

يبدو أن فرنسا أو بالأحرى الدولة العميقة في فرنسا تتجه لتحويل صحافتها الرسمية وأذرعها الإعلامية إلى وسائل متاحة للجماعات المتطرفة بمنطقة الساحل والصحراء، لتمرير خطاباتها وأفكارها، بعدما استضافت قناة “فرانس 24” في حوار وصفته بالحصري، زعيم تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” الجزائري أبو عبيدة يوسف العنابي.
ويظهر من خلال هذه الخطوة التي أقدمت عليها هذه القناة التابعة لمجموعة إعلامية مكونة من صحف إلكترونية وورقية وقنوات تلفزية وإذاعات تسيرها وتشرف على رئاسة تحريرها أجهزة الاستخبارات الفرنسية، أن فرنسا تسعى لإحياء التجربة السابقة لقناة الجزيرة القطرية، عندما كانت في بداياتها تستقبل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، كزعيم فكري، قبل أن تعدل عن ذلك لاحقا، كما أنها تتجه للاستنجاد بالجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل، بعد فقدانها لنفوذها بعدد من الدول بالمنطقة وطردها منها.
ولعَل من بين الأسئلة التي طرحها موقع فرانس 24 على الإرهابي الجزائري، أبو عبيدة، خلال هذا اللقاء الصحفي، والتي تخفي وراءها رسائل متبادلة بين فرنسا وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، هو السؤال المتعلق بالتهديدات الإرهابية التي تحدق بالأراضي الفرنسية، وهل التنظيم يسعى للقيام بهجمات إرهابية في فرنسا؟ والذي أجاب عنه أبو عبيدة بالتأكيد على أن القيادات الغربية في إشارة إلى المسؤولين الفرنسيين يعرفون ويعون جيدا أهداف جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” وتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وبأن هاتين الجماعتين تركزان على القتال في إفريقيا، ولم يجهزا لأي عمليات في الغرب أو على الأراضي الفرنسية”، وهو ما اعتبرته “فرانس 24” تأكيدا رسميا جديدا من تنظيم القاعدة.
وخلال حديثه عن نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائر، فقد أكد زعيم هذا التنظيم أن المعارك مع الجيش الجزائري جارية على الميدان، بالرغم من أن الوضع يدفع التنظيم لتركيز عملياته ونشاطاته جنوبا نحو مالي وبوركينا فاسو، وكأنه يلمح إلى أن الجزائر تعيش أوضاعا صعبة منذ سنوات، وعاجزة على مقاومة هذه الجماعات ووضع حد لنشاطها بالعديد من المناطق التابعة لها.
لكن بين هذا وذاك، فإن هذا اللقاء الإعلامي الذي أجرته “فرانس 24” مع زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وفي هذه الظرفية بالضبط التي تعيش فيها فرنسا وضعا لا تحسد عليه داخل إفريقيا، بعدما أصبحت منبوذة من جل شعوب ومسؤولي مستعمراتها السابقة، بسبب ماضيها الاستعماري وجرائمها، يظهر جليا التوجه الجديد لفرنسا، نحو التطبيع مع الجماعات المسلحة بمنطقة الصحراء والساحل أو تهديد الدول المجاورة بها، للرفع من منسوب الفوضى والصراعات بالمنطقة.