الأخبارمجتمعمستجدات

في ذكرى تأسيسه.. الأمن يثبت نجاحه في محاربة الجريمة والمخدرات بالاعتماد على أحدث الوسائل التكنولوجية

الخط :
إستمع للمقال

تعتبر الجريمة بكافة أنواعها وتجارة المخدرات، من التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها المملكة المغربية، حيث أخذت المديرية العامة للأمن الوطني على عاتقها محاربة الظاهرتين، منذ تأسيسها يوم 16 ماي 1956. وتعتبر الذكرى 67 لميلاد هذه المؤسسة الوطنية العريقة، فرصة لتسليط الضوء على أهم منجزاتها وأدوارها الطلائعية في تطوير المنظومة الأمنية ببلادنا.

وعرفت المديرية العامة للأمن الوطني، منذ تأسيسها سنة 1956، تغييرات ملحوظة سنة بعد أخرى، مواكبة منها للتطور الذي عرفته الجريمة من جهة، واستثمار أهم ما جادت به التكنولوجيات الحديثة في المجال الأمني من جهة أخرى، وهو ما يجعل منها اليوم واحدة من كبريات المؤسسات الأمنية الرائدة على الصعيد الدولي، بشهادة خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم، وذلك بالنظر إلى نجاعة استراتيجيتها التي أثبتت فعالياتها في محاربة الجريمة واستباقها أحيانا كثيرة.

سياسة التحديث بقيادة المدير العام عبد اللطيف الحموشي

عرف ورش تحديث المديرية العامة للأمن الوطني بقيادة عبد اللطيف الحموشي، نقلة نوعية، سيما في مجال الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، وذلك بغرض ضمان الفعالية والنجاعة في الأبحاث الجنائية، والرفع من مستويات نسبة الزجر في المظهر العام للجريمة، فضلا عن توطيد مرتكزات المحاكمة العادلة من خلال المراهنة على الدليل العلمي لاستجلاء حقيقة الجرائم المرتكبة.

في هذا الإطار عملت المديرية العامة للأمن الوطني، على إخراج مشروع المختبر الوطني للشرطة العلمية في حلته الجديدة إلى أرض الوجود، حيث يضم خمس منصات تقنية، تم تجهيزها لتحتضن مصلحة البيولوجيا الشرعية، ومصلحة الكيمياء، ومصلحة المخدرات والسموم الشرعية، ومصلحة الأدلة الجنائية، ومصلحة التشخيص بالبصمات الوراثية، والمصلحة الإدارية وتدبير شؤون الموظفين وشعب اللوجستيك، وحفظ المحجوزات والأدلة، وقياس الجودة والأمن، وأمن نظم المعلوميات.

وما يجعل منها مؤسسة رائدة على الصعيد الإفريقي والعربي، قامت المديرية العامة للأمن الوطني بتجهيز المصلحة المكلفة بالحمض النووي بآليات جد متقدمة ودقيقة، تعد هي الأولى من نوعها على صعيد القارة الإفريقية في مجال عمليات استخلاص الحمض النووي، وهي الآليات التي ستتيح الرفع من المردودية وتدعيم الجودة عبر المعالجة الدقيقة في ظرف وجيز لأكبر عدد ممكن من العينات المخبرية المستقاة من مسارح الجرائم، وذلك بمعدل 300 عينة في وقت لا يتعدى ثلاث ساعات.

ولمواكبة التطور الذي عرفته الجريمة بكافة أنواعها وتجارة وتهريب المخدرات، وعلى وجه الخصوص الجرائم المستجدة، عملت المديرية العامة للأمن الوطني على تجهيز المختبر الوطني للشرطة العلمية، بآليات تقنية حديثة يمكنها تحديد المكونات العضوية وغير العضوية للمواد الخاضعة للمعالجة، اعتمادا على سلسلة من التطبيقات تخص 400 ألف عينة، وذلك بغرض تحقيق الفعالية في مكافحة الجريمة التي تستعمل فيها الأسلحة النارية والمتفجرات، وقضايا الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وكذا الكشف عن المواد المستعملة في حالات التسميم أو تلك المهددة للبيئة. إضافة إلى ذلك تم تعزيز المختبر بتقنيات متطورة لتحديد طبيعة الحبر المستعمل في الوثائق المزورة، وأخرى للعمل على تضخيم حجم المواد الخاضعة للمعالجة إلى ما يزيد عن 300 ألف مرة عن حجمها الحقيقي.

خطة عمل جديدة ترتكز على تعزيز إدماج التكنولوجيا

اعتمدت المديرية العامة للأمن الوطني على خطة عمل جديدة ومندمجة، تروم الرفع من جاهزية وفعالية مصالحها في مجال ضمان أمن المواطنين والمقيمين والزوار وحماية ممتلكاتهم، وكذا تعزيز جهود مكافحة الجرائم التي أضحت تركز على استعمال التكنولوجيات الحديثة للتواصل، وشبكات الأنترنيت العميق والمظلم، بما فيها الجرائم الإرهابية وقرصنة المعطيات المالية وباقي الجرائم الإلكترونية الماسة بالأشخاص والممتلكات.

وقد وضعت المديرية العامة للأمن الوطني غلافا زمنيا لتنزيل هذه الخطة الطموحة، ميدانيا، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2022 و2026، حيث ترتكز على تعزيز إدماج التكنولوجيات الحديثة ضمن الأبحاث الجنائية وضمن العمليات الأمنية على العموم، كما تشمل تعزيز دور مختبرات الشرطة العلمية والتقنية ودور مختبرات تحليل الآثار الرقمية، واعتماد آليات الرصد واليقظة المعلوماتية في تتبع تطور الجريمة، فضلا عن اعتماد الرقمنة الشاملة وآليات الحكامة المعلوماتية الموحدة ضمن مساطر وآليات العمل الداخلية لمصالح الأمن الوطني مركزيا وجهويا.

فرق أمنية متخصصة ومصالح متطورة في محاربة الجريمة

لضمان النجاعة والجاهزية المطلوبة في مجال مكافحة الأنماط الإجرامية المستجدة، عملت المديرية العامة للأمن الوطني على إحداث فرق متخصصة في مكافحة العصابات والجريمة بكافة أنواعها من بينها فرق الـ«BAG» وذلك بمختلف ولايات الأمن التابعة لها، كالدار البيضاء، فاس، الرباط، أكادير، القنيطرة، العيون، مراكش، طنجة، وجدة، مكناس، بني ملال، سطات وتطوان، فضلا عن تعميم هذه التجربة التي أثبتت نجاحها بمصالح الأمن الجهوي والإقليمي بالعديد من مدن المملكة، مع العمل أيضا على نقل تجربة فرق مكافحة العصابات إلى بنيات ترابية جديدة على المستوى المحلي، في أفق تعميم هذه التجربة على باقي المناطق والمفوضيات الأمنية بسائر التراب الوطني.

من بين المصالح الحديثة التي عززت عمل المديرية العامة للأمن الوطني مؤخرا، نجد مصلحة مكافحة الجريمة المرتبطة بالتكنولوجية الحديثة، المتواجدة على مستوى مديرية الشرطة القضائية، إضافة إلى الوحدات الجهوية التابعة لها، التي تهدف إلى التصدي للجريمة الإلكترونية.

وتعمل هذه المصلحة على محاربة نوعين من الجرائم الإلكترونية؛ الأول يستهدف الجرائم المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال عبر الاختراقات وزراعة الفيروسات ومسح وتدمير المعطيات، فيما النوع الثاني يتعلق بجميع الجرائم التقليدية والتي تتم عن طريق الإنترنت، كانتحال صفة والنصب والابتزاز والإرهاب الإلكتروني وجميع الجرائم الكلاسيكية بمجرد أن تدخل في الإطار المعلوماتي.

محاربة الجريمة والمخدرات حصيلة إيجابية

كان لسياسة التحديث التي عرفتها المديرية العامة للأمن الوطني، الأثر الكبير على محاربة الجريمة والمخدرات، حيث تضمنت الحصيلة السنوية المعلن عنها مطلع السنة الجارية، انخفاضا ملحوظا في عدد القضايا الزجرية المسجلة بناقص 30,22 في المائة، بعدما تم تسجيل 820 ألفا و274 قضية، أسفرت عن ضبط وتقديم 875 ألفا و879 شخصا أمام مختلف النيابات العامة؛ في حين لم تتجاوز إحصائيات الإجرام العنيف سقف 6,59 في المائة فقط من الرسم البياني العام.

ووفق نفس الحصيلة، أكدت المديرية، أن معدل الزجر، وهو نسبة استجلاء حقيقة الجرائم المرتكبة، حافظ على تسجيل مستويات قياسية للسنة السادسة على التوالي، إذ ناهز 94,34 في المائة في إجمالي القضايا المسجلة، وحوالي 85,34 في المائة في الجرائم العنيفة؛ وهي مؤشرات نوعية وقياسية ساهم فيها بشكل أساسي تطوير آليات البحث الجنائي، وتكريس الدور المحوري للشرطة العلمية والتقنية في الأبحاث المنجزة، والتنسيق المثمر بين مصالح الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، فضلا عن التبليغ الفوري للضحايا والشهود عن الجرائم المرتكبة، وهو ما قلص بشكل كبير من مؤشرات “جرائم الظل” وساهم في زجر المتورطين فيها.

ومكنت العمليات الأمنية المكثفة خلال سنة 2022 من تسجيل ارتفاع بنسبة 8 في المائة في مؤشر قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية، بسبب تكثيف وتنسيق التدخلات الميدانية المشتركة بين الشرطة القضائية ومصالح مراقبة التراب الوطني، إذ تمت معالجة 92 ألفا و713 قضية، وتوقيف 120 ألفا و725 شخصا، من بينهم 241 أجنبيا. كما بلغت ضبطيات مخدر الحشيش 98 طنا و543 كيلوغراما، مسجلة تراجعا قدره ناقص 49 في المائة، و190 كيلوغراما و178 غراما من الكوكايين، الذي تراجع بدوره بناقص 87 في المائة، وكيلوغرامين و821 غراما من الهيروين، مسجلا هو الآخر انخفاضا قدره ناقص خمسة في المائة، في وقت سجلت فيه شحنات المؤثرات العقلية المحجوزة (الإكستازي والكبتاغون والأقراص الطبية المخدرة) ارتفاعا بـ85 في المائة بعدما ضبطت مصالح الأمن ما مجموعه مليونين و668 ألفا و473 قرصا مهلوسا.

باختصار، تعتبر المديرية العامة للأمن الوطني وسائل التكنولوجيا الحديثة أدواتا فعالة في محاربة المخدرات والجريمة، وهو ما مكنها اليوم من تحقيق نتائج إيجابية في مجال اشتغالها، جعلها تحظى بمكانة دولية مرموقة، ومحط اهتمام كبير من لدن كبريات المؤسسات الأمنية على الصعيد القاري والعربي والعالمي، حيث يتجلى هذا الاهتمام في عقد اتفاقات شراكة وتبادل الخبرات مع العديد من هذه المؤسسات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى