسمي باسم “البوليساريو”. قال إن القرار لم يحسم في مبادرة الحكم الذاتي، بل اعتبر أن الطرفين في النزاع هما المغرب و“الشعب الصحراوي ممثلاً في جبهة البوليساريو”، مضيفاً أن كل الخيارات لا تزال مفتوحة ولم تُغلق الأبواب أمام الاستفتاء أو تقرير المصير. (واش هادا ساكن معنا فكوكب الأرض أولا فكوكب زحل؟).

في الظاهر، كانت كلمات الوزير مرتبة ومنمقة، لكنها حملت تناقضات مهولة لا يحتاج المرء إلى الكثير من الجهد لاكتشافها. فلو كان حقاً القرار كما وصفه، داعماً للطرح الانفصالي أو حتى متوازناً بين الطرفين، فنسأل السيد الوزير المبجل سؤالا مباشرا: إذا كان القرار متوازنا كما زعمت، فلماذا لم تدعمه الجزائر؟ لماذا لم تصوت له، أو على الأقل تُشيد به بصراحة؟ لماذا اختارت لغة الابتعاد داخل مجلس الأمن، ثم لغة التفسير والتأويل أمام الكاميرات؟

الجزائر تعلن منذ سنوات أنها ليست طرفاً في النزاع، وأنها فقط “دولة مجاورة معنية بالسلم الإقليمي”. ومع ذلك، لم يكن ممثل البوليساريو هو من خرج ليتحدث عن القرار، ولا من شرح تفاصيله أو قدّم قراءته، بل كان وزير خارجية دولة تقول إنها غير معنية، يجلس أمام عدسات التصوير، يوضح، ويؤول، ويدافع، ويحزن على ما أسماه “حق الشعب الصحراوي”.

واقع الأمور لا يحتاج إلى مبالغات. القرار الأممي تحدّث بوضوح عن ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي ودائم. وهذه الصيغة، بكل ما تحمله من دلالة، هي الصيغة التي تبنتها الأمم المتحدة منذ سنوات لتوصيف مبادرة الحكم الذاتي المغربية. لم يرد في القرار أي التزام بالاستفتاء، ولا أي إشارة قانونية تجعل خيار الانفصال مطروحاً، كما لم يتم التعامل مع البوليساريو باعتبارها دولة، بل كطرف من الأطراف في مسار سياسي ترعاه الأمم المتحدة.

ومع ذلك، قدّم أحمد عطاف رواية مختلفة تماماً، مؤكداً أن القرار “لم يغلق باب تقرير المصير”، وأنه “اعترف بالطرف الصحراوي”. لكن هذا الادعاء يصطدم بسؤال واحد بسيط: إذا كانت الجزائر غير معنية، فلماذا هي التي تشرح القرار لا البوليساريو؟ وإذا كان القرار في صالح الجبهة، فلماذا لم تتحمس له الجزائر وتدافع عنه داخل مجلس الأمن بدلاً من الاكتفاء بالهروب من التصويت؟ وإن كان على حد قوله “الشعب الصحراوي” هو الطرف الحقيقي، فلماذا يتحدث باسمه وزير من دولة أخرى لا تعترف بأنها طرف؟

الجزائر تتصرف في كل لحظة كما لو كانت صاحب القضية ومالك قرارها. فهي تموّل، وتتحرك دبلوماسياً، وترافع في المحافل الدولية، ثم تطلب من العالم أن يصدق أنها ليست جزءاً من الصراع.

الحكاية ببساطة هي أن الجزائر لم تستطع أن تُصوّت ضد القرار حتى لا تجد نفسها معزولة، ولم تستطع أن تصوّت لصالحه لأن ذلك يعني الاعتراف بمضمونه السياسي الواضح والاعتراف بمغربية الصحراء، فاختارت الهروب بدل الامتناع، لأن حتى الامتناع عن التصويت فهو خيار قبول مبطن كما فعلت الصين وروسيا وباكستان (الامتناع هو قبول بدون إعلان وإعلان عن عدم عرقلة المسار في لغة مجلس الأمن). لكنها في الإعلام اختارت رواية أخرى، تقول فيها إنها انتصرت دون أن تصوّت، ودافعت دون أن تكون طرفاً، وتتكلم باسم “البوليساريو” بينما صاحبه غائب عن المشهد.

بهذه الطريقة، بدا المشهد كله وكأنه خطاب يهرب من الحقيقة أكثر مما يبحث عنها. فالحقيقة لا تحتاج إلى شروح مطولة، ولا إلى تبريرات تلفزيونية، بل إلى موقف صريح داخل قاعة التصويت. ومن يعتقد أن القرار في صفه، لا يختبئ خلف رفض دخول القاعة، ولا يتحدث باسم من يقول إنه يمثل نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى