غيابات وازنة عن اجتماع مكتب مجلس جهة سوس.. البام والاستقلال يوجهان رسالة مشفرة لأشنكلي قُبيل دورة يوليوز

في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام، غاب نواب رئيس جهة سوس ماسة الثلاثة عن اجتماع مكتب المجلس الذي عُقد اليوم الخميس 12 يونيو 2025 بمقر الجهة، تحت رئاسة كريم أشنكلي، رئيس المجلس. الاجتماع خُصص لمناقشة مشروع جدول أعمال الدورة العادية المرتقبة يوم الإثنين 07 يوليوز المقبل، لكن غيابات اليوم كانت لافتة وذات دلالات سياسية لا يمكن تجاهلها.
وحسب مصادر الموقع، فقد غاب عن هذا الاجتماع كل من النائبة الأولى زينب قيوح عن حزب الاستقلال، والنائب الثاني محمد اوضمين عن حزب الأصالة والمعاصرة، والنائب الثالث رشيد بوخنفر، وهو زميل الرئيس في حزب التجمع الوطني للأحرار. غياب ثلاثي بهذا الوزن، وفي لحظة سياسية دقيقة، فتح الباب أمام تأويلات كثيرة، خاصة في ظلّ التوتر المتصاعد بين مكونات التحالف الثلاثي المسير للجهة.
ويبدو أن ما جرى اليوم في مقر الجهة هو امتداد لما جرى بداية هذا الأسبوع في المجلس الإقليمي لتارودانت، حين فشل الرئيس، المحسوب على حزب الأحرار، في عقد الدورة العادية بسبب غياب النصاب القانوني، بعد أن قاطعها أعضاء من الاستقلال والبام احتجاجًا على ما وصفوه بـ”الهيمنة المفرطة” للأحرار، خصوصًا في ملف مجموعة الجماعات لحفظ الصحة بهوارة، التي وضع حزب الحمامة يده عليها دون تشاور مع حلفائه.
ووفق معطيات حصل عليها موقع “برلمان.كوم”، فإن البرلماني الاستقلالي عبد العزيز البهجة، رئيس جماعة أولاد برحيل، وهو أيضا رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس جهة سوس ماسة، هو من قاد تمرد أعضاء المجلس الإقليمي، بتنسيق مع كبور الماسي، منسق حزب البام بتارودانت الجنوبية. تحالف تكتيكي كشف عن تصدع واضح في صفوف الأغلبية، وعن رغبة دفينة لدى الحزبين في إعادة رسم موازين القوة داخل الإقليم والجهة.
ويُفهم من غياب النواب الثلاثة عن اجتماع مكتب الجهة، أنه ليس مجرد صدفة أو ظرف شخصي عابر، بل يحمل رسالة سياسية واضحة مفادها أن دورة يوليوز المقبلة لن تمرّ بهدوء، وقد تكون بداية تمرد صريح من داخل مكونات الأغلبية نفسها. فرئيس الجهة، حسب مصادر مقربة، لم يلتزم بعدد من التفاهمات التي أبرمها مع حلفائه في بداية الولاية، ما جعل شعور التهميش يتفاقم داخل الاستقلال والبام، خاصة في ظلّ اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، حيث يسعى كل حزب إلى استثمار مشاريع مجلس الجهة لفائدة الجماعات التي يُسيّرها، وهو ما يجعل صراع المواقع والنفوذ مرشحًا للانفجار في أي لحظة.
وما يزيد منسوب الغليان وفق مصادر الموقع، هو استياء عدد كبير من رؤساء الجماعات الترابية بالجهة لاسيما القروية منها، الذين كانوا يراهنون على مجلس الجهة كشريك أساسي في تنزيل مشاريع تنموية مهيكلة داخل نفوذهم الترابي، خصوصًا المنتمين لأحزاب التحالف الثلاثي نفسه، بسبب عدم استفادتهم من برامج ومشاريع المجلس، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر منها الجهة والتي تُعزى إلى ما يعتبره عدد من المتابعين تدبيراً انتقائياً وعشوائياً للموارد المالية. مصادر متطابقة أكدت أن هناك شعورًا عامًا بأن “اللعبة سالات”، وأن بعض الجماعات المحظوظة قَضت مآربها في بداية الولاية، فيما تُركت باقي الجماعات في الهامش تنتظر الفتات، وهو ما يغذي موجة غضب صامتة تهدد بتفجير توازنات التحالف من الداخل.
ولعلّ ثلاث سنوات من الوعود المتكررة، دون أن تترجم على أرض الواقع، تبعتها مرحلة من التنصل التام من المسؤولية، حسب المصادر ذاتها، زادت من تأزيم الوضع، حيث يتحدث منتخبون عن غياب شبه دائم لرئيس مجلس الجهة عن مقر المؤسسة، وعدم تجاوبه مع اتصالاتهم، ما فُسّر لدى الكثيرين كاستهتار بمصالح الساكنة وتجاهل لمتطلبات التنمية المحلية.
يبدو إذن، في ظلّ هذا السياق، أن الأيام القادمة قد تحمل مفاجآت سياسية غير متوقعة بجهة سوس ماسة، خصوصا إذا ما قرّر حزب الاستقلال أو البام إعادة النظر في تموقعهما داخل مجلس الجهة، في ظل ما يعتبرونه إخلالاً صارخاً بالوعود والتزامات التنمية التي عُقدت عليها آمال عريضة، وهو ما قد يُفقد رئيس الجهة أغلبيته المريحة، ويدخله في دوامة “مساومات سياسية” قد تدفعه لرمي المنديل والاستسلام.