فرنسا تتقاسم بالمغرب تجربتها في “حق التتبع”.. إلودي باسكينيت تكشف آلية توزيع العائدات على الفنانين وورثتهم (صور)

قدمت إلودي باسكينيت، المسؤولة عن قسم “حق التتبع وسوق الفن” بالجمعية الفرنسية لإدارة حقوق المؤلف في مجال الفنون التشكيلية (ADAGP)، اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025، عرضا شاملا حول آلية جمع الإتاوات الناتجة عن حق التتبع، وهو النظام الذي يضمن للفنانين، أو ورثتهم بعد وفاتهم، نسبة مالية من كل عملية إعادة بيع لأعمالهم الفنية.
وفي هذا السياق، أفادت ذات المتحدثة ضمن أشغال المؤتمر الإفريقي لحق التتبع المنعقد بالعاصمة الرباط، أن حق التتبع (Droit de suite) هو أحد أهم الحقوق المجاورة لحق المؤلف في مجال الفنون البصرية، ويُطبّق على الأعمال الأصلية في الفنون التشكيلية والتطبيقية، بما في ذلك اللوحات والمنحوتات والمطبوعات الفنية وحتى القطع متعددة النسخ، ويُفعَّل هذا الحق عندما تتجاوز قيمة البيع 750 يورو، وفق نسبة تنازلية تبدأ من 4٪ وتنخفض تدريجيا إلى 0.5٪، مع تحديد سقف أقصى يبلغ 12,500 يورو لكل عملية بيع.
وفي ذات الصدد، يوضح الرسم التخطيطي الذي قدمته باسكينيت أن عملية جمع حق التتبع تبدأ من البيع الأول للعمل الفني بين الفنان والمشتري الأول، لكن عند إعادة بيع العمل عبر دار مزادات أو صالة عرض، يصبح المشتري الأول بائعا ثانويا (Revendeur)، ويلتزم بتحويل النسبة المستحقة من ثمن البيع إلى جمعية ADAGP، التي تتولى بدورها إعادة توزيعها على الفنان أو الورثة المستفيدين.

وأشارت ذات المتحدثة إلى أن فريقا مكوّنا من خمسة موظفين فقط داخل ADAGP نجح في جمع 16.4 مليون يورو من الإتاوات، منها 11.5 مليون يورو داخل فرنسا و4.9 مليون يورو من الخارج عبر جمعيات شريكة، ويمثل هذا الرقم 29٪ من إجمالي مداخيل الجمعية في العام نفسه، ما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا النظام في تمويل الفنانين وأسرهم.
وأضاف المصدر، أن المعطيات كشفت أيضا أن 83٪ من هذه الحقوق تعود لفنانين متوفين، مقابل 17٪ فقط للفنانين الأحياء، وهو ما يبرز البعد الاجتماعي والإنساني لآلية حق التتبع، باعتبارها موردا مستمرا لعائلات الفنانين بعد رحيلهم.
وفقا لباسكينيت، تعمل ADAGP على إدارة شبكة تضم 440 دار مزادات علنية، تمثل حوالي 76٪ من مجمل التحصيلات، إلى جانب أكثر من 600 صالة عرض فنية تساهم بـ 24٪ من العائدات، أما تكلفة حق التتبع فتظل محدودة مقارنة بحجم السوق، إذ لا تتجاوز 1.48٪ من قيمة المزادات ضمن الفئات الخاضعة له.

وقدّمت إلودي باسكينيت شرحا تفصيليا لطريقة جمع المعلومات الخاصة بالمبيعات الفنية، فكل عملية بيع تُسجَّل بشكل يومي في ملف إلكتروني مشترك (Excel / Teams)، بعد مراقبة دقيقة لمواقع المزادات المتخصصة، ثم يُرسل نموذج تصريح إلكتروني يحتوي على معادلة حساب تلقائي لحق التتبع إلى دور المزادات، مرفقًا بكل التفاصيل المتعلقة بالعمل، والفنان، وسعر البيع، والمبلغ المستحق.
وأكدت أنه في مرحلة لاحقة، تُصدر لكل عملية بيع فاتورة موحّدة تتضمن لوتا واحدا أو عدة لوتات، تُستخدم كأساس لتحويل المبالغ المستحقة للفنانين أو لورثتهم عبر جمعية ADAGP.
ومن جهة أخرى، أكدت باسكينيت أن هذا النظام، رغم تعقيداته التقنية والإدارية، يمثل آلية عادلة وفعالة لضمان استمرارية الدخل الفني، ويعزز في الوقت نفسه شفافية سوق الفن الفرنسي، فبفضل هذا الحق، لا يقتصر مردود العمل الفني على بيعه الأول، بل يستمر أثره المالي والقيمي مع كل انتقال جديد للعمل من مالك إلى آخر.





