الأخبارخارج الحدودمستجدات

في ملف خاص “جون أفريك” ترصد 60 سنة من الخلافات بين فرنسا والمغرب

الخط :
إستمع للمقال

خصصت مجلة “جون أفريك” في عددها الخاص مجموعة من المقالات والتحليلات للأزمات التي عرفتها العلاقات المغربية الفرنسية سابقا وعنونته بـ” المغرب- فرنسا ستون سنة من الخلافات”، مشيرة إلى أنه من قضية المهدي بن بركة إلى قضية مايسمى بـ “بيغاسوس”، لم تكن العلاقات بين الرباط وباريس نهرًا طويلًا وهادئًا.

بداية الأزمة بين فرنسا والمغرب

عودة إلى ستين عامًا مضت، في مستهل الملف أشارت “جون أفريك” إلى الصداقة المتميزة التي تربط بين البلدين، مؤكدة على أن أزمات مضطربة شيئا ما تخللت هذه العلاقة، منذ الاستقلال في عام 1956.

وفي هذا السياق أشارت المجلة الفرنسية إلى أن اختطاف المهدي بن بركة في قلب باريس أدى إلى استحالة الحوار وتجميد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لعدة أشهر. وستلي ذلك أحداث أخرى في عهد جورج بومبيدو وفرانسوا ميتران، ثم نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند.

وأضافت أنه رغم أن هذه الأحداث مهما كانت متفاوتة الأهمية والخطورة، وتدعو بطريقة ما إلى تخطي الأزمة الحالية بين الرباط وباريس، فإن كل هذه الوقائع تميل إلى إظهار أن التعاون السياسي والاقتصادي بين الرباط وباريس يقوم قبل كل شيء على حالة العلاقات الشخصية والتفاهم الجيد بين الملك محمد السادس وساكن الإليزيه.

لكن وكما قال مصدر رسمي في الحكومة المغربية لمجلة “جون افريك” فاتح مارس الماضي، فإن هذه العلاقات حاليا “ليست ودية ولا جيدة”. وبهذه الطريقة تم إبلاغ الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي أراد التخفيف من حدة البرودة الحالية بين العلاقات التي تربط الرباط وباريس، أن الشتاء سيدوم. وأنه سيكون من الضروري الانتظار حتى نهاية ولايته لكسر الجمود الذي وجدت العلاقات المغربية الفرنسية نفسها فيه. ما لم يقرر رئيس الدولة الفرنسي إعادة النظر في الطريقة التي يتعامل بها مع قضية الصحراء المغربية.

كيف تسبب اختطاف بن بركة في القطيعة بين شارل ديغول و المغفور له الملك الحسن الثاني؟

في صباح يوم 3 نونبر 1965، كان شارل ديغول غاضبا من الملك الحسن الثاني وذلك بسبب تقرير تم تقديمه إليه، والذي يقول بأن العديد من عملاء الدولة الفرنسية وربما حتى “الأجهزة” ساهمت في اختطاف المهدي بن بركة في باريس في 29 أكتوبر وأنه منذ هذا الاختطاف، لم يظهر للمعارض المغربي أي أثر.

وفي عام 1956 واستقلال المغرب، كتب البلدان معا صفحة جديدة في علاقتهما. لكن اختطاف المهدي بن بركة اعتبر إهانة شخصية للرئيس الفرنسي، حيث شكل الحدث أول أزمة حقيقية في العلاقات الفرنسية المغربية بعد الاستقلال.

في 5 نونبر 1965، في فاس، تلقى الحسن الثاني من يد العقيد روبرت تويا، الذي استقبله بنفسه من مبعوث Quai d’Orsay، استنتاجات التحقيق الفرنسي، وكذلك طلبا من شارل ديغول: بإقالة أو استقالة محمد أوفقير من الداخلية إلا أن الملك الحسن الثاني، اعتبر هذا الطلب تدخلا فرنسيا وهراءا.

في أعقاب ذلك، في 8 نونبر 1965، صدرت مذكرة توقيف دولية وطلب تسليم ضد جورج بوشييش، وهو لاجئ في المملكة. وفي 12 نونبر كما أصدر قاضي التحقيق الفرنسي المكلف بالتحقيق القضائي إنابة قضائية دولية للاستماع إلى محمد أوفقير وأحمد دليمي. لكن الحسن الثاني أمر حكومته بمعارضة تطبيق ذات المذكرات.

وفي 20 يناير، أصدر قاضي التحقيق ثلاثة أوامر اعتقال دولية بحق الجنرال محمد أوفقير وأحمد دليمي والملقب بالعربي الشتوكي، أحد عملاء الأجهزة المغربية. لكن الخطوات لم تنجح مع الرباط، والتي بالنسبة للرئيس ديغول، هو “اعتراف بالذنب”. نتيجة؟ منذ 23 يناير 1966، تم “تعليق” العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتم استدعاء سفير باريس إلى الوطن الشيء نفسه قامت به الرباط.

المواجهة حول حقوق الإنسان

على الرغم من التقارب الفكري بين الحسن الثاني وفرانسوا ميتران، فإن نشر كتاب “صديقي الملك” بواسطة جيل بيرولت أشعل نار الخلافات مرة أخرى.

وقد بدأ كل شيء في فبراير 1990، عندما نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا يدين حقوق الإنسان في المملكة، تناقلته وسائل الإعلام الفرنسية على نطاق واسع وهو مايصطلح عليه في قاموس تلك المنظمة بـ” جرائم ضد الإنسانية”.

وفي هذا الصدد فإن الحسن الثاني الذي كان مدركًا للتطورات الجارية، رد بإنشاء مجلس استشاري لحقوق الإنسان (CHRC)، وبعد عام، سيتم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين لأول مرة.

وأقدمت الرباط على تغيير سفيرها بفرنسا يوسف بلعباس التعارجي، بشخصية أكثر صرامة لاسيما أقل حبا لفرنسا والذي يتكلم قليلا: عباس الفاسي.

لتخفيف التوترات، أرسل رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل روكار رسالة في 2 نونبر أكد فيها من جديد رغبة الحكومة الفرنسية في الحفاظ على تعاون وثيق مع الرباط. وبهذه الطريقة، يسعى إلى تبديد المخاوف المغربية التي سببها على وجه الخصوص الإعلان عن زيارة مقبلة من قبل دانيال ميتران، زوجة الرئيس، لمحتجزين صحراويين في مخيمات تندوف.

كما أرسل كذلك وزير الخارجية رولان دوما إلى الرباط للتوضيح في محاولة لنزع فتيل التوتر، وعقب ذلك خففت العلاقات إلى حد ما في السنوات التي تلت ذلك. ولكن لم تعد العلاقات بين باريس والرباط إلى طبيعتها الكاملة إلا بعد انتخاب جاك شيراك للرئاسة في عام 1995.

عبد اللطيف حموشي صفعة نويي والاحتجاج القوي

أدت محاولة الشرطة الفرنسية استدعاء رئيس المخابرات المغربية في عام 2014 إلى تقويض الثقة بين البلدين بشكل دائم.

وأفادت المجلة أنه في يوم 20 فبراير 2014، ذهب سبعة ضباط شرطة إلى نويي سور سين وطرقوا باب مقر إقامة سفير فرنسا لدى المملكة، شكيب بنموسى. أتوا لتسليم استدعاء من قاضي التحقيق. إجراء عادي، باستثناء تفصيل واحد: المتهم المطلوب هو عبد اللطيف حموشي، 48 عاما، المدير المركزي للإدارة العامة لمراقبة التراب المغربي، “الشرطي الخارق” للملك محمد السادس.

ولم يمض وقت طويل على رد الفعل المغربي: استدعت الرباط السفير الفرنسي في الرباط لإبلاغه ب”الاحتجاج الشديد” للمملكة، ورفضت “رفضا قاطعا” الاتهامات الموجهة إلى رئيس مخابراتها، ثم علقت التعاون القضائي مع فرنسا. وقدمت وزارة الداخلية في المملكة شكوى بتهمة التشهير والاستنكار والقذف.

وفي هذا الصدد أكد فرانسوا هولاند ورئيس وزرائه مانويل فالس أنهما لم يكونا على علم بالاستدعاء. اتصل رئيس الجمهورية بمحمد السادس مساء 24 فبراير في محاولة لتهدئة الوضع. وعلى الرغم من هذه الرغبة في التهدئة، فإن تهدئة العلاقات كانت طويلة ومتعرجة، وهجمات يناير 2015 ضد شارلي إبدو هي التي ستساهم في صفو جو العلاقة.

بعد أسابيع قليلة من هذه الهجمات، حل وزير الخارجية، لوران فابيوس، إلى المغرب، وسرعان ما تبعه وزير الداخلية برنار كازنوف، الذي أعلن أن عبد اللطيف حموشي سيرفع إلى رتبة ضابط في جوقة الشرف. 

وبعد ما يقرب من عقد من الزمن، لم يستعد البلدان الثقة التي كانت قائمة من قبل. “هذه الحادثة كانت بطريقة ما الخطيئة الأصلية، وقوضت بشكل دائم الثقة بين الشريكين”، يقول مصدر مقرب من عبد اللطيف حموشي للمجلة.

ويضيف مصدرنا أن القضية كان لها عواقب بشكل مباشر أو غير مباشر على  المستوى الأمني للغاية: “لقد وضع عبد اللطيف حموشي أيضا حدا لتسهيل عمل الأجهزة الفرنسية، وخاصة DGSE.

وشددت المجلة على أن هذا الإجراء لا تقدره باريس كثيرًا، ولكن، المصدر كواحد من المعارف النادرة جدًا لمكتب تمارة حيث يعمل هذا الفاسي الذي يشبه الجندي الراهب، يتذكر «الحموشي محترف ووطني يعرف ولاءًا واحدًا فقط: ملكه وبلده مجتمعين».

وخلصت المجلةإلى أن الأمريكيون يعرفون هذا منذ أوائل عام 2000، عندما قوبل طلب جورج تينيت رئيس وكالة المخابرات المركزية، باستقطاب عبد اللطيف الحموشي من خلال منحه الجنسية الأمريكية ومنصب رفيع، (قوبل) برفض مدوي: “أنا مغربي ، مغربي سأبقى، مغربي سأموت”. ويخلص المصدر نفسه إلى أن “الفرنسيين مضطرون إلى إيجاد الحل لتخفيف هذه الأزمة “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى