
يبدو أن مشاورات تشكيل الحكومة دخلت نفقا مظلما بعد أكثر من شهر على تكليف الملك محمد السادس لعبد الإله ابن كيران، بعد تصدر حزبه لإنتخابات 7 أكتوبر الماضي.
فقد صرح ابن كيران بنفسه أن المشاورات تطبعها الإنتظارية، واعترف بأن مساعي تشكيل الحكومة تواجه عراقيل حقيقية، مشيرا إلى أنه سيعود إلى الملك في حال عجزه عن تشكيلها، دون أن يحدد سقفا زمنيا لذلك.
في هذا السياق، عرف المشهد السياسي تحولا غير مسبوق، زاد من مصاعب رئيس الحكومة، حيث أعلن كل من حزب الاتحاد الدستوري وحزب التجمع الوطني للأحرار تشكيل تحالف داخل مجلس النواب، وهو ما أكد عليه بلاغ صدر نهاية الأسبوع الماضي عن حزب الحصان، مكرسا بذلك تحالفا “استراتيجيا” بين الحزبين، وتبعا لذلك سيكون موقفهما من المشاركة في الحكومة موحدا.
وفي نفس السياق، أعلن حزب الحركة الشعبية في المجلس الوطني الأخير، ولو ضمنيا، عن ربط مصير مشاركته في الحكومة بموقف حزب الحمامة، وهو القرار الذي اعتبرته أوساط سياسية “غامضا”، ولم يكشف الموقف الواضح لحزب السنبلة من المشاركة في الحكومة من عدمها.
وفي جانب آخر، أعلن حزب الاتحاد الاشتراكي أنه سيستمر في مشاوراته مع رئيس الحكومة للمشاركة في هذه الأخيرة، بناء على الاتفاقات التي يمكن التوصل إليها حول البرامج والتصورات. وهكذا يبدو أن حزب الوردة ربط مشاركته في الحكومة بشروط معينة، ستؤكد الأيام القادمة هل سيقبلها ابن كيران أم سيدفع رفضها إلى عدم المشاركة.
ومن الأمور التي صعبت من مهام ابن كيران في تشكيل حكومته، هناك أيضا إعلانه البحث عن 20 مقعدا لتحقيق أغلبية برلمانية، بعد تشكيله للتحالف بين حزبه وحزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية، الأمر الذي رفضته الأحزاب الأخرى، واعتبرته تقليصا من حجمها السياسي، وردا على ذلك لجأت إلى تشكيل تكتلات حزبية داخل مجلس النواب.
وهكذا نجد أن كل الأحزاب السياسية، بإستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أعلن منذ البداية الركون إلى المعارضة، راغبة في الحصول على جزء من “كعكة” الحكومة، غير أن مواقفها الضبابية، وغياب الوضوح أزم الأوضاع السياسية، إلى درجة بات معها الإعلان عن تشكيل الحكومة من شبه المستحيل.
وفي الوقت الذي دعا حزب الوردة إلى الإسراع في تشكيل الحكومة محذرا من خطر الفراغ الحالي، توقع حزب الاستقلال تأخر تشكيل الحكومة حتى مطلع العام المقبل.
واتهم شباط في لقاء جمعه مع عدد من الصحفيين أول أمس السبت، جهات ، لم يحددها ، بممارسة ضغوطها على الأحزاب السياسية كي لا تشارك في ائتلاف حكومي يقوده عبد الإله بنكيران. ويبدو أنه يوجه بذلك أصابع الإتهام إلى حزب الأصالة والمعاصرة ، عبر الضغط على بعض الأحزاب السياسية، وخاصة حزب “التجمع الوطني للأحرار”.
وأمام هذه الخريطة السياسية التي تتميز بالغموض والضبابية ، وفي ظل التصريحات المتناقضة والاتهامات المتبادلة بين الفرقاء السياسيين ، يبدو أن الحكومة ، إذا ما قدر لها أن تظهر إلى الوجود، فستكون بواسطة عملية “قيصرية” . وهو السبيل الوحيد لفك ابن كيران من مأزق لا يحسد عليه، وهو ما أشارت إليه صحيفة “الأسبوع الصحفي” في عددها الأخير، عندما توقعت تدخل مستشار الملك فؤاد عالي الهمة من أجل تسهيل عملية تشكيل الحكومة.



